محمد وداعة
قبل عام تقريبآ ، تكونت مجموعة صغيرة من المهتمين بمبادرة من الاستاذ مجدى عبد القيوم ( كنب )، كان الغرض منها اعادة تسمية و تعريف المصطلحات المتداولة ، و بالذات فى الجوانب التنويرية ، و على الاخص ما يتعلق بالحكم المدنى و الدستور ، ثورة ، عدالة انتقالية ،الفترة الانتقالية ، الحكومة المدنية ، حقوق الانسان السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية ، و ضبط الوظائف مثل خبير ، صحفى، اعلامى ، محلل .. الخ ، من ضمن اجتهادات هذه المجموعة محاولة وضع توصيف معرفى و مهنى للمحلل السياسي و الذى يجب أن تتوافر فيه المعرفة والثقافة والتخصص والدقة، التجرد والموضعية، و البعد عن المقاربة او التحايل للوصل الى استنتاجات قطعية ، و ان يتحلى بتحرى الحقيقة و الصدق فيما يتحدث فيه ، و لعل اهم ما يميز المحلل السياسى امتلاكه للمعلومة الصحيحة بنفسه او من مصادره الموثوقة، المجموعة قدمت اجتهادات فى تعريف موضوعات التحليل و التفريق بينه و بين الراى ، و ما بين المقال و العمود الصحفى ، و تم التخطيط لقيام ورش عمل و ندوات فى هذا الخصوص .
منذ انقلاب 15 ابريل 2023م ، انتشر فى وسائل الاعلام و خاصة القنوات الفضائية عدد من الاسماء تتم استضافتهم للتعليق على الاحداث او تقديم تحليلات عن سيرالمعارك بين الجيش و قوات التمرد بصفة (الكاتب الصحفى والمحلل السياسى) ، و احيانآ يتم تقديمهم او يقدمون انفسهم بصفة خبراء ، و تصفهم القنوات ايضآ و تشكرهم على اقوالهم بهذه الصفات ، اغلب هؤلاء لم يسمع بهم احد و غير معروفين فى الاوساط الصحفية و الاعلامية ، ومنهم المحللون ، يتحدثون باسراف عن قضايا لا يمكن ان يكونوا خبراء فيها او فى مقدورهم تحليل ما يحيط بها ، و فى الغالب هم يقدمون وجه نظر شخصية تعبر عن اراءهم ، او اراء من يقفون خلفهم ، فيرسلون الحديث دونما تدبر .
التحليل السياسي ايتها القنوات الفضائية ، هو عملية بحثية غير قطعية للاحتمالات او المسارات التى تسلكها اى عملية او ظاهرة تحتمل الرأى او التفسيرالاخر ، ولذلك لا بد ان يستند على المعلومات ، لا الامنيات، بحيث يمكن من خلالها الربط بين الوقائع و الاحداث و الظواهر ، لخلق علاقة بين المخرجات السلبية و الايجابية لاى تحليل، واضعين فى الاعتبار التأثيرات و المصالح الدولية و التدخلات الخفية و العلنية ، و بهذا فان التحليل يتخطى سرد الوقائع بظروفها الزمانية و المكانية الى محاولة قراءة المستقبل ، و مفاتيح ذلك هى ماذا ؟و لماذا ؟و متى؟ و كيف ؟ كما يقول دائمآ الاستاذ حيد المكاشفى ،
بهذا فان التحليل السياسى ، هو احد اهم مدخلات صناعة الراى العام ، و احيانآ كثيرة احد اهم مرتكزات صناعة و اتخاذ القرار، ومن هنا تتأكد خطورة ما ينسب الى بعض المتحدثين بصفتهم محللين او خبراء ، مع ملاحظة بروز ظاهرة جديدة من محللى التسطيح الذين يلوون عنق الحقائق ، يزينون الباطل ، و يجملون القبيح ، انهم يكذبون ، درجت عدد من القنوات الفضائية على اطلاق هذه الصفات على ضيوفها بغرض اضفاء قدر من المصداقية على ما تقدمه من تغطية مضللة للاوضاع فى السودان و بالذات منذ 15 ابريل 2023م ،
يوميآ نستمع الى هراء من يوصفون بمستشارى حميدتى ، و ما يثير الرثاء ان كل هؤلاء المستشارين ينكرون وقائع على الارض يعيشها الشعب السودانى بتفاصيلها و فظائعها ، تتمثل فى احتلال المنازل و نهبها ، و سرقة سيارات المواطنين و المؤسسات و الشركات، استباحة المستشفيات و المرافق المدنية ، نهب البنوك و الاسواق، ومحاصرة الجنينة و نيالا و ارتكاب المجازر و ترويع السكان ، و ارتكاب جرائم العنف الجنسى و الاغتصاب الموثقة ،فلمن يوجهون خطابهم ؟ ، لا احد يستطيع الجزم بانهم فعلآ يقدمون هذه الاستشارات الى قيادات القوات المتمردة و خاصة للاخوة دقلو ان كانوا حتى الان يستطيعون تلقى الاستشارات و النصائح ، عزت و عمران الاكثر ضجيجآ كيف تتواصلون مع الاخوة دقلو ؟
12يونيو 2023م