خلال الأيام القادمة سوف يخصص مجلس الوزراء بالسودان جلسة لمناقشة موضوع الأمن الغذائي العربي، على ضوء الفرصة المتاحة الآن للسودان ليكون فاعل رئيسي في هذا الملف الهام. خصوصاً بعد الحرب الروسية الأوكرانية، وتأثيراتها على أوضاع الأمن الغذائي في المنطقة العربية.
سوف يناقش مجلس الوزراء في الجلسة وثائق رئيسية أهمها إعلان نواكشوط للأمن الغذائي العربي المستدام الصادر في 14 أبريل 2022، والبرنامج الطارئ للأمن الغذائي العربي وخطته التنفيذية التي أعدتها المنظمة العربية للتنمية الزراعية، ومبادرة الأمن الغذائي العربي المقدمة من دولة الكويت. ويتوقع أن تسفر المناقشات عن اعداد مقترحات السودان نحو تحقيق الأمن الغذائي العربي لتقديمها للقمة العربية بالجزائر في سبتمبر القادم، وللقمة الاقتصادية والاجتماعية مطلع العام القادم بموريتانيا.
يجادل البعض بأن تناول هذه الملفات في ظروف السودان الحالية غير مناسب، بسبب الأوضاع السياسية والأمنية المتردية، وأن الحكومة الحالية مؤقتة. ويرد على هذا بأن التخطيط للمستقبل ينبغي أن يتجاوز الواقع الحالي، لأن ما سيقدم من مشروعات ومقترحات لن ينفذ اليوم أوغداً إنما هي مخططات لأوضاع قادمة. وعلينا جميعاً أن نتذكر المعضلة التي واجهت رئيس الوزراء السابق الدكتور عبد الله حمدوك، الذي صرح في لقاء مع الجالية السودانية بجدة بعد خمسة أشهر من تنصيبه رئيساً للوزراء إنه لم ينجز شيئاً في الملف الاقتصادي، لأن حاضنته السياسية المتمثلة في قوى الحرية والتغيير لم تسلمه برنامجاً اقتصادياً حتى ذلك الوقت.
ان العقول السودانية قادرة على التخطيط الاستراتيجي بما يفيد البلاد وانسانها، وعلينا حشد هذه العقول من مختلف الاتجاهات السياسية تحت مظلة المجلس الأعلى للتخطيط الاستراتيجي، لإعداد الخطة والبرنامج التنفيذي الذي سوف يقدمه السودان، خصوصاً أن الجهة المكلفة بإعداد الاستراتيجية العربية للأمن الغذائي هي المنظمة العربية للتنمية الزراعية، التي يوجد مقرها بالسودان، ومديرها العام سوداني هو البروفسيور إبراهيم الدخيري، وبالتالي يسهل التواصل مع خبرائها لإعداد خطة السودان.
تشير بعض الدراسات الى أن الاحتياجات التمويلية لتنفيذ استراتيجية الأمن الغذائي العربي، الرامية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الرئيسية من داخل الدول العربية، هي في حدود 70 مليار دولار، تنفذ على مدى عشرة أعوام، بمعدل 7 مليار دولار كل عام. وتم اقتراح صندوق أو مؤسسة تمويلية تساهم فيها الدول العربية لتحقيق الهدف.
قد يكون من الملائم تقديم مقترح من السودان لاستضافة هذا الصندوق أو المؤسسة التمويلية ببلادنا، وتقديم كل التسهيلات لها، مع توقع أن يكون أكبر انفاق للصندوق بالسودان، لاحتوائه على كل الموارد والمكونات التي يمكن أن تحقق الأمن الغذائي العربي. والله الموفق.
