ايمن مزمل
تعجبني دائماً ثقة الشباب بأنفسهم وهم يحبسون انفسهم في شعارات تحتاج إلى خطوات عملية قابلة للتنفيذ!!!، تناقش أحدهم عن مآسي الحرب، حتى يهديك شعار (لا للحرب!!)، أعتقد انه (عين العقل)، فلا أحد عاقل يرغب في الحرب بالتأكيد، فيخطر على بالك سؤال آخر عن وضعية المتقاتلين الحاليين، فيهز كتفيه في بساطة قبل أن يقول (ما قلنا ليكم زمان العسكر للثكنات، والجنجويد ينحل!!)، ثم انه يخلد إلى منطقة الراحة التي إختارها لنفسه بعد أن يشعر انه قد ساهم في حل قضايا البلاد المعقدة بما أوتي من جوامع الكلم!!!، في العام 2019م كنت استعجب من حماس صديقي للثورة، وهو الذي يتقاضى راتباً شهرياً يصل إلى الألفين دولار أمريكي نظير عمله في إحدى شركات البترول الكبرى في البلاد، كنت أحسب أنه سوف (يتهور) ويُخرج حزام بنطاله ليسابق قوات مكافحة الشغب في (جلد) الثوار!!! ، يبدوا اني كنت مُخطئاً، فالرجل صاحب مبدأ كما يبدوا، أعتقد أنه قد هز رأسه يمنة ويسرى في أسى من طريقة تفكيري (البرغماتية) تلك، ثم أنه حكى لي قصة مؤثرة عن العبيد في المزارع الأمريكية في قديم الازمان وإنقسامهم إلى صنفين، عبيد الحقل، والذين يعملون في مزارع اسيادهم، بالطبع هم أقل درجة من العبيد الذين يخدمون أسيادهم داخل المنزل، فعبيد الحقل يقع على عاتقهم كافة الاعمال الشاقة التي تجعلهم يثوروا بين الحين والآخر، بينما من يُطفيء تلك الثورة هم العبيد (إخوانهم) الذين يعملون على خدمة أسيادهم نظير (فتات) من الطعام إضافي!!! أحسست بالاشمئزاز، وقلت (يالهم من أوغاد حقاً، لكن ياصديقي هل يوازي ذلك الفُتات مبلغ الالفين دولار شهرياً؟؟)، نظر لي بنفاد صبر، قبل أن يذكرني بشعاراته عن الحرية التي لا ثمن لها، وأنه بالدماء القانية تُبنى الاوطان، يالها من كلمات منعشة، صديقي الآن أصبح من كبار (البلابسة!! ) بعد أن دارات الحرب رحاها، وهو الآن ينتظر دوره للهجرة إلى بلادٍ تموت من البرد حيتانها عبر المنظمات المتخصصة في ذلك..!!!، لا أعلم لماذا تذكرت حينها ذلك الرجل الطماع والذي (ذبح) الدجاجة المسحورة التي تبيض له كل يوم (بيضة ذهبية!!) في القصة التراثية الشهيرة!!!، من الشعارات كذلك التي كُنت أتوقف فيها كثيراً (لا تسأل الطغاة لماذا طغوا، بل إسأل العبيد لماذا ركعوا)، أعتقد ان قائلها ما هو إلا وغدٌ رعديد!! ، هو يعلم علم اليقين أن الطاغية سوف يقتلع لسانه قبل أن يكمل سؤاله عن سبب طُغيانه!!! ،ففضل – بدلاً عن ذلك – سؤال (العبيد) و الذين لاحول لهم ولاقوة!!!، ثم إني قد قرأت (بوست) في إحدى مواقع التواصل الاجتماعي لشاب متحمس عن (خواجة) يسأله عن أحلامه فرد عليه بأنه يحلم ب(زوجه، ومنزل وسيارة)، فقال له الخواجه (هذه حقوقك!!! إنما أنا اسألك عن أحلامك!!)، لابد أن (الخواجة) قد أشعره بأن حياته عبثية!!! لأن الشاب قد غدى يقتلع أرصفة الشوارع، ويعمل على إغلاقها بالحجارة، قبل أن يُمجد (إطارات السيارات)، لانه مؤمن بأن الشوارع لاتخون!!!، ومن الغريب انه يؤمن كذلك بأن (الطلقة لاتقتل)، حتى أني اتسائل من اين له تلك الثقة؟؟ فالأيام أثبتت لنا بما لا يدع مجال للشك أن (الطلقة) أخطر مما كنا نظن..!!