متغيرات المشهد السوداني : « حميدتي » نادم على 25 أكتوبر .. يهادن الجيش .. ويهاجم النظام السابق .. ويستطعف الشباب • «البرهان » يجدد تأكيده على ضرورة توسيع المشاركة ويقبل دمج الدعم السريع في الجيش بقوة
»» مابين ورشة إطاري « الخرطوم » واجتماعات « جوبا » من سيقيم اتفاق السلام
القاهرة: صباح موسى :
تزايدت حدة التباينات بين القيادات العسكرية في السودان ما بين قادة القوات المسلحة السودانية وعلى رأسها الفريق عبد الفتاح البرهان، وبين قائد الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وذلك بين حديث البرهان المتكرر ومن قبله الفريق شمس الدين الكباشي عضو مجلس السيادة الإنتقالي في السودان،حول ضرورة توسيع المشاركة في الإتفاق الإطاري، وتجديد التأكيد بأن الجيش السوداني لن يقف صف جهة على حساب جهة في ساحة الصدام السياسي في البلاد، وبين حميدتي الذي يؤكد على الدوام أن الإتفاق الإطاري هو المخرج الوحيد للأزمة.
وتتصاعد حدة الخلاف بإعلان البرهان أن تنفيذ الإطاري هو دمج قوات الدعم السريع بالجيش، وهنا توقع الجميع أن الأزمة ربما تنفجر بين قطبي الحكم الحالي في السودان (البرهان- حميدتي)، ليعلن الأخير عن مؤتمر صحفي مفاجئ اليوم (الأحد)، وكان متوقعا حديث شديد اللهجة هذه المرة من حميدتي، إلا أن الرجل ظهر في خطابه غير رافض لدمج قوات الدعم السريع بالجيش مع ضرورة تحديد أزمنة لهذا الدمج، وفي سياق حديثه جدد الحديث عن ضرورة الإتفاق الإطاري، واعلان ندمه على القيام بـ (انقلاب 25 أكتوبر)، متهما النظام السابق باستغلال ذلك لصالحه .
ولم يخلو حديث حميدتي من لهجة استعطافية لشباب وشابات السودان وأنه إنضم للثورة لضرورة التغيير.
فما هي مؤشرات مثل هذا الخطاب المهادن للقوات المسلحة والاستعطافي لشباب الثورة والمهاجم للنظام السابق… هل استشعر حميدتي الخطر على مستقبله في الإنتقال الجديد بالسودان… (أفرو نيوز 24) تواصل قراءتها للمشهد السياسى في السودان ، وتبحث في هذا التقرير سر هذه التباينات في المكون العسكري في السودان ما بين تصاعد التصريحات وهبوطها في هذا التوقيت الدقيق الذي تمر به البلاد.
حميدتي نادم
قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) ألقى خطابا اليوم بمقر قيادته خص فيها فلول نظام البشير برسائل وتحدث عن العملية السياسية، مؤكدا موافقته على دمج الدعم السريع في القوات المسلحة مشترطا جدولا زمنيا متفق عليه، ووصف حميدتي قوات الدعم السريع بأنها مساندة للجيش، وقال ” إنها ليست دخيلة عليه، وصعد حميدتي من لهجته ضد من وصفهم فلول النظام السابق، مطالبا إياهم بالنأي عن الفتنة داخل المؤسسة العسكري” .
واعتذر حميدتي عن تأييده لإجراءات 25 أكتوبر، موضحا أنها انقلاب عسكري أصبح مدخلا لعودة النظام السابق مما دفعه العدول عنه والعودة للصواب -على حد تعبيره-، مضيفا أن ” النظام السابق تسبب في عزلة السودان عن المجتمع الدولي ” ، مشيرا إلى أن الإنتخابات القادمة ستكون دون تزييف أو تزوير.
وجدد تأكيده على المضي قدما في تنفيذ الإتفاق الإطاري والتزام الجيش به باعتباره مخرجا وحيدا للأزمة السياسية، وخاطب حميدتي النظام البائد قائلا ” لقد حكمتم هذه البلاد ثلاثون عاما دون وجه حق، وقسمتموها لدولتين، ونخاطبكم بأن ترفعوا أيديكم عن الفتنة “، مضيفا ” سنمضي في الاتفاق الإطاري حتى نهاية الطريق ” ، مجددا دعوته للحركات غير الموقعة أن تكون جزءا من الاتفاق الإطاري، معربا عن شعوره بالألم كلما أشاهد مظاهر الفقر، رابطا حل الأزمة الاقتصادية بالاستقرار السياسي والحكومة المدنية، وقال سنقف مع شعبنا في الضائقة الإقتصادية وسنقدم لهم الدعم.
الجيش لا يزايد
وقبل يومين قال البرهان ” إن القوات المسلحة ليس من شيمتها أن تبتدر المشكلات، ولن تنجر إلى المواجهات مع أحد، فواجبها أن تجنب البلاد الفتن، وستظل مؤسسة مستقلة عدوها كل من يقف ضد مصالح البلاد وأمنها واستقرارها، وشدد البرهان لدى مخاطبته (عرس جماعي في ولاية نهر النيل) على ألا مزايدة على الجيش الذي ليس له حزب ولن يوالي أحدًا أو مجموعة ويأتمر بإرادة شعبه فقط، وأكد أن القوات المسلحة لا تعادي أحدًا كما لن توالي أية فئة، وتريد أن يتوافق الجميع دعمًا لمصلحة البلاد، معبرا عبر عن رغبة الجيش في أن يتوافق الناس على القضايا التي تم طرحها في الإتفاق الإطاري، على أن يدور حولها النقاش بطريقة حقيقية وليست صورية، مضيفًا أننا لا نريد تكرار التجربة السابقة وإنما نحرص على أن تأتي الحلول بطريقة صحيحة وعلى أسس سليمة.
ونبه البرهان القوى السياسية بعدم استغلال مواقف الجيش لمصالحها، مؤكدًا على دعم كل من يعمل من أجل تحقيق مصالح البلاد وتقدمها، وكل حزب أو مجموعة سياسية تدعو للوحدة الوطنية والتداول السلمي للسلطة ستجد المساندة والتأييد من القوات المسلحة الحريصة على وضع حد للوضع الراهن وعلى وحدة البلاد التي تحيط بها مخاطر عديدة.
تباين وتراجع
حديث البرهان وحميدتي يؤكد وجود التباين بجلاء بينهما، ولكنه يؤكد في الوقت نفسه تراجع حميدتي بعدم تصعيد الخلاف مع الجيش، صحيح أكد على ضرورة الإلتزام بالإطاري، في وقت يؤكد فيه البرهان أيضا بالالتزام به شريطة توسعة المشاركة فيه. اللافت هو تصعيد حميدتي لهجومه على النظام السابق، لدرجة تقديم اعتذاره وابداء ندمه على إجراءات 25 أكتوبر، فما الذي يخشاه الرجل من النظام السابق وليس معلنا للجميع، وهل اصطفافه مع الحرية والتغيير المجلس المركزي يعني أنه يريد هروبا للأمام يضمن له عدم المحاسبة في المستقبل، يبدو أن قائد قوات الدعم السريع بين مقصلة النظام السابق الذي كان سببا في صعوده وتشكيل قواته بهذا الحجم وهذا التمويل، وبين سندان مستقبل غير معروف مصيره فيه؟، ليبقى السؤال الجوهري ماهي الضمانات الذي حصل عليها حميدتي لتأمين أوضاعه، وهل الموقعون على الإطاري بأيديهم ضمان عدم المحاسبة، أم أن ذلك كله في اطار مناوره سياسيه لجر حميدتي لتأمين سيطرتهم، وبعدها لكل حادثة حديث؟.
في المقابل يفسر بعض المراقبين مواقف حميدتي الأخيرة، بأن الرجل صادق بالفعل ويريد تحول ديمقراطي سليم بالبلاد، وأنه في سبيل ذلك يعترف بالأخطاء ويبدي الندم عليها، على أية حال مازال الغموض يلف المشهد السوداني، وسوف تكشف الأيام المقبلة النوايا إن كانت صادقة أم أنها مجرد مناورات وتكتيكات تخدم مصالح ذاتية، تعكس أن البلاد تسير في مكانها، لعدم وجود رؤى استراتيجية مدروسة تضع عجلة التغيير على الطريق الصحيح.
الصراع مستمر
على الصعيد المدني لم تهدأ حدة الصراع بين القوى السياسية المختلفة بالبلاد، ورغم استمرار الإجتماعات بين الموقعين على الإطاري، وبين من وقعوا على إعلان القاهرة، إلا أن قادة المركزي في تصريحاتهم مازالوا يؤكدون أنهم يجلسون فقط مع حركتي العدل والمساواة وتحرير السودان بقيادة جبريل ومناوي مضافا إليهم جعفر الميرغني رئيس الكتلة الديمقراطية، وأنهم لم ولن يفاضوا كل الكتلة، في وقت يؤكد فيه أصحاب الكتلة الديمقراطية بأنهم يفاضون ككتلة وليس كما تعلن الحرية والتغيير المركزي .
العجيب في هذا الخلاف المدني أن الذي يطغى عليه هو الخلاف على الأطراف، وليس على القضايا ووجهات النظر محل الخلاف، ما يعكس أن الخلاف (شكلي) وليس في مضمون إنهاء الأزمة، مع حفاظ أصحاب المركزي على أحقيتهم في تشكيل المشهد، وسط استنكار الآخرون من هذا اللهجة التي يصفونها بـ (الاستعلائية)، مجددين الرفض التام لها، وفي الأثناء ورغم عدم الوصول لإتفاق حقيقي يعلن للجميع، تؤكد الحرية والتغيير المركزي أنها بعد الفراغ من ورشها الأربعة والتي تبقى منها ورشة الإصلاح الأمني والعسكري بعد الإنتهاء من ورش تفكيك نظام الثلاثين من يونيو وتقييم اتفاق سلام جوبا وشرق السودان، أنها ستعلن عن تشكيل الحكومة قريبا وربما قبل حلول شهر رمضان كما أكد فولكر بيرتس رئيس الآلية الثلاثية التي تقوم على الإتفاق الإطاري وتنفيذه.
تقويم وتقييم
أما بخصوص ورش اتفاق سلام جوبا وشرق السودان والتي لم يحضرها أصحاب مصلحة حقيقيون سواء من الموقعين على اتفاق جوبا وجهات أصيلة في شرق السودان، فترى الحرية والتغيير المركزي أنها نجحت فيهما، مع رفض واسع لهما من حركات دارفور وقبائل البجا وغيرها من قبائل الشرق، والتي تصر على تجميد مسار الشرق في اتفاقية جوبا و إقامة منبر تفاوضي جديد للقضية يحضره كل الفئات المختلفة بالشرق لضمان عدالة ونزاهة الحل. وبالتزامن مع ورشة تقييم سلام جوبا أقامت عاصمة جنوب السودان اجتماعات أخرى لبحث معوقات تنفيذ اتفاق السلام على أرض الواقع وعمل مصفوفات جديدة للتنفيذ، بحضور الموقعين على الإتفاقية والضامنين، ورفض حضور الحرية والتغيير المجلس المركزي لأنها ليست طرفا فيه، وأن ممثلها لو حضر سيحضر لأنه كان عضوا في مجلس السيادة السابق.
وانتهت اجتماعات جوبا التقيمية للإتفاق اليوم (الأحد)، بسؤال جوهري للمراقبين بمن سيقيم ويقوم الإتفاق هل بورشة الموقعين على الإطاري أم باجتماعات جوبا؟، مع ملاحظة أن البرهان وكباشي كانا حضورا في التوقيع على تقييم عاصمة جنوب السودان، مع تأكيد البرهان أن ما تم في جوبا هو التقييم الصحيح ولا يوجد غيره، أما غياب حميدتي عن اجتماعات جوبا رغم أنه كان طرفا أصيلا في إتفاق السلام بها وساعد كثيرا في تنفيذه، ربما يعكس أنه اختار لنفسه صف الحرية والتغيير المركزي (الحليف الجديد)، بعد تركه للحليف القديم من حركات دارفور التي ساعدها كثيرا في اتمام اتفاق السلام الموقع بجنوب السودان في الثالث من أكتوبر عام 2020.
مصفوفة محدثة
البرهان أكد على التزام الحكومة الصارم بتطبيق المصفوفة المحدثة لتتفيذ اتفاق جوبا لسلام السودان في مواقيتها الجديدة، وقال لدى مخاطبته احتفال التوقيع على المصفوفة المحدثة في جوبا اليوم إن معاناة شعبي البلدين سببها الرئيس هو الحرب، وأضاف أننا لم نحصد سوى الدمار والخراب وتعهد بالسعي لعدم العودة إلى الحرب مرة أخرى، من جانبه رحب رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت بالجهود التي بذلت في سبيل تحقيق السلام مشيرا للدعم الذي قدمه الشركاء لتجاوز التحديات التي واجهت سلام جوبا.
تقييم السلام
وقالت لجنة الوساطة الجنوبية في بيانها الختامي لورشة تقييم تنفيذ اتفاق جوبا للسلام، إنها خلصت إلى مصفوفة محدّثة لتنفيذ الاتفاق، وأكدت موافقة قيادة الطرفين للتوقيع عليها، بحضور سلفاكير راعي الاتفاق، والبرهان، وعدد من الأطراف الإقليمية وَالدَولية الضامنة والشاهدة على الاتفاق، وقال مقرر لجنة الوساطة الدكتور ضيو مطوك، إنه في ختام مداولات اللجان الفنية للحكومة وأطراف العملية السلمية، التي استمرت لمدة 5 أيام، اتبعت الورشة منهجية عرض جميع بروتوكولات الإتفاق، ووقفت على التحديات والعقبات التي صاحبت التنفيذ، بوضع تصور متكامل لتحديث مصفوفة الإتفاق ورفعها لقادة الاتفاق لإجازتها والتوقيع عليها، وأضاف في تصريحات صحفية على هامش الإجتماعات، أن الورشة هدفت إلى تقييم تنفيذ الإتفاق، والوقوف على أوجه القصور في تنفيذه، وتذليل العقبات والتحديات، وإنشاء آليات للمتابعة والمراقبة والتقييم، لضمان التنفيذ بالكفاءة المطلوبة، لإرساء دعائم السلام وَالاستقرار في السودان، مؤكدا مشاركة كبار المفاوضين من حكومة السودان وأطراف العملية السلمية والضامنين والشهود. وفي السياق أكد مقرر لجنة الوساطة ضيو مطوك عدم إجراء أي تعديل في اتفاق جوبا لسلام السودان خلال جلسات اللجنة الفنية لورشة تقييم تنفيذ الاتفاق، وقال إن هنالك تعديلات في المصفوفات المنفذة بغرض رفع معدلات التنفيذ، وكشف أن التوقيع على المصفوفة الجديدة ستكون يوم الثامن عشر من شهر فبراير الجاري، مضيفا أن اللجنة المصغرة التي شكلتها اللجنة الفنية للورشة، راجعت جداول ومصفوفات مسارات الاتفاق خلال اجتماعها، ووضعت مصفوفة على نهج جديد، من خلال تصنيفها إلى ثلاث مجموعات، وتابع وضعت المواد والبنود التي تم تنفيذها بنسبة مائة في المائة ، في المجموعة( أ)، بينما وضعت في المجموعة(ب) المواد والبنود العاجلة التي تحتاج إلى قرارات عاجلة، ووضعت في المجموعة (ج) المواد والبنود المرتبطة بالمواد الموجودة في المجموعة (ب)، مشيرًا الى أن إجتماعات رؤساء التنظيمات والحركات التي بدأت اليوم، ستكون البداية الحقيقية لورشة تقييم تنفيذ إتفاق جوبا لسلام السودان، وأن ما سبقها من اجتماعات اللجنة الفنية تمثل تحضيرًا لإجتماعات القادة التي ستستمر لمدة يومين، وذلك بحضور الوساطة والضامنين والشهود، ،وأوضح مقرر لجنة الوساطة، أن قضية شرق وجدت اهتمامًا واضحًا خلال المداولات وستكون في صدارة اجتماعات رؤساء التنظيمات والحركات.
خلاف الشريكين
من جهته قال مني أركو مناوي حاكم إقليم دارفور إن هذه الورشة مهمة بعد مضي عامين من توقيع اتفاقية جوبا للسلام بعد بذل جهد كبير من اخواننا بالجنوب، وأكد مناوي خلال حفل التوقيع على المصفَوفة في جوبا أن ماتم انفاذه في الفترة السابقة ضئيل جدا بسبب عوامل عدة علي رأسها إختلاف شريكي الحكم العسكري والمدني بجانب عدم توفر الإرادة الكافية للتنفيذ بالداخل والخارج ثم تنفيذ غياب المراقبة الدولية وانصراف (يونتامس) عن الصرف في أماكن أخرى، إضافه إلى الحملة الإعلاميه التي وصفها بـ (المغرضة) ضد الاتفاقية، مشيرا إلى أن أهل دارفور ينتظرون آمال عراض في تنفيذ الإتفاقيه وتحسين أوضاعهم، مشدداً علي انفاذ الإتفاقية من جدول زمني محدود.
ورشة الخرطوم
وكانت ورشة تقييم وتقويم اتفاق جوبا للسلام في السودان والتي عقدت بدايات الشهر الجاري بالخرطوم، قد أوصت بنبذ خطاب الكراهية والتعصب وإعلاء قيم التسامح والتعاون، وإنشاء المفوضية الخاصة بالرعاة والرُحل الواردة في اتفاقية السلام، مؤكدًة المكاسب التي تضمّنها إتفاق النازحين واللاجئين، خاصة قضايا العودة الطوعية والتوطين في مناطقهم الأصلية، كما أوصت المؤتمر بإجراء التعداد السكاني، والتعويض وجبر (إصلاح) الضرر، وإعادة الإعمار والعدالة الانتقالية، والتحضير للانتخابات، وعقد المؤتمر الدستوري، وشددت على ممارسة كافة الحقوق المدنية والسياسية للنازحين واللاجئين على أساس المواطنة المتساوية، ودعت الحكومة الإنتقالية المقبلة إلى وضع قضايا النازحين واللاجئين في سلّم أولوياتها، بما فيها تشكيل الآليات المرتبطة بقضاياهم وإدماجهم في المشروعات الاقتصادية والتنموية، وأكدت المؤتمر على معالجة القضايا المستدامة لقضايا الرُحل والرعاة والمزارعين، وفق خطة قومية تشترك فيها كافة مؤسسات الدولة ذات الصلة في مجالات التعليم والصحة والثروة الحيوانية والزراعية، وناشدت أطراف السلام من القوى غير الموقعة على الاتفاق الإطاري بتحكيم صوت العقل والمشاركة في العملية السياسية النهائية.
خلاف شكلي
المتابع لنتائج مخرجات ورشة الخرطوم واجتماعات جوبا يرى أنها مكملة لبعضهما، وأن الخلاف ليس واسعا، لكن تكمن المشكلة الأساسية في الأطراف التي تناقش مثل هذه القضايا الحساسة، مايعكس أن الرؤى متقاربة في السودان، وأن الخلاف (شكلي) فيمن يرى في نفسه صاحب الحق في النقاش وتحديد أطرافه، ما يؤكد أن الأزمة السياسية عموما في السودان (بسيطة)، وتحتاج في أصلها إلى قبول الآخر، وعدم فرض وصاية طرف على طرف، وأن ما يغذي هذا الخلاف الشكلي تبني المكون العسكري لرؤية طرف، ثم يعاود ليؤكد أنه مع مشاركة الجميع، وهذا ما يزيد من ارباك المشهد، ويبقى أن الأزمة السياسية بالسودان ستظل حبيسة هذا الخلاف حتى تخلص النوايا، ويؤمن الجميع أن الإنتقال الديمقراطي السليم ينبغي أن يتم بمشاركة تأسيسية من مختلف التوجهات بالبلاد، لضمان قيام انتخابات حرة نزيهة تفرز قائد حقيقي يستحق القيادة بموافقة الشعب السوداني، ماعدا ذلك سيلعب كل طرف لصالح نفسه وسيمر الزمن ولن يتحقق شئ، وحتى وإن تحقق، سيلقى معارضة قوية ستعوق استمراره، وسيظل السودان في هذه الحلقة المفرغة، وربما تنتهي بخسارة التحول برمته.
آفرونيوز24