الثورة الفرنسية (كأي ثورة تحترم نفسها) لا شيء يقال عنها بمقارنة ثورات الشعوب في كل زمان ومكان، اعتقد انك سوف تتثائب لو حكينا عن ملك دكتاتور مثل (لويس السادس عشر) ملك فرنسا والذي ادخل بلاده في حروب لاداعي لها، واقتصاد مهتريء، وزوجة (حنكوشة) غير محبوبة هي (ماري انطوانيت). نعم…!! هي بعينها التي قيل لها ان الشعب لايجد الخبز فقالت إذن فليأكلوا (الجاتوه). يالها من عبقرية..!!! بالرغم انه لم تثبت صحة المقولة من عدمها لكن ما اعلمه يقينا انها كانت مُسْرِفة للغاية وكانت تعطي ببذخ لمن حولها في سرايا قصر فرساي حيث تقيم مع زوجها. ثم لدينا طبقة النبلاء (المترفة) والتي تعتقد أنها قد خُلقت لتستمتع بحياتها ليحاسب عامة الشعب (على المشاريب!!!). لا بد أن تكتمل الصورة بوجود رجال الدين والذين يُرغّبون الناس (كالمعتاد) على الصبر. وان جنة المأوى هي مآل الفقراء، مع انهم (أي رجال الدين) الاكثر استفادة من حكم الملك الجائر إياه. لم يبق الا شرارة انطلاق ثورة الشعب الجائع على طريقة (تسقط بس!!) والتي انطلقت باتجاه سجن الحاكم ورمز سطوته (سجن الباستيل). ولكن مهلاً، هل اصابك النعاس؟؟ دعونا نحكي عما بعد الثورة. كالمعتاد حاولت الدولة العميقة (كأي دولة عميقة تحترم نفسها!! )، من خلق صراعات وفتن، الدولة العميقة تمثلت في (النبلاء السابقين) والذين يملكون اموال هائلة هاجروا بها الى دول الجوار والتي تخشى من تصدير افكار الثورة لها، النمسا وبروسيا (المانيا حاليا). حتى أُسند الامر الى (ماكسميليان روبسبير). (روبسبير) في الاصل هو نبيل وحاكم لمدينة (آراس) الفرنسية. ثم انه آمن بفكر الثورة فأعلن عن تخليه عن الملك لويس السادس عشر وانضمامه للثوار. بعد نجاح الثورة أُنتخب رئيساً للجنة التنفيذية العليا وهيئة الامن العام لمكافحة الدولة العميقة (تماثل لجنة ازالة التمكين ولجان المقاومة). قبل أن يصبح هو نفسه دكتاتور بأفكار ثورية، بدأ بالتخلص من اي منافس له من زعماء الثورة عبر المقصلة، هو يؤمن بأن القتل هو الحل دائماً. قام بصياغة قوانين غريبة مثل قانون (التعرض للوطنية بالقذف او السب)، (بث روح اليأس عن المواطنين)، (انتهاك الاخلاقيات)، (افساد الضمير العام)، (تعكير البراءة والطهارة الثورية). النتيجة كانت خلال 9 اشهر تم قطع رقاب 16 الف شخص من ضمن هؤلاء (ماريا انطوانيت) زوجة الملك. من مقولاته الشهيرة لتبرير ما يفعل (يجب ان لايخلط الناس بين استبداد الحرية واستبداد الطغيان، فالشدة التي يلجأ اليها الطغاة مصدرها التعنت والقسوة، اما الشدة التي تمارسها الجمهورية فمصدرها حُب الخير)، روبسبير قدم الى المقصلة زميله الثوري (جورج دانتون) بسبب مطالبته بالرحمه حيث اعتبر ذلك نوع من الانحراف عن الثورة واتهمه بالتآمر. كما قام باعدام الثائر (ديمولان) الذي ألف كتاب عن اخلاقيات الثورة. روبسبير قام بتغيير اسماء الشوارع واسماء الشهور بل قام بوضع تقويم جديد يبدأ من بداية اعلان الجمهورية في فرنسا. ثم انه ابتكر دين جديد سماه (عبادة العقل) حيث حول الكنائس لمعابد للعقول قبل ان يرفع الحصانة عن اعضاء المؤتمر القومي (البرلمان) الا انهم تمردوا عليه بعد اعداد حملة عسكرية اقتحمت دار البلدية التي يجتمع فيها مع رجاله وتم إطلاق النار عليه، صحيح انه لم يمت فيها ولكن تم قتله بالمقصلة (بنفس طريقته المُحببه) لتنتهي فترة عصيبة من تاريخ الثورة الفرنسية والتي سميت بعصر الارهاب، تلك الفترة التي ظهرت فيها ولاول مرة المقولة الاشهر تاريخيا (بأن الثورة تأكل بنيها). اذا توقفت هنا سوف لن أكون منصفاً. الثورة الفرنسية نجحت بعد ذلك نجاحاً باهراً واصبحت مُلهمة لثورات العالم، فرنسا اصبحت دولة عظمى بعد ان كانت تتوجع من اقتصادها المهتريء.