من زاويةٍ أخري / محمد الحاج

لماذا يُستهدف السودان ؟

إن ما يجرى فى جميع مناطق العالم اليوم من احداث كانت و مازالت خلفه الولايات المتحدة, فهي ظلت تعمل بجهد متصل من أجل بسط نفوذها على كل مناطق العالم التى تحتوى على الموارد الطبيعية ومصادر الطاقة وتوظف سياستها الخارجية والداخلية لتحقيق هذا الهدف القومى. ومن هذا المنطلق فإن استهداف السودان يعتبر جزء أساسي فى الإستراتيجية الأمريكية إتجاه القارة الإفريقية وهى إستراتيجية أمريكية سياسية وعسكرية تعمل على وضع كل مقدرات القارة الإفريقية من موارد طبيعية وبشرية تحت تصرفها عبر إستراتيجية تعمل على إقصاء القوة الأخرى المنافسة لها وتطويع المجتمعات الإفريقية والدول الإفريقية عبر سيناريوهات التفتيت والتفكيك ثم التركيب بصورة تخدم النفوذ والمصالح الأمريكية وهذا موضوع مقالنا اليوم لماذا يتم استهداف السودان.

يظل السودان من المناطق التي تشكل أهمية قصوى لإنفاذ ما يسمي بمخطط القرن الإفريقي الكبير لما يشكله من أهمية جغرافية تحوي الموقع والموارد. فهذان البعدان يجعلانه في طليعة قائمة المطلوبين بل و أهمها، لذلك عمد المنتظم الدولي الجديد علي توسيع دائرة الصراع داخله و استخدام أدوات العنف المسلح ضد الشعب السوداني ضمن مفهوم عقدى بحت بعد فشلهم عدة مرات في ادخال نظامه السياسي تحت تبعية المنتظَم الدولي عن طريق آداة التحول السياسي او كما يسمى صناعة التحول الديموقراطي بادوات التغيير من الداخل.
لذا فإن ما نراه من إستهدف للسودان وبصورة متتالية الهدف منه فرض النفوذ الاقتصادي و العسكري للمنتظم الدولي الجديد علي الموارد الاستراتجية لكي يتم استعادة السيطرة و الهيمنة الاقتصادية على أفريقيا من خلال تحييد كل الأنظمة السياسية لخدمة هذا المشروع و الذي انصاعت له العديد من الدول قبل السودان.

و بالنظر لكل هذه المعطيات، نجد بأن السودان الحالي يشهد أكبر معركة وجودية منذ ولادته فكل ما نراه من احداث ضاربة في العمق السوداني هي عبارة عن صناعات ذات طابع سياسي واقتصادي و تقاطعات لمصالح إقليمية و دولية صُممت من أجل فرض السيطرة علي السودان و موارده، حيث تكشف الاحداث الحالية و مجرياتها الصورة الحقيقية لحجم الصراع القائم علي السودان وشعبه و الذي يحمل في طياته أسوأ مخطط لقتل الخليط العربي الإفريقي المتبقي الوحيد و استبداله بنموزج جديد وذلك بتفتيت البنية الاجتماعية للسودان ثم تشكيل جغرافيته بصوره تسهل السيطرة عليها من قبل المنتظَم الدولي آلجديد. هذه هي الخطة و التي نُسجت خيوطها للإيقاع بالأمة السودانية تحت وطأة النظام الاستعماري الجديد.

درج المنتظَم الدولي علي استخدام عدة وسائل للإيقاع بالسودان في مستنقع الصراعات فنسج خططه علي ثلاثة مراحل حتي يتمكن من السيطرة علي السودان.
بدات المرحلة الاولى باستخدم الغطاء الاقليمي و الدولي وذلك بإغلاق جميع الأفق أمام الدولة السودانية من تلقي أي دعم سياسي من محيطها الاقليمي و الدولي مُشكِّلة بذلك طوق حصار سياسي خارجي علي الدولة السودان لعدم تمكينها من استقبال اي دعم سياسي لاستعادة ترتيب اوضاعها الداخلية ثم بعد ذلك ادخالها في مسار واحد يتم اخضاع السودان به و هو مسار المفاوضات مع مليشيات الدعم السريع الأرهابية بعد فشل مجموعتهم السياسية و العسكرية الداخلية بالولوج الي سدة السلطة بإستخدام آداة الانقلابات العسكرية.

اما المرحلة الثانية فتنبع من واقع آخر تم تجريبه في المنطقة من أجل اخضاع الأنظمة التي تقف حجر عثرة في تنفيذ مشروع المنتظم الدولي وهو استخدام المنظمات الدولية و الإقليمية و شراء ذمم بعض الدول في دعم مسار سياسي للقوي الداخلية المنفذة لمشروع التغيير الذي يفرضه المنتظَم الدولي الجديد في تلك الدول التي تتبع للمشروع لتسويق الأجسام المشكلة للمسار السياسي للمجتمع الدولي علي انها تقوم بدور فاعل او تقف بصورة محايدة من أطراف الصراع كما حدث في حرب السودان ليتم بعد ذلك فرض هذه الأجسام السياسية علي الداخل السوداني من اجل تركيع السلطة السياسية الداخلية او القوي السياسية الصلبة التي وقفت ضد مشروع التغيير و دعم الجيش السوداني في مواجهة الميليشيات و العدوان الذي شنه اصحاب المشروع علي الدولة السودانية و شعبها.

اما المرحلة الاخيرة وهي تجري حالياً وهي استخدام سياسة المتناقضات و علي سبيل المثال ما تم من انقسام في القوي السياسية المكونة لتقدم وفض إرتباطها وهمياً لتخفيف حجم الضغوط التي تواجهها و تعديل الاخطاء الناتجة عن تنفيذ المخطط الذي تقوده هذه القوى السياسية بحيث يعكس انتمائها للداخل السوداني و ذلك من خلال رفض المقترحات التي أتت من نفس الجسم و من قادته الحاليين بتشكيل حكومة (ثمبهار بس نحنا بالمرصاد) مشكلة بذلك جبهة أخري لتشتت انتباه المجتمع الدولي و الاقليمي و تحيده لصالح القوي السياسية السودانية و التي تخدم مشروعه و فصل القوي السياسية السودانية الداخلة و الشعب السوداني عن قضيتهم الأساسية و هي كيفية استعادة مسار المشروع الداخلي و تحقيق اهدافه في قيام دولته السودانية الحديثة بمعزل عن تبعيته لاي مشروع خارجي و تحقيق ما ينشده السودانين بتحقيق هذا المرام.
ولذلك وجب علي جميع السودانيين توحيد صفوفهم و جبهتهم الداخلية والتصدي لهذا المخطط من أجل تبديد جميع خطواته و التي بالفعل تم تبديد أجزائه بصمود و عزيمة الجيش السوداني و بإلتفاف الشعب السوداني أجمع حوله.

ختاماً سوف تظلّ المحاولات لخنق الدولة السودانية وشعبها من قبل المنتظَم الدولي و ذلك بتكريس كل ما هو ممكن كما نراه حالياً سواء استخدام دول من المحيط الاقليمي او منظمات او استخدام المال السياسي لشراء ذمم العملاء لهزيمة عزيمة الشعب السوداني مما يجعلنا نقول و نلتزم بقولٍ فصلٍ واحد (جيش واحد شعب واحد ) لهزيمة جميع المخططات التي تحاك من أجل سقوط السودان .

القاهرة
٢١ فبراير ٢٠٢٥

اترك رد

error: Content is protected !!