الرواية الأولى

نروي لتعرف

فيما أرى / عادل الباز

لماذا ومتى وكيف ستتدخل إسرائيل فيحرب السودان؟ (٢)

عادل الباز


(1)
الحلقة الأولى من هذا المقال كانت ملخصًا لما نُشر في المراكز البحثية والمواقع الإخبارية من تقارير تهيئ الأجواء للزج بإسرائيل في حرب السودان، خدمةً لمصلحة الراعي الإقليمي لقوات الجنجويد.
اليوم نبدأ بالإشارة إلى رأي كاتبين مؤثرين في عملية اتخاذ القرار الإسرائيلي:
الأول نتال بئيري وهو رئيس قسم الأبحاث في مركز ألما الإسرائيلي للأبحاث والتعليم حول الأمن على الجبهة الشمالية لإسرائيل (Alma Research and Education Center). يُعرف بتحليلاته حول التهديدات الإيرانية، وخاصة نشاطات الحرس الثوري الإيراني في الشرق الأوسط، وكتب عدة تقارير ومقالات تربط بين النفوذ الإيراني وساحات مثل سوريا، لبنان، العراق، وغزة، ومؤخراً السودان. كتب نتال في 10 أبريل 2024 مقالًا بعنوان “السودان كممر بديل”، أشار فيه إلى ثلاثة مسارات بحرية وجوية وبرية تستخدمها إيران لنقل الأسلحة: من إيران إلى السودان بحرًا، ثم برًا عبر ليبيا أو مصر إلى الساحل المتوسطي، ثم بحرًا مرة أخرى إلى لبنان.أما الثاني فهو المحلل السياسي الأمريكي المؤيد لإسرائيل، نيغر إينيس Niger Innis، زعم في مقاله أن الرئيس البرهان يعمل ضمن استراتيجية إيرانية لتعزيز نفوذ طهران في إفريقيا، واصفًا إياه بـ”رجل إيران في الخرطوم”. وقال إن السودان بات يهدد المصالح الإسرائيلية، خاصة عبر البحر الأحمر، مشيرًا إلى احتمال استخدام السودان لنقل أسلحة أو معلومات استخباراتية. ودعا إلى تدخل إسرائيلي لـ”تحييد” البرهان، أو على الأقل عرقلة دوره، معتبرًا إياه تهديدًا للأمن القومي الإسرائيلي، وداعيًا إلى حرب استباقية في ظل توسّع النفوذ الإيراني خارج الشرق الأوسط.
(2)
الكاتبان الآخران هما أمجد طه، المدير الإقليمي للمركز البريطاني لدراسات وأبحاث الشرق الأوسط (BIC-ME)، والذي يكتب في جيروزاليم بوست والعربية وسكاي نيوز عربية، وإتيان نيشلوس، رجل أعمال يهودي. في مقالهما المشترك المنشور في 4 مايو 2025 بصحيفة The Jerusalem Post بعنوان “Sudan Is Becoming Africa’s Hamas” (السودان يتحوّل إلى حماس إفريقيا)، زعما أن القوات المسلحة السودانية أصبحت بمثابة حماس إفريقيا والذراع العسكري لجماعة الإخوان المسلمين. وادعيا أن إيران تلعب دورًا محوريًا في هذا التصاعد الإسلامي.وأضاف الكاتبان: “بورتسودان تحولت بهدوء إلى عقدة رئيسية في شبكة تهريب الأسلحة الإيرانية، لتصبح مركزًا لوجستيًا لتسليح وكلاء طهران من القرن الإفريقي إلى الساحل”.بناءً على هذه المزاعم، طالبا بـ:
إعادة تأطير الحرب في السودان كتهديد إرهابي استراتيجي.
فضح التحالفات الإسلامية التي تحيط بالقوات المسلحة السودانية.
منع وصول الأسلحة والتمويل إلى هذه الجماعات.
تأمين البحر الأحمر عبر تكثيف عمليات المراقبة والردع.
(3)
في 30 يونيو 2025، كتبت الصحفية الإسبانية ناتاليا كوادروس، المتخصصة في الشأن الإفريقي، مقالًا بعنوان: “يجب أن يرحل البرهان”، دعت فيه إلى تسليم السلطة لحكومة مدنية حقيقية مستقلة عن التنظيمات الإسلامية. وأضافت: “رغم أن أمريكا ربحت معركة حاسمة، إلا أن الحرب ضد العدوان الإيراني لم تنتهِ بعد. لا يزال النفوذ الخبيث لطهران يزدهر من خلال برامج الصواريخ والميليشيات وشبكات الإرهاب، التي وصلت إلى السودان”.
(4)
بثّت فضائية سكاي نيوز عربية، المعروفة بتمويلها، تقريرًا بعنوان: “إلى ماذا تستند اتهامات ربط قادة الجيش السوداني بسلاح إيران؟”، أشارت فيه إلى خمسة تقارير دولية أكدت تزويد الجيش السوداني بأسلحة متطورة من إيران، ونقل طائرات مسيّرة (Mohajer-6 وAbabil-3) عبر طائرة شحن إيرانية (Fars Air Qeshm Boeing 747) هبطت في بورتسودان بتاريخ 17 مارس.وفي 1 يوليو 2025، بثت القناة تقريرًا آخر بعنوان: “تقارير إسرائيلية تصف البرهان بـ‘رجل إيران في السودان’”، نقلت فيه عن صحيفة جيروزاليم بوست وصف البرهان بأنه أداة طوعية لتوسيع النفوذ الإيراني في إفريقيا والشرق الأوسط، وكررت الإشارة لهبوط طائرة الشحن الإيرانية المذكورة.
(5)
نشرت صحيفة “الصيحة” السودانية في 5 يوليو 2025 تقريرًا بعنوان: “بعد حرب الـ12 يومًا.. تحالف البرهان وإيران في الميزان”، كشف عن هشاشة التحالف بعد الضربات الإسرائيلية والأمريكية على منشآت إيرانية، وتلميحات بأن طائرة شحن إيرانية كانت تنقل طائرات مسيّرة من طراز شاهد-129 تم إسقاط بعضها.
(6)
أما صحيفة الشرق الأوسط، فقد نشرت في 14 يونيو تقريرًا بعنوان: “إسلاميو السودان لرفع راية المقاومة مع إيران”، ذكرت فيه أن الحركة الإسلامية أعلنت تأييدها لإيران، في حين التزمت الخارجية السودانية بموقف متوازن.
(7)
في 27 يونيو 2025، نشر موقع Beto.cd، أشهر المواقع الإخبارية في الكونغو – كينشاسا، تقريرًا باسم هيئة التحرير بعنوان: “بعد حرب الـ12 يومًا.. تحالف البرهان وإيران في الميزان”، جاء فيه: “تفيد تقارير إعلامية بوجود توتر شديد داخل حكومة بورتسودان، في وقت تفيد فيه معلومات بأن إسرائيل تدرس تنفيذ ضربة عسكرية ضد قوات البرهان بسبب تعاونه المتزايد مع إيران”.
يُذكر أن صندوق أبوظبي للتنمية (ADFD) يستثمر ما يقارب 2.8 مليار درهم (764 مليون دولار) في الكونغو.
(8)
هل رأيتم كيف تعمل معزوفة التضليل؟ تبدأ بفبركة الأخبار، ثم تُكتب التقارير بناءً على تلك الأخبار، فتأخذها مراكز البحوث لتنتج أوراقًا تبدو علمية، ثم تنشرها وسائل الإعلام على أنها حقائق موثوقة من مراكز محترمة.
(9)
وراء كل ذلك أوركسترا خفية تؤلف وتنسج الأكاذيب، وتدفع ثمن الألحان، وتوزّعها بمهارة على صحفيين ومراكز دراسات ووسائل إعلام، لتُنتج رواية موحّدة: السودان بتحالفه مع إيران يمثل خطرًا على المنطقة وخصوصا اسرئيل و لذا يجب ضربه لصالح الراعي الإقليمي ومليشيا الجنجويد. هذا هو الهدف وهذه هى اسبابه ولكن كيف يمكن تحقيقه ومتى ؟ نواصل

اترك رد

error: Content is protected !!