الرواية الأولى

نروي لتعرف

الرواية الأولى / مجدي عبدالعزيز

لماذا ابتدر د. كامل إدريس بالمخدرات؟

مجدي عبدالعزيز

▪️ “ارجو ان تركزوا على القضايا الكلية، وعلى رأسها قضية المخدرات… فهي معركة لا تقل خطرًا عن المعركة في جبهات القتال”.

او هكذا كانت آخر عبارة نطق بها رئيس الوزراء د. كامل ادريس ، – وكان قد اكمل وقوفه ومستخدماً لغة جسده التي رسخت في الأذهان منذ خطابه الاول – وهو يهم بالمغادرة من القاعة الزجاجية التي جمعتنا به كصحفيين وإعلاميين سودانيين بالقاهرة خلال زيارته الأخيرة لمصر يوم الخميس الماضي .

▪️حقيقة كان ملفتاً هذا الحديث بعد عرضه لنتائج زيارته للشقيقة مصر ، وبعد إجابته علي كافة اسئلة الحاضرين الملحة ، ان يأتي في سياق النصح للوسط الصحفي والإعلامي بالنأي عن ما يطفح بالساحة الان من مناكفات ومشاكسات وشخصنة قضايا – ونكن من الكاذبين لو قلنا انه غير محق فيما ذكر ولاحظ – ثم يكمل نصحه (برجاء) الإهتمام بالقضايا الكلية وعلي رأسها قضية المخدرات ، فلماذا ؟؟،،
في لحظتها أدركت أن الرجل يضع إصبعه على جرح عميق من جراح الجسد السوداني المتعددة ، قد لا يلتفت إليه الرأي العام بما يكفي، لكنه – إن تُرك – سينهش حتماً مستقبلنا من الداخل.

▪️لم تعد المخدرات في السودان مجرد جريمة جنائية تقليدية، بل تحولت إلى أداة من أدوات الحرب. تقارير دولية وتحقيقات صحفية ومحلية أكدت أن مليشيا الدعم السريع جعلت من المخدرات، وعلى رأسها الكبتاغون، سلاحًا متعدد الأغراض:
٠ لرفع قدرة مقاتليها على القتال عبر تعاطيهم مواد منبّهة تقلل الجوع والخوف وتزيد العدوانية.
•لتمويل عملياتها من خلال تصنيع وتوزيع المخدرات في الداخل وعلى نطاق إقليمي.
•لإضعاف المجتمع السوداني باستهداف الشباب ودفعهم إلى الإدمان.

▪️2015 و2018: ضبط معامل تصنيع أمفيتامين/كبتاغون في الخرطوم، أحدها بطاقة إنتاجية تصل إلى “300 قرص/دقيقة”.

▪️2019–2021 (فترة ما بعد الثورة): رصد تصاعد في انتشار المخدرات بالعاصمة، مع اتهامات إعلامية وسياسية بضلوع جهات مسلحة، وإن لم تصدر أحكام قضائية تثبت ذلك.

▪️2023–2025 (أثناء الحرب):

٠ صحيفة واشنطن بوست وثّقت تعاطي الكبتاغون على نطاق واسع بين مقاتلي الدعم السريع، وربطته بمجازر مروّعة مثل مجزرة “الصالحة” بأم درمان.

•صحيفتا “الغارديان” و”ميديل إيست اي “كشفتا عن معامل ومعدات كبس حبوب في مناطق كانت تحت سيطرة المليشيا، بقدرات إنتاجية تصل إلى آلاف الحبوب في الساعة، ومواد خام تكفي لإنتاج مئات الملايين من الحبوب.

▪️مع تقدم الجيش السوداني وتحرير مواقع استراتيجية في الخرطوم، عُثر على أدلة ميدانية دامغة: معامل كاملة، معدات كبس متطورة، ومواد أولية بملايين الدولارات، إضافة إلى مواقع احتجاز وتعذيب كانت قريبة من هذه المنشآت.

▪️هذه الوقائع أكدت أن “سلاح المخدرات” لم يكن نشاطًا جانبيًا، بل جزءًا من إستراتيجية متكاملة لإطالة أمد الحرب وإخضاع السودان من الداخل.

▪️التحقيقات الأمنية والصحفية تشير إلى دعم خارجي في تمويل وتسليح مليشيا الدعم السريع، بما في ذلك الإمارات، وأكد الربط القضائي ذلك في بعض القضايا المطروحة بساحات المحاكم في بلاغات مخدرات .
كما من المؤكد أن نشاط تصنيع الكبتاغون في السودان جاء في وقت تراجعت فيه قدرة بعض مراكز الإنتاج التقليدية في المنطقة والإقليم ، ما يجعل بلادنا هدفًا مثاليًا لشبكات التهريب الدولية.

▪️الكبتاغون ليس مجرد مخدر ترفيهي، بل مادة شديدة الخطورة، ترتبط بالذهان والهلاوس والنزعات العدوانية. وحين تنتشر في بيئة حرب، تتحول إلى قنبلة موقوتة تنفجر في المجتمع عبر جرائم قتل، وانهيار أسري، وتفكك اجتماعي.

▪️حين يضع رئيس الوزراء ملف المخدرات في صدر أولوياته، فهو يدرك أن بناء الدولة بعد الحرب لن يكون ممكنًا إذا خرجنا منها بجيل مدمن أو مجتمع منهك.
المعركة ضد المخدرات هي معركة ضد سلاح خفي لا تقل خطورته عن الطائرات المسيرة أو المدافع الثقيلة، بل ربما أشد، لأنها تفتك بنا ونحن نبتسم أو نتغافل.

▪️هذه هي الحرب الأخرى التي يخوضها السودان. حرب لا تُرى في نشرات الأخبار ولا تُسمع في دوي المدافع، لكنها تدور في الأزقة، وفي أوساط الشباب، وفي صمت البيوت.
تحذير د. كامل إدريس لم يكن جملة عابرة، بل دعوة لمواجهة سلاح قد يقتل الوطن من الداخل إن لم نتصدَّ له الآن… وبقوة.

،، والي الملتقي ..

اترك رد

error: Content is protected !!