عادل الباز
1
حين تتأمل وقائع ما جرى خلال الخمس أعوام التي مضت تستوقفك أشياء كثيرة وعجيبة لم يكن تخيلها ممكنا قبل التغيير الذي جرى في 11 أبريل 2019.
اذكر أنني كتبت ثلاثة مقالات بعد الثورة تحت عنوان (ثورة أمرها عجب) ولكن لم يطف بخيالي عجائبها التي وقعت بالفعل بعد ذلك وهي لا تكاد تحصى. على أني سوف اتأمل في هذا المقال وقائع ما جرى في العلاقة بين العسكر والمدنيين.
2
قامت تلك التي سميت زوراً ثورة لإسقاط حكم العسكر وكان الشعار الأبرز (العسكر للثكنات والجنجويد ينحل). انظر ماذا حدث بعد ذلك.؟ نفس المجموعة التي كانت تملأ الفضاء بتلك الشعارات لم تُعد العسكر للثكنات بل أعادتهم مرة أخرى إلى سدة الحكم ليصبح رأس الدولة من العسكر، ثبتوا العسكر في القصر ولم يعيدوهم إلى الثكنات بموجب اتفاق سياسي ووثيقة دستورية… كأننا ياعمرو لا رحنا ولا جينا.
3
إذن أفلح العسكر وهم محاصرون بالجماهير الساخطة على نظام الانقاذ الذى يمثل النموذج الابرز للدكتاتورية العسكرية بحسب زعمهم ، تلك الديكتاتورية التي أكلوا من مواعينها اكثر من عقد من الزمان.ف افلح العسكر وهم في الحالة تلك من البقاء في سدة الحكم.. لا عليك بالتفاصيل، دعك من التكتيكات وانظر لما جرى في إطار صورة حكم العسكر( البشير/ ابنعوف/ البرهان) تجدهم هنا على سدة السلطة ما بارحوا المسرح أصلاً وفي كافة الأنحاء.
4
هكذا أمسك العسكر بالسلطة وهم في قمة ضعفهم وارتضى المدنيون أن يسلموها لهم طوعاً، الامن /الدفاع والداخلية/ ثم أضافوا اليها بعد قليل الاقتصاد (لجنة برئاسة نائب الرئيس)…. وكان المدنيين في الحكومة يقولون إن 90 % من موارد الاقتصاد بيد العسكر…إذن يا ترى ماذا تبقى للمدنيين من السلطة الحقيقة غير بهلوانيات لجنة التمكين التي ترأسها هى نفسها العسكر (ياسر العطا) وكان برنامجها الكوميدي
أراضي وأراضي) من تأليف وإخراج أسوأ الممثلين المهرجين في قحت.!!. قف تأمل.. مغرب الثورة.. واخفاق الشعاع.. مايهم الناس من ثورة أضاعت أحلام جماهيرها وباعت دماء شهدائها.؟!!
5
العسكر عبروا المرحلة الأولى من الهيجة الثورية بالمحافظة والإمساك بسلطاتهم وامتيازاتهم التي نالوها على أيام الرئيس البشير، ثم جاءت المرحلة الثانية حينما لم يحتملوا تهريج المدنيين وإساءاتهم المستمرة للمؤسسة العسكرية التي وصلت بهم الوقاحة أن يهتفوا (معليش ماعندنا جيش)… أمام أسوار القيادة!!. وقتها قرروا الإطاحة بسلطة المدنيين كلية فحدث انقلاب 25 أكتوبر 2021 ، المهم بانقلاب أو بتصحيح الوضع استطاع العسكر الإمساك بالسلطة كاملة منفردين لم يكن هناك حزب خلف الكواليس إنما عسكر فقط يمارسون لعبة السلطة مع مجموعة هواة سياسيين.
6
جاءت مرحلة أخرى تعرض فيها العسكر لضغوط دولية كثيفة فانحنوا للعاصفة مؤقتاً ووافقوا على الحوار لتاسيس شراكة أخرى مع المدنيين، وتمخضت تلك المشاورات واللقاءات عما عرف بالاتفاق الاطاري، ولكن مالبث العسكر أن أفسدوا الطبخة بذكاء شديد حين أصروا على بندين ،الأول يُخضع الدعم السريع لقيادة الجيش والثاني يحدد مدة دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة. ونتيجة لذلك الموقف وبعد يأسهم وعجلتهم لاستلام السلطة بأي ثمن دفع المدنيون حلفائهم فى الدعم السريع للانقلاب على السلطة واستلامها بالكامل لتنفيذ أجندتهم، لكن خاب تمرد الخائنين الخائبين وارتد عليهم فنشبت الحرب ليمسك العسكر منذ بداية الحرب وإلى الآن السلطة بكاملها بين أيديهم وينالوا دعم الشعب ورضاه بل أصبحت أنشودة الشعب المفضلة (جيش واحد شعب واحد). كان العسكر يتحدثون عن شراكة في الحكم مع المدنيين، الآن يبحث المدنيون عن شراكة في السلطة مع العسكر و(ما لاقينها) و أصبحوا شراذم، مطاردين فى أرجاء الدنيا يعتاشون على فتات المنظمات كما قالت رشا عوض (الست رشوة) آكلة السحت الفصيحة.!!. يجب ألا ننسى أن أخوها في الرضاعة (أقصد رضاعة المنظمات.) وأستاذها الباقر غير العفيف هو من علمها…سبل الرضاعة الصحية المفضوحة من أثداء المنظمات المشبوهة.!!.
ترى كيف استطاع العسكر استرجاع السلطة؟، وبدلاً من عودتهم للثكنات بأمر المدينين عادت السلطة إلى ثكناتهم تامة غير منقوصة وهاجر المدنيون الثوريون إلى منافيهم البعيدة والقريبة، وبدل أن ينحل الجنجويد تم تدميرهم. كيف حدث ذلك؟. نواصل