د.علي محمود عبد الرسول
الحرب الدائرة في السودان منذ ما يقارب العام كان لها آثار مدمرة على الاقتصاد الكلي، يتوقع تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة لا تقل عن 18%، وبالتالي تراجع نصيب الفرد من هذا الناتج. كما يتوقع زيادة كبيرة في نسبة السكان تحت خط الفقر قد تتجاوز 60%.إن مشروع استعادة النمو الاقتصادي الإيجابي في الحالة السودانية يجب أن يوضع في شكل نموذج قابل للتطبيق، يراعي عدد من المؤشرات الأساسية أهمها:
كيفية استنباط الإيرادات التي يتم بها تمويل مشروع استعادة النمو، تحديد الأولويات وخيارات توزيع الإيرادات ومعرفة تأثير هذا التوزيع على النتائج المتوقعة، تحديد المنهج الذي يمكن اتباعه في تحديد أولويات المشروعات، اتخاذ المنهج الذي يؤدي لزيادة النمو في الاقتصاد عبر زيادة مضطردة ومتنامية في الناتج المحلي الإجمالي بقطاعاته الثلاثة: الزراعي، الخدمي، الصناعي.
قد يكون من المناسب وضع خطة اقتصادية اجتماعية تتكون من ثلاثة مراحل، المرحلة الأولى على المدى القصير، ويتم فيها السعي نحو إعادة الاستقرار في المؤشرات الاقتصادية الكلية، أهداف هذه المرحلة قصيرة المدى:
تشجيع الاستثمار وتكوين الثروات بما فيها رأس المال البشري، توظيف التكنلوجيا الحديثة، تقليل الاعتماد علىالتمويل والديون الخارجية.
أبرز الأنشطة في هذه المرحلة تتعلق بالزراعة بشقيها النباتي والحيواني، التجارة المحلية والخارجية، الصناعات الصغيرة والمتوسطة، التعدين الأهلي، الأنشطة الصغيرة المشابهة، يتوقع أن يتراوح معدل النمو في هذه المرحلة ما بين 2% الى 3%.المرحلة الثانية على المدى المتوسط، وفيها يُقترح أن تركز الأهداف على الانتقال بالقطاع الزراعي من الطريقة التقليدية الى مرحلة التصنيع الزراعي وتحقيق القيمة المضافة، ويكون ذلك من خلال توظيف التعليم والتكنلوجيا والاتصالات.
يوفر هذا إمكانية التوسع في الصادرات لتحقيق توازن في الميزان التجاري والحساب الجاريالخارجي، في هذه المرحلة يتوقع أن يكون معدل النمو ما بين 4% الى 5%.في هاتين المرحلتين يتم العمل على إعادة الاعمار وتأهيل البنيات الأساسية والمرافق العامة للدولة في القطاعات الاقتصادية الثلاثة: الخدمي والصناعي والزراعي، بحيث تتوفر الظروف الملائمة لإعادة الاقتصاد الى وضعه الطبيعي.المرحلة الثالثة من مشروع استعادة النمو تركز على تقليص الفوارق الاجتماعية ومحاربة الفقر والبطالة، وخلق طبقة وسطى في المجتمع تساهم في تطوير الاقتصاد بالإنتاج، ويتوقع أن يكون متوسط معدل النمو في هذه الفترة حوالي 7%.ومن الضروري أن تتبنى هذه الخطة في مراحلها الثلاثةإصلاحاً هيكلياً، وترسيخاً للحوكمة والحكم الرشيد.
النموذج الذي طرحناه يقوم على منهج اقتصادي يوازن بين تحرير اقتصادي يقوم على حرية النشاط الاقتصادي للقطاع الخاص، ودور للدولة يكون ناظماً ومشرعاً وموجهاً للاقتصاد الكلي.
يقترح دور أساسي للدولة في مرحلة إعادة البناء تكون فيهمسؤولة عن البنيات التحتية في مجالات الطاقة والطرق والكباري والسكك الحديدية وتأهيل المطارات والموانئالبحرية والنهرية، وتتولى الاستثمارات الكبيرة في مجالات البترول والمعادن والصناعات الكبيرة، وترعى تبني اقتصاد المعرفة وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر. كل هذا يتطلب إدارة تنفيذية قادرة ومؤهلة تتولى التنفيذ على أرض الواقع، كما يحتاج الى إدارة للتقييم والمراجعة والتقويم بصلاحيات واسعة، على أن تكون بالبرنامج المقترح مرونة كافية لأغراض التكيف مع المتغيرات في العوامل الداخلية والخارجية.
والله الموفق.