الرواية الأولى

نروي لتعرف

حصيد الأزمنة / سيف الدين البشير

كل الممكن .. بعض المستحيل: الذئب والشنفرى .. حوار الأرض والسماء

سيف الدين البشير

الرابع عشر من ربيع الخير .. بوابة المساء الأولى تنفتح في هدوء لتعلن عن هذا القادم بكل نرجسيته الموروثة في جينة تكوينه ..الخطو الوئيد والهالات القزحية ثم الإستدارة الكاملة . دخل القمر وكأنما كان ينتظر الترتيبات البروتكولية واقفاً عند مدخل الليل :
أضرت بضوء البدر والبدر طالع
وقامت مقام البدر لما تغيبا
دمدم البحتري وهو يتدارك خطله فليس من جبين يطيق مطلبه.. حدق في الأرض وفي نفسه خشية من شمات أبي العلاء وسخريته من طاؤوسية الكائن السماوي وهو يبلغ تمامه :
فإن كنت تبغ العز فابغ توسطاً
فعند التناهي يقصر المتطاول
توقَّى البدور النقص وهي أهلة
ويدركها النقصان وهي كوامل
والشنفرى يطرب لمثل ذلك ابتسم من فلاة جوانحه ومازحني كمثل عادته :

ما قلت ليك بتجيني راجع ؟ .. – أخير ليك نحنا وجماعتنا ديل :
ولي دونكم أهلون سيد عملَّس
وأرقط زهلول وعرفاء جيأل
هم الأهل لا مستودع السر ذائعٌ
لديهم ولا الجاني بما جرَّ يخذل
ربت على عنق الثعلب الصغير وللثعلب رأي معلن في القمر :
قال يا ابن الليل مهما
أشتهي لا أشتهيكا
أنت وضاحٌ ولكن
قاحل لا صيد فيكا
الكائن السماوي يبحر غرباً مختالاً ومن على يمينه تتخافت صويحبات الملاءة اللازوردية الشفيفة .. برج الجبار وعلى يمينه الثور وفي كبد السماء تلاصفت الثريا بحبات عقدها الغامض تسلي صويحباتها عن كبرياء الملك العابر.

▪️دع عنكن الغيظ ..هومحض عابر وعما قريب سيعود كالعرجون القديم .. أنظرن كيف يتسارع وهو يهوي غرباً .. تكفي حيرته بين بني البشر ومنهم من يسمي به الأنثى وآخرون يتخيرونه للذكور لكننا ظللنا الأسماء المحببة المستقرة للأنثى بكل إثرتها .. ثريا .. زحل .. زهرة ..
حسداً حملنه من أجله
وقديماً كان في الناس الحسد
لكن المريخ جهير ومشاغب :

  • ▪️أنا أفضل وأقوى وأرسخ وقد استقر أهل الأرض على ذلك وحتى لوني فهو لون الحيوية والحرية والثورة .. هرعت الثريا نحو المريخ .. وضعت يدها على فمه ..
  • ▪️أيها الثرثار .. على رسلك فمن بين أهل الأرض من لو سمع لبعث نحوك جنداً كمثل ما يتهددوننا به في أفلام حرب النجوم ..
    أهل الهلال كثر .. ( ما تجيب لينا كفوة).
    تتمادى ثرثرة ملوك الليل وعلى تلك الأرض الذلول مملكة .. متنفس لكل من أعيته التضاريس والمنعرجات والدمى المزيفة .. الثياب بلون الأرض وخشونة الخيش ، و السليك ينادم ذئباً أمه يتقاسم معه الفاقة والشعر وثرثرة مملكة السماء .
    وبيدين ناحلتين دفع استيفن هوكنغ بكرسيه المتحرك ناحية الجمع .. أطبق الصمت في حضرة العالم الذي شغل كرسي اسحق نيوتن للرياضيات في كامبردج وهو يتحدث عبر صوته المركب إلكترونياً عن الثقوب السوداء وعلاقة الزمان بالمكان وسؤال ما يزال يحيره : هل الفراغ الكوني لا متناهي أم أنه بحدود ؟ .. هل يا ترى في اختفاء الطائرة الماليزية بعض مما يسد رمق الحيرة؟
    كان بهو اللقاء رحيباً كمثل الخيال .. فسيحاً كمثل التلال ونادمتهم ..
    يسقط الآيسكريم .. تسقط الدمى المزيفة والعملات المزيفة والرجال المزيفون .. تسقط الباسطة ومشاريب الغاز والطرق المرصوفة والبنايات التي تسد رئة الأفق و تشهق بين وجهك وسماوات الدهشة .. يحيا استيفن هوكنغ .. يحيا الشنفرى وعروة بن الورد .. تحيا شجيرات المسكيت التي كفلت للثعالب الصغيرة عودا لبرية تتنفس العافية .

اترك رد

error: Content is protected !!