
رصد : الرواية الاولى
كتلة الإرادة الوطنية
بيان
في لحظة وطنية خانقة، حيث تتكاثف مشاعر الانكسار ويتسع التيه، وجدت كتلة الإرادة الوطنية نفسها تُحاصر بالسؤال الوجودي: هل لا يزال للوطن فرصة؟
أم أن الخراب قد أكمل دورته؟
تأملنا في مرآة الواقع، لا لنرثي أنفسنا، بل لنصارحها. أدركنا أن الحاضر المأزوم لا يحتاج إلى شعارات ولا إلى مزيد من الخطابات، بل إلى مشروع عميق، جامع، يُولد من جوف الألم لا من رغبة الهروب منه.
لم نعد نحتمل الانتظار. لم نعد نقبل أن تُختطف البلاد بين مطرقة السلاح وسندان التهافت السياسي. فبادرنا إلى طرح هذا البيان، لا كصيحة منفردة، بل كدعوة مفتوحة لبعث جماعي يستنهض ما تبقى من طاقة وطنية كامنة، ويعيد ترتيب الأولويات على ضوء الحقيقة:
أن السودان لن يُصنع بالصدفة، ولا يُستعاد بالتمني، بل ببذل الرؤية، والشجاعة، والتواضع الوطني.
مشروع وطني جامع:
نطرح هذا البيان كمساهمة من كتلة الإرادة الوطنية في صناعة مشروع وطني سوداني جامع، ينطلق من الواقع لا يتجاوزه، ويُخاطب جراح السودانيين لا يغطيها.
نؤمن أن المشروع الوطني لا يُكتب في غرف مغلقة ولا يُملى من منصات الخارج، بل يُصاغ بإرادة حرة من قلب معاناة هذا الشعب، ويُبنى على قيم الحق والحرية والمساواة والعدالة والتنوع الخلاق.
السودان لن يُبنى إلا عبر الإرادة الوطنية الحرة، والقدرة على بناء تحالف اجتماعي–سياسي جديد، يتجاوز ثنائية *المدني والعسكري ، وثنائية الثورة والانقلاب ، ويؤسس لمرحلة عقلانية–ديمقراطية تُقدِّم الحياة والسلام والدولة على المصالح الضيقة والشعارات المجردة.
نحن نؤمن بما يلي:
- 1-أن السودان وطن عظيم في موارده وتاريخه وتنوعه، لكن النُخب فشلت في ترجمته إلى مشروع دولة، وفشلت في تأسيس دولة القانون والمؤسسات بعد الاستقلال، بسبب التعالي على الواقع وضعف الإيمان بالتحول الديمقراطي.
- 2-أن الحرب الجارية كارثة وطنية شاملة، يتحمل مسؤوليتها كل من شارك في صناعتها أو برر لها أو تلكأ في مواجهتها، ولا مجال اليوم للحياد أو الالتباس: لا سلام مع مليشيات، ولا مستقبل في ظل الاحتلال أو التقسيم أو مراكز القوى المسلحة.
- 3-أن إنهاء الحرب يتطلب مشروعًا وطنيًا متكاملاً، يبدأ بتوحيد الجبهة المدنية المقاومة للحرب، ويشمل دعم الجيش السوداني كمؤسسة وطنية قومية محترفة، ويقوم على تفكيك المليشيات واسترداد السيادة، ثم الانتقال إلى إصلاح سياسي شامل.
- 4-أن تجاوز الأزمة يتطلب إعادة تعريف الدولة السودانية والهوية، على أساس المواطنة المتساوية، والعدالة الاجتماعية، والتوزيع العادل للموارد، والحكم الرشيد، وبناء مؤسسات مدنية فاعلة، واقتصاد منتج، ومجتمع متماسك.
إننا في كتلة الإرادة الوطنية ندعو إلى:
توحيد كافة القوى الوطنية الديمقراطية المدنية في جبهة واحدة تناضل من أجل إنهاء العدوان والأستهداف للشعب السوداني ودولته، ورفض مشاريع التقسيم، وبناء الدولة المدنية الحديثة.
إقامة سلطة مدنية انتقالية تُستمد شرعيتها من التوافق الوطني العريض، لا من المحاصصة والترضيات السياسية والمساومات المصلحية ، وتقوم على الولاء الوطني و الكفاءة والنزاهة والوضوح، وتُمهّد لانتقال ديمقراطي حقيقي.
إطلاق حوار وطني واسع لا يستثني أحدًا إلا من حمل السلاح ضد الدولة أو تورط في جرائم، على أن يشمل هذا الحوار الفاعلين الاجتماعيين الحقيقيين، من لجان قطاعات المجتمع المختلفة من نقابات ونساء شباب ومهنيين ومجتمع مدني، وليس واجهات سياسية فقط.
رفض أي تدخل أجنبي يفرض وصايته على القرار الوطني، مع الترحيب بالدعم الدولي والإقليمي الذي يحترم سيادة السودان ويخدم تطلعات شعبه.
البدء فورًا في بناء رؤية تنموية انتقالية لإعادة الإعمار، وإصلاح الاقتصاد، واستعادة التعليم والخدمات، وتوفير سكن كريم للنازحين، بما يحوّل شعارات الثورة إلى سياسات.
🟨
ختامًا:
هذا البيان دعوة للانخراط لا للتفرج، دعوة للتواضع لا للوصاية، دعوة للانحياز للوطن لا للمصالح.
ندعو كل الحادبين على السودان من أحزاب وكيانات وشخصيات مستقلة وقوى مهنية ومجتمعية، أن يجعلوا من هذا البيان منطلقًا للنقاش، وأساسًا لبناء جبهة الإرادة الوطنية، كتكتل مفتوح، عريض، متجدد، يُعبّر عن طموحات غالبية السودانيين الذين تعبوا من الحروب ومن القبح والقمع ومن الأنقسام
هي دعوة للانحياز للوطن.
رئيس الكتلة
د.حسام الدين كركساوي
13 يوليو 2025