مكي المغربي
على الطائر الميمون يغادر رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان إلى الدوحة ليلتقي شقيقه وشقيق كل السودانيين حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر أرض العطاء والوفاء.
تأتي الزيارة والسودان في كرب عظيم وشر مستطير، ولكن إن كان في هذه المحنة فضيلة واحدة فقد أعلمت الشعب السوداني من هو صديقه من عدوه؟ من هو الذي يزيد النار حطبا ومن هو الذي يبسط يده بالخير والعون والسند بضمير نقي وقلب كبير؟
مواقف قطر مع السودان أكثر من أن تحصى، ولو توقفنا في محطة سلام دارفور وحدها لاحتجنا إلى مجلدات تحصي جهود السلام وما بعد السلام من تنمية وتعمير وبنيان.
ولو دلفنا إلى الواقع الآن لوجدنا الهلال الأحمر القطري والإنسان القطري الذي يتبرع جنبا إلى جنب مع حكومة قطر حفظها الله.
لو نظرنا للواقع كرة أخرى لوجدنا الآن أعدادا كبيرة من السودانيين يمموا وجه قطر من أجل البحث عن العمل الشريف في ظل هذه الضائقة، وهم محترفون ومهنيون رائعون سيشرفون السودان بإتقانهم وأمانتهم و وفائهم وينتظمون في ذات العقد الفريد المميز من أبناء السودان في قطر حيث يعملون في شتى المجالات، الطب والصيدلة والهندسة و البيطرة والإدارة والتعليم والأمن والعمل الحكومي والخاص وكل شيء، أما مجال الإعلام فحدث بنعمة الله، زملائي أفخر بهم شموسا مضيئة ونجوما ساطعة في سماء الإعلام الدولي الذي ينطلق من قطر.
وإن كانت لي مناشدة والتماس إلى سمو الأمير تميم حفظه الله وأيده فهي تتعلق ببعض الذين طرقوا أبواب الوظائف من أبناء السودان ولكن هنالك معيقات إجرائية تتعلق بأن ظروف الحرب أفقدت السودانيين بعض الوثائق مؤقتا وإلى حين استعادة المرافق الحيوية في السودان، على سبيل المثال تجد المتقدم للوظيفة لديه الشهادة الجامعية المعتمدة الموثقة ولكنه لا يستطيع استجلاب شهادة التفاصيل.
وها هنا دور السفارة السودانية كان حاضرا، بالإشارة والمخاطبة بوجود الوثائق مع بروز ظروف الحرب التي تستدعي زمنا إضافيا.
ألتمس المرونة والمهلة وأشفع لأبناء بلدي لأنهم يستحقون الشفاعة.
قطر شاركت في رفع البلاء عن السودانيين في مثل هذه الأمور، فقد استدعى استرداد قاعدة بيانات السجل المدني السوداني وبيانات الجوازات والهجرة والتي لا تقدر بثمن إلى شهرين ولكن ما أن تيسرت الأمور إلا وكانت قطر حاضرة بالخير وقامت بترحيل مصنع الجوازات الذي يعمل الآن في بورتسودان.
هذه الأزمة حفرت عميقا اسم قطر في الوجدان السوداني بالخير، و”فرزت الكيمان” أي ميزت الصفوف كما نقول في السودان.
هذه الأزمة التي نشطت فيها سفارة قطر وقامت بواجبها في أحلك الظروف، والسفير محمد إبراهيم السادة الذي تراه في لحظات الإجلاء العصيبة والفزع الذي ضرب الجميع يقوم بواجبه بثبات نادر، ولا تكاد تميزه من طاقم العمل في بعثة قطر، وقد حضر للسودان قبل أشهر فاستقبله السودان بهذا الابتلاء، ولله حكمة، فكأن الله ادخره لهذا الأمر الكبير لتبقى قطر دوما قدر التحدي والثقة.
نحن الآن في لحظة أخوية ذهبية مع قطر، هي ذات اللحظة التي أحرز فيها “المعز” ابن النيل وابن قطر هدفه الذهبي في مرمى اليابان في كأس آسيا فجعلنا نفخر بقطر ونفخر بالقدم السودانية التي ركضت وركلت من أجل بطولة قطر التي تستحقها، وتستحق أكثر منها.
وكأس العالم .. تلك قصة أخرى في ازدهار قطر وعجائبها في عهد تميم المجد والعطاء نأتيها في وقتها .