في ظل الانخفاض الملحوظ لقيمة الجنيه السوداني أمام العملات الأخرى وعلى رأسها الدولار. وانعكاس هذا ارتفاعاً في أسعار مختلف السلع، وشحاً في بعضها، أصدرت اللجنة العليا للطوارئ الاقتصادية قرارات تضمنت: توحيد سعر الصرف، تأمين انسياب المواد البترولية خاصة الفيرنس والغاز لضمان انسياب الامداد الكهربائي، تسهيل إجراءات توفير احتياجات شهر رمضان المعظم، انشاء محكمة خاصة بالاقتصاد لمحاكمة مخربي الاقتصاد الوطني خاصة العاملين في مجالات التهرب الضريبي، والتلاعب بالدولار، وتهريب الذهب، والسلع.
تضمنت القرارات أيضاً تحديد سعر تأشيري تشجيعي للقمح. زيارة اللجنة العليا لميناء بورتسودان لمعالجة كافة مشكلات عمل الميناء. تفعيل الية الوفرة الدوائية، منع الاستيراد الا عبر استمارة الاستيراد IM
كما تضمنت القرارات تفعيل القوة المشتركة لمكافحة التهريب. مراجعة منشور بنك السودان فيما يتعلق بحصائل الصادر، الإسراع بتطبيق نظام النافذة الموحدة لتسهيل عمليات الصادر والوارد والاستثمار، استكمال قيام بورصة الذهب. تفعيل الاتفاقية التجارية بين السودان ومصر، مراجعة أداء الوزارات عبر بيوت خبرة متخصصة، اشراك اتحاد أصحاب العمل والغرفة التجارية في أعمال اللجنة للاستفادة من خبراتهم وتجاربهم. مراجعة الرسوم على جرام الذهب.
أغلب القرارات التي اتخذتها اللجنة ذات طابع اداري أمني، تشتغل في معالجة المظاهر السالبة للأزمة الاقتصادية التي تأخذ بخناق اقتصاد البلاد، ولكنها لا تخاطب أسباب أو جذور هذه الأزمة.
منذ انفصال جنوب السودان في العام 2011 عانى الاقتصاد السوداني من فقدان أكثر من 50% من الإيرادات العامة، وأكثر من 80% من العائدات بالعملات الأجنبية، وذلك بسبب فقدانه لأغلب الحقول المنتجة للبترول التي ذهبت للدولة الوليدة (جنوب السودان).
وعلى الرغم من تنامي انتاج الذهب في السنوات اللاحقة الا أن أثره في سد العجز سواء في الإيرادات العامة أو ميزانية النقد الأجنبي كان محدوداً لأن أغلبه هو إنتاج أهلي وليس حكومي كالبترول، ولأن السياسات المتعلقة به لم تستقر أبداً. فيما ظلت الصادرات الزراعية التقليدية تنمو بمعدلات بطيئة للغاية.
القضية الأساسية التي لم تعالجها قرارات لجنة الطوارئ الاقتصادية هي قضية الإنتاج في الاقتصاد السوداني.
نحتاج لقرارات جريئة وفعالة تستهدف زيادة الإنتاج من مختلف الموارد الاقتصادية التي يمتلكها السودان. في مجال الزراعة يجب اصدار قرارات بتوجيه تمويل ضخم للغاية للقطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، على أن يتم تصدير هذا المنتج عبر شركات مساهمة عامة تنشأ لهذا الغرض لضمان إعادة عوائد الصادر. وأن توجه الطاقات الشبابية لمواقع الإنتاج عبر تفعيل قانون الخدمة الوطنية.
في مجال الإنتاج البترولي يجب توجيه وزارتي الخارجية والاستثمار لجذب استثمارات كبيرة لهذا القطاع لرفع انتاج البلاد من حوالي 80 ألف برميل في اليوم حالياً الى 300 ألف برميل في اليوم على الأقل. ويمثل ارتفاع أسعار البترول حالياً بسبب الحرب الروسية/ الأوكرانية فرصة مواتية لجذب هذه الاستثمارات.
السياسات المتعلقة بالذهب يجب إعادة النظر فيها برمتها، ولو استدعى الأمر اعتبار كل المناجم ممتلكات حكومية، ويتم بموجب هذا اقتسام الإنتاج بنسبة عادلة ما بين المالك والقوى العاملة بالمنجم.
وعلى بنك السودان تفعيل الاتفاق الموقع مع الصين باستخدام اليوان الصيني في التعامل التجاري معها، وهو ما يتجه اليه عدد كبير من دول العالم في ظل الحرب المشار اليها أعلاه. والله الموفق.