
الرواية الأولى
ترجمة واعداد : سلمي مجدي
15 أكتوبر 2025
نشرت مجلة “فورين بوليسي” (Foreign Policy) الأمريكية، ضمن قسم Argument الذي يُخصص لتحليلات وآراء الخبراء حول القضايا الجارية، مقالًا بعنوان:
«لماذا لا تنهي الإمارات الحرب في السودان؟»
بقلم متعصم علي، المستشار القانوني في مركز راؤول والنبرغ لحقوق الإنسان، ويونه دايموند، كبير المستشارين القانونيين في المركز نفسه.
يتناول المقال، وفق تحقيق مستقل للمركز، الدور الحاسم الذي تلعبه الإمارات العربية المتحدة في إطالة أمد الحرب السودانية من خلال دعمها المالي والعسكري والسياسي لمليشيا الدعم السريع (الجنجويد)، ووقوفها – بحسب الكاتبين – حجر عثرة أمام الجهود الدولية لإنهاء الصراع الكارثي في السودان.
تحقيق قانوني: إبادة جماعية موثقة في دارفور
أوضح الكاتبان أن الحرب الدائرة منذ أكثر من 29 شهرًا تسببت في دمار يومي للسودانيين، وأن الحصار المفروض على مدينة الفاشر في شمال دارفور يمثل أسوأ فصولها. فقد فرضت مليشيا الجنجويد حصارًا خانقًا على أكثر من 400 ألف مدني، مع استهداف متكرر لقوافل الإغاثة بالطائرات المسيّرة.
ويؤكد المقال أن الإمارات هي الطرف الدولي الوحيد الذي عرقل اتفاقًا داخل الأمم المتحدة لإنهاء حصار الفاشر، مشيرًا إلى أن أبوظبي رفضت حتى إدانة الهجوم على مسجد راح ضحيته 75 مصليًا.
وبحسب تحقيق مركز راؤول والنبرغ، فإن مليشيا الدعم السريع ترتكب جرائم إبادة جماعية بحق المجتمعات غير العربية في دارفور، وعلى وجه الخصوص ضد قبيلة المساليت، حيث وثّق الخبراء تصريحات وأفعالًا ممنهجة تعبر عن نية الإبادة، منها شهادات مباشرة لناجين أكدوا أن المليشيا “قررت ألا تترك أحدًا من المساليت على قيد الحياة”.
في عام 2023، هاجمت المليشيا مدينة الجنينة، وقتلت ما يصل إلى 15 ألف شخص. وفي أبريل 2025، ارتكبت مجازر مروعة في أكبر مخيم للنازحين بالسودان أثناء تقدمها نحو الفاشر، ما أدى إلى ذبح أكثر من 1500 شخص وتهجير أكثر من 400 ألف مدني.
اتهامات مباشرة لأبوظبي: السلاح والذهب والمصالح
يرى الكاتبان أن وقف تدخل الإمارات يشكل مفتاح إنهاء الحرب، إذ تعتمد مليشيا الجنجويد على الإمداد العسكري والمالي القادم من أبوظبي.
وأشار المقال إلى أن رحلات شحن جوية سرية تُسيّرها الإمارات عبر دول مجاورة تنقل أسلحة ثقيلة ومدفعية وطائرات مسيّرة إلى المليشيا، رغم نفيها المتكرر لتلك الاتهامات.
وبحسب تقارير الأمم المتحدة ووول ستريت جورنال، فإن الإمارات أخفت قاعدتها الجوية في تشاد تحت غطاء “مجمع طبي” تابع للهلال الأحمر، وزورت وثائق الرحلات الجوية لإخفاء الشحنات، كما امتنعت عن تسليم سجلاتها الرسمية للأمم المتحدة، في حين أكدت لجنة الخبراء أن هذه الرحلات شكلت “جسرًا جويًا إقليميًا جديدًا” لدعم المليشيا.
وأضاف المقال أن الإمارات تستخدم رواية “محاربة الإسلام السياسي” كغطاء سياسي وإعلامي، بينما تستغل الحرب لتأمين نفوذها في موارد السودان الطبيعية من ذهب وزراعة وثروة حيوانية وموانئ.
وخلال العقد الأخير، استوردت الإمارات ذهبًا غير مصرح به من إفريقيا بقيمة 115 مليار دولار، وهو ما يجعلها – بحسب المقال – محور شبكة التمويل غير المشروع التي تعتمد عليها المليشيا.
شبكة اقتصادية وسياسية متكاملة
كشف المقال أن الإمارات أصبحت مركزًا اقتصاديًا لمليشيا الدعم السريع، حيث يدير أشقاء زعيمها محمد حمدان دقلو (حميدتي) شركات مسجلة في أبوظبي لتجارة الذهب وشراء السلاح وتجنيد المرتزقة الأجانب.
كما أشار إلى أن مستشارًا لمحمد بن زايد نظّم جولة لحميدتي بطائرة خاصة للقاء عدد من رؤساء الدول الإفريقية، في محاولة لإضفاء شرعية سياسية على المليشيا.
ونقل المقال عن مسؤولين أمريكيين أن محمد بن زايد أقرّ ضمنيًا خلال لقائه بنائبة الرئيس الأمريكي السابقة كمالا هاريس بدعم مليشيا الجنجويد، مبررًا ذلك بمشاركتها القتال إلى جانب القوات الإماراتية في اليمن.
خلاصة المقال: وقف الإمارات يعني وقف الحرب
يختتم الكاتبان تحليلهما بالقول إن استمرار الحرب في السودان مرهون باستمرار الدعم الإماراتي للمليشيا، وإن إنهاء تدخل أبوظبي هو الشرط الأساسي لإنقاذ مئات الآلاف من المدنيين المحاصرين في شمال دارفور.
ويضيف المقال: “بدون الإمارات، لما تمكنت مليشيا الدعم السريع من مواصلة حصار الفاشر أو ارتكاب المجازر، وإن كانت أبوظبي صادقة في دعمها الإنساني، فعليها أن تدعو مليشيتها إلى الانسحاب فورًا.”
المصدر:
Foreign Policy – “Why Won’t the UAE End the War in Sudan?”
By: Motasim Ali & Yonah Diamond, Raoul Wallenberg Centre for Human Rights