
✍️ د. أمجد عمر
على الرغم من أن حقبة الإنقاذ شهدت العديد من الإنجازات في مجالات التعليم، الصحة، والبنية التحتية، إلا أن البلاد تحملت أعباء ثقيلة جراء بعض سياسات النظام، إلى جانب التربص الخارجي الذي ساهم في عرقلة التنمية وعزل السودان دوليًا. ورغم محاولات الحكومة آنذاك للالتفاف على العقوبات الدولية، إلا أن ذلك تم بتكلفة باهظة أثرت على الاقتصاد ومشروعات التنمية، لا سيما في قطاعات النقل الجوي، السكك الحديدية، والصناعات الزراعية.
العزلة الدولية وعواقبها
أحد أبرز أسباب العقوبات التي فُرضت على السودان كان النزاع في دارفور، حيث لعبت مليشيات الجنجويد دورًا رئيسيًا في الأزمة، مما أدى إلى فرض عقوبات وقرارات دولية، فضلاً عن مذكرات المحكمة الجنائية الدولية بحق قادة النظام.
وجاءت ثورة ديسمبر لتحدث تغييرًا جوهريًا، حيث أزاحت قيادات النظام السابق المطلوبين جنائيًا من المشهد السياسي، فيما تسهم حرب الكرامة اليوم في إنهاء وجود مليشيات الجنجويد، التي فرضت نفسها كعامل معرقل للاستقرار السياسي والاقتصادي في السودان.
فرصة لإعادة بناء السودان
التخلص من هذه الأعباء يفتح الباب أمام السودان لاستعادة موقعه على الساحة الدولية، مما يتطلب إعادة صياغة العلاقة مع الدول والمؤسسات العالمية بطريقة تحقق مصالح البلاد دون تحميلها أعباء جديدة.
كما أن خروج قوات الدعم السريع من المشهد سيؤدي إلى إصلاح شامل في القطاعات السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية، التي شهدت تشوهًا كبيرًا بسبب سيطرة هذه المليشيا على الأنشطة الاقتصادية عبر شركاتها، خاصة بعد تفكيك لجنة إزالة التمكين، التي استخدمت كأداة في مخططات الدعم السريع للاستحواذ على موارد الدولة.
نزوح السودانيين: تحديات وفرص
من بين التداعيات التي فرضتها الحرب في السودان، كان النزوح الجماعي للملايين داخل البلاد وخارجها. وعلى الرغم من المعاناة المرتبطة بفقدان الوطن والاضطرار إلى العيش في بيئات جديدة، إلا أن للنزوح فوائد غير متوقعة يمكن أن تؤثر إيجابيًا على النازحين والمجتمع السوداني ككل، ومنها:
- التعرف على ثقافات ومجتمعات جديدة
أجبر النزوح كثيرًا من السودانيين على الاستقرار في دول ومناطق جديدة داخل إفريقيا وخارجها، مما أتاح لهم فرصة التفاعل مع ثقافات مختلفة، وتوسيع مداركهم بشأن أنماط الحياة والعمل والتعليم في أماكن أخرى. - تطوير المهارات والتكيف مع الظروف الجديدة
يواجه النازحون تحديات كبيرة، لكن هذه التحديات تدفعهم إلى تطوير مهارات جديدة، سواء في التكيف مع الحياة في بيئات مختلفة، أو اكتساب مهارات مهنية جديدة تساعدهم على الاندماج في المجتمعات المضيفة. - فرص تعليمية ومهنية أوسع
وفّر النزوح القسري للبعض فرصة لإكمال تعليمهم أو الحصول على وظائف جديدة في أماكن أكثر استقرارًا، مما قد يسهم في تكوين كوادر سودانية ذات خبرات عالمية يمكن أن تعود بالنفع على البلاد في المستقبل. - تعزيز الروابط بين السودانيين في المهجر
مع ازدياد أعداد السودانيين في دول اللجوء، بدأ تشكيل مجتمعات سودانية مترابطة، حيث يعمل السودانيون على دعم بعضهم البعض من خلال المبادرات المجتمعية، مما يعزز روح التكافل والتعاون في المهجر. - نقل المعرفة والتجارب إلى السودان مستقبلاً
يمكن للنزوح أن يكون جسرًا لنقل المعرفة والتجارب إلى الداخل السوداني مستقبلاً، حيث يعود النازحون بخبرات جديدة وأساليب تفكير مختلفة تساعد في إعادة بناء البلاد بشكل أكثر حداثة وانفتاحًا على العالم.
درس السودانيين: الوطن أولًا وأهمية الاستقرار
مع تصاعد الأزمة، أدرك السودانيون، سواء في الداخل أو الخارج، أن الوطن هو الأولوية القصوى، وأن الاستقرار ليس مجرد شعار، بل شرط أساسي لبناء الدولة وتقدمها. ومن أهم الدروس التي اكتسبها السودانيون من النزوح والحرب:
- أهمية حماية السودان من الصراعات الداخلية
الحروب والصراعات لم تحقق إلا الدمار والتشريد، مما رسّخ لدى السودانيين قناعة بأن الاستقرار هو الضمان الوحيد لتقدم البلاد، وأن الحلول السياسية السلمية هي الخيار الأفضل لمستقبل مستدام. - دور السودانيين في بناء وطنهم
أصبح واضحًا أن نهضة السودان لن تأتي من الخارج، بل من جهود أبنائه أنفسهم، سواء داخل البلاد أو في المهجر، عبر الاستثمار في مشاريع تنموية، ودعم التعليم، والمساهمة في استقرار الاقتصاد. - الاستفادة من الخبرات العالمية في إعادة الإعمار
النزوح أتاح للسودانيين فرصة للاطلاع على تجارب الدول الأخرى في البناء والتنمية، وهو ما يمكن أن يكون نقطة انطلاق لإعادة بناء السودان وفق نماذج ناجحة. - تعزيز الشعور بالهوية الوطنية
بعد أن عاش كثير من السودانيين ظروف الغربة واللجوء، ازداد شعورهم بأهمية الحفاظ على هويتهم الوطنية والثقافية، والعمل على تطوير السودان ليكون بيئة مستقرة لا يضطر فيها أحد للفرار مجددًا.
نحو مستقبل مستقر
لقد تسبب نفوذ الدعم السريع في انهيار العديد من المشاريع الاقتصادية الناجحة، وتحويل أنشطتها إلى مصالح خاصة. كما لعبت هذه القوات دورًا رئيسيًا في شبكات التهريب عبر الحدود، وتجارة المخدرات، والاتجار بالبشر، مما عمّق الأزمة السودانية على كافة المستويات.
اليوم، ومع تصاعد الأحداث، يمتلك السودان فرصة تاريخية لإعادة البناء على أسس سليمة، بعيدًا عن العوامل التي قيدت تقدمه لعقود. نجاح هذه المرحلة يعتمد على رؤية وطنية واضحة وإدارة رشيدة تستفيد من التغيرات الحالية لصالح استقرار البلاد ونهضتها، مع استغلال التجارب التي اكتسبها السودانيون في المهجر لإعادة إعمار وطنهم، وإرساء دعائم السلام والاستقرار الدائم.
كلام جميل ويبعث فينا الامل من جديد بعودة السودان افضل مما كان ..
ويبقي السؤال هل الحرب حققت اهدافها ؟
*تدمير البنية
*تهجير السكان
*الانفلات الامني
*هجرة معظم الكفاءات ورؤس الاموال
*هجرة معظم الشباب واكتشافهم لحياة وفرص عمل مختلفه
*اكتشاف الاسر لسهوله الحياة وتوفر الاحتياجات الضرورية بكل سهولة وباقل تكلفه خارج السودان
التحديات :
*كيفية استغلال الوضع الراهن لتحقيق اقصي فائدة (الهجرة العكسية للولايات وكيفية استدامة الحراك الاقتصادي الحاصل الان وانهاء سيطرة ولاية الخرطوم علي كل الموارد والخدمات)
*بعد الحرب ومع توفر كل تلك القوات كيفية النجاح في دمجها للمحافظة علي مكتسبات ما بعد الحرب والاستفادة منها في فرض هيبة الدولة وحفظ الحدود وضبط الوجود الاجنبي
#ننتظرك في مقال جديد دكتور امجد للاجابة عن تلك المخاوف وكيفية معالجتها