الرواية الأولى

نروي لتعرف

قبل المغيب / د. عبدالملك النعيم

عودة الوزارات والجامعات…..




أعلن رئيس مجلس الوزراء دكتور كامل الطيب إدريس توجيهاً أو قراراً بعودة الوزارات تدريجياً الي الخرطوم….وقبله أصدر وزير التعليم العالي والبحث العلمي المنتهية ولايته علي الوزارة بعد قرار حل الحكومة المكلفة بروفيسير محمد حسن دهب قراراً بعودة الجامعات لمقارها بالداخل وإغلاق المراكز الخارجية وقد علقنا علي قرار الوزير في حينه ووصفناه بأنه قرار غير موفق ويبدو أنه سياسي بأكثر مما هو واقعي وعملي وقابل للتنفيذ بالشكل الذي رآه الوزير السابق … وذلك…
أولاً …نظرا لحال الجامعات بالداخل بعد الحرب والدمار الذي لحق بمعظمها إن لم تكن كلها خاصة في ولاية الخرطوم وولايات الغرب والجزيرة وبعض ولايات كردفان وقلنا أن مثل هذه القرارات يجب أن تترك لمديري الجامعات ومجلسها الاداري ومجالسها العلمية ومجالس عمدائها لدراسة أوضاع جامعاتهم كل علي حدة ومن ثم تتخذ كل جامعة القرار الذي يناسب ظروفها مع مراعاة الظروف المشتركة لكل الجامعات..
ومعلوم ان هناك ظروفاُ امشتركة بين كل الجامعات تتمثل في بنياتها التحتية من معامل وقاعات دراسة ومكاتب اساتذة بعد الدمار الذي لحق بها…
ثم وضع الاساتذة والذي هاجروا بسبب الحرب وارتبطو بعقود عمل خارجية بنسبة تتراوح بين 50% الي 60% وهذه نسبة كبيرة وغيابها سيؤثر كثيراً علي العملية التعليمية وإرجاعهم بعد أكثر من عامين يحتاج لتنسيق وترتيب تدريجي لتوفيق أوضاعهم بحيث لا تفقدهم الجامعات..
وثالثاً موضوع الطلاب أنفسهم والموجودين مع أسرهم بالخارج بعدد من الدول كما ظهر ذلك في الأعداد الكبيرة للطلاب الذين جلسوا للإمتحانات في مراكز عدد من الجامعات بالخارج وجامعة الخرطوم نموذجا وهي تعقد خامس دورة للإمتحانات أثناء الحرب بالداخل والخارج وتم تخريج مايزيد عن ألفين طالب وطالبة من مختلف الكليات خلال فترة الحرب مما يعد نجاحا غير مسبوقاً لإدارة الجامعة وتحدياً بل قهراً لظروف الحرب وتجاوباً مع الطلاب واسرهم التي هي بحاجة إليهم…..
يتعين علي إدارات الجامعات قبل ان تقرر تنفيذ هذا القرار بعودة كلياتها أو بعضها وإغلاق المراكز الخارجية عليها بالنظر لسبب خامس ومهم يستوجب التريث…
وهو حال داخليات الطلاب والذين يمثلون عنصراَ أساسياً في العملية التعليمية…وذلك من حيث البيئة وجاهزيتها لإستقبال الطلاب ثم توفر الأمن خاصة أن كثير من الداخليات تقع في مرمي النيران خلال فترة الحرب ثم توفر الماء والكهرباء والأكل والشرب والعلاج……
فالسؤال …هل فعلا هذه الداخليات جاهزة لإستقبال طلابها؟ بالطبع لا والإجابة ليست من عندي وانما هو الواقع والذي أبرزه الإعلام بعد زيارات متكررة لمقار الجامعات والداخليات والكثير من الأعيان المدنية…رغم الجهود التي تبذلها الآن إدارة الصندوق القومي لرعاية الطلاب مع مجلس السيادة ورئيس الوزراء ووزارة التعليم العالي التي تم حرق مبناها بالكامل والتي هي الأخري محتاجة للعون فضلا أن تقدم العون للآخرين …
وليس في المنظور ان تجهز قريباً وهذا ليس تشاؤما بالطبع ولكنه الواقع الذي نعيشه ولا بد من مجابهته بالعقل والحكمة والتريث لا بالعاطفة أو الإندفاع أو الرغبة حيث لن يكون مفيداً كل ذلك…….
علما بأن هناك داخليات للبنات يوجد بالمجمع الواحد فيها أكثر من ثلاث آلاف طالبة ومعلوم الظروف التي تحتاجها البنت غير احتياج الأولاد…
حتي الآباء وأولياء الأمور سيترددون كثيراً في إرسال أبنائهم خاصة البنات في هذه الظروف الي الداخلية وهم يعلمون أنها غير آمنة وربما يتجه الكثيرون منهم لتجميد العام الدراسي تحوطاً أو خوفاً حفاظاً علي أرواح أبنائهم… إن كان الاستمرار في الدراسة رهين بعودتهم الفعلية لمقار الجامعات…
نقدم إقتراحاً لوزير التعليم العالي القادم بتجميد هذا القرار في الوقت الحالي مؤقتاً ريثما يعود الأمن والخدمات لمقار هذه الجامعات أو تركه لمديري الجامعات ومجالسها لتقرر التنفيذ تدريجيا كل حسب ظروفه واستعداده مع إستصحاب كل الأسباب التي ذكرت أعلاه خاصة أن تجربة الدراسة عبر التعليم الإلكتروني والإمتخانات بالداخل والخارج قد أثبتت نجاحاً كبيراً بفضل الجهود التي بذلتها ادارات الجامعات في هذا الإتجاه وجامعة الخرطوم صاحبة الريادة والتميز هكذا شعارها.. خير مثال ونموذج لتحذو حذوها بقية الجامعات …
أما قرار مجلس الوزراء بعودة الوزارات تدريجيا فهو مطلوب وليس بالضرورة ان تعود كل الوزارات للخرطوم فيمكن توزيع الوزارات علي الولايات الآمنة ويتم التوزيع حسب وظيفة كل وزارة وارتباط نشاطها بالولاية المعنية…زراعة…ثروة حيوانية…خدمات…وغيرها ذلك أفضل من تمركزها في الخرطوم أو بقائها في بورتسودان…وحتي هذا يجب أن يتم بعد تشكيل مجلس الوزراء للإستئناس بآراء الوزراء لأنهم هم المعنيين بالتنفيذ…كل في وزارته….
ومثل هذا الإقتراح إن وجد القبول وتم تنفيذه يمكن أن يساهم في برنامج إعادة التنمية المتوازنة لكل ولايات السودان وان يجعل كل حواضر الولايات عواصماً حقيقية لا مسميات فقط تنقل إليها كل الخدمات الخاصة بالمواطن عبر فتح فروع لها بحيث لا يضطر من يحتاج لإستخراج شهادة ثانوية أن يأت من زالنجي او حلفا او الدمازين الي الخرطوم…..

اترك رد

error: Content is protected !!