الخرطوم : الرواية الاولى
بكين : شينخوا
أعلنت شركة “أرامكو” السعودية خلال الأيام الماضية عن سلسلة من مشاريع التعاون مع الشركات الصينية، كما وقعت مع جهات حكومية العديد من الاتفاقيات المعنية، ما يشير إلى عزم العملاق النفطي السعودي لتوسيع وتعزيز أعماله في السوق الصينية الضخمة.
ففي يوم 29 مارس الماضي، أُقيمت في مدينة بانجين بمقاطعة لياونينغ في شمال شرقي الصين مراسم وضع حجر الأساس لبناء مجمع متكامل للتكرير والبتروكيماويات، وهو مشروع مشترك كبير بين “أرامكو” السعودية ومجموعة “نورينكو” الصينية وشركة محلية أخرى، ويهدف إلى بناء قاعدة للبتروكيماويات وصناعة الكيماويات الدقيقة على مستوى العالم.
وبلغ إجمالي قيمة الاستثمار في المشروع 83.7 مليار يوان (حوالي 12.2 مليار دولار أمريكي). وبعد اكتمال أعمال البناء وبدء العمليات الإنتاجية، يُتوقع أن تبلغ الطاقة الإنتاجية السنوية للمشروع 15 مليون طن من النفط المكرر، و1.65 مليون طن من الإيثيلين، ومليوني طن من بارا-زيلين، بينما سيحقق دخلًا سنويًا يزيد عن 100 مليار يوان، وربحًا إجماليًا بأكثر من 10 مليارات يوان، وعائدات ضريبية تزيد عن 20 مليار يوان.
وفي يوم 27 من شهر مارس الماضي، توصلت “أرامكو” السعودية إلى اتفاق تعاون استراتيجي مع شركة رونغشنغ للبتروكيماويات في مقاطعة تشجيانغ بشرقي الصين، ووقع الطرفان عدة اتفاقيات، بما فيها اتفاقية استحواذ تمنح “أرامكو” السعودية الاستحواذ على 10 بالمائة من حقوق ملكية شركة رونغشنغ للبتروكيماويات مقابل 24.6 مليار يوان (حوالي 3.6 مليار دولار أمريكي). ويتوقع أن يوسع هذا التعاون الاستراتيجي الأعمال ذات الصلة للطرفين في مجال البتروكيماويات.
وبعد تعميق التعاون الثنائي، ستجري شركة رونغشنغ والشركات التابعة لها تعاوناً شاملا مع “أرامكو” السعودية والشركات التابعة لها في مجالات المواد الخام والنفط المكرر والمنتجات الكيماوية وتخزين النفط الخام ومشاركة التكنولوجيا. وفي الوقت نفسه، وبناءً على اتفاقية مبيعات طويلة الأجل تم توقيعها، ستقوم “أرامكو” السعودية بتوريد 480 ألف برميل من النفط الخام العربي يوميًا إلى شركة تشجيانغ للبتروكيماويات، وهي شركة تابعة لشركة رونغشنغ للبتروكيماويات.
وفي هذا السياق؛ قال محمد يحيى القحطاني، النائب التنفيذي للرئيس للتكرير والكيمياويات والتسويق في شركة “أرامكو”، إن ذلك يوضح التزام “أرامكو” السعودية بالتعاون طويل الأمد مع الصين، ويدل على ثقتها في صناعة البتروكيماويات الصينية، مضيفاً أن الاستحواذ المذكور يعد استحواذاً مهماً لشركته في سوق رئيسي، ما يدعم عزم الشركة على التنمية والتوسع، ويعزز استراتيجيتها في الصناعات الكيميائية السائلة.
وأضاف القحطاني أن “أرامكو” تهدف أن تكون مصدراً شاملاً للطاقة والمواد الكيميائية لتسهم في ضمان أمن الطاقة بالصين على المدى الطويل والتنمية عالية الجودة في البلاد.
وإلى جانب التعاون مع الشركات الصينية، بادرت “أرامكو” السعودية إلى تعزيز التعاون مع مقاطعة قوانغدونغ بجنوبي الصين، حيث وقعت معها مذكرة تعاون يوم 26 مارس الماضي في بكين. وبموجبها؛ سيعمل الجانبان على استكشاف فرص الاستثمار في التعاون في مجال الطاقة، والبحث والابتكار، والمشاريع الصناعية، والتعاون المالي، وتبادل المواهب وغيرها من المجالات.
ومن المتوقع أن تعمل “أرامكو” السعودية على تعزيز التعاون مع مقاطعة قوانغدونغ في مجال البتروكيماويات وطاقة الهيدروجين وطاقة الأمونيا وغيرها، فضلاً عن دعم المقاطعة في تطوير صناعة بتروكيماوية حديثة وأكثر استدامة.
من جانبه؛ قال وانغ وي تشونغ، حاكم مقاطعة قوانغدونغ، إن المقاطعة نجحت في استيراد حزمة من المشاريع التي تتجاوز قيمة استثماراتها 10 مليارات دولار أمريكي خلال السنوات الأخيرة، بينما تطورت صناعة البتروكيماويات الخضراء في المقاطعة إلى مجموعة صناعية تبلغ قيمتها تريليون يوان، مشيرا إلى أن تعميق التعاون المتبادل المنافع بين المقاطعة و”أرامكو” السعودية يتميز بأساس جيد وقوة كامنة ضخمة وآفاق مشرقة واسعة.
وأكد وانغ أن توقيع مذكرة التعاون يجسد ممارسة حية لتنفيذ التوافق الهام الذي توصل إليه زعيما البلدين ويعكس الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين والسعودية.
وتحتضن مقاطعة قوانغدونغ حاليًا 4 مشاريع رئيسية قيد الإنشاء باستثمار أجنبي يزيد عن 5 مليارات دولار أمريكي، بما في ذلك مشروع قاعدة “باسف” المتكاملة في قوانغدونغ، ومشروع الإيثيلين لشركة إكسون موبيل في مدينة هويتشو بالمقاطعة وغيرهما. ومن بين مشاريع البناء الرئيسية لعام 2023 التي أعلنت عنها لجنة التنمية والإصلاح بمقاطعة قوانغدونغ، هناك 14 مشروعًا كبيرا في مجال البتروكيماويات باستثمارات إجمالية تبلغ حوالي 294.5 مليار يوان.
وبدوره؛ أكد عبد الرحمن بن أحمد الحربي، سفير المملكة العربية السعودية لدى الصين، أن السعودية والصين تتمتعان بشراكة استراتيجية ذات مستقبل واعد في عدة مجالات وقطاعات، كما أن البلدين الصديقين مرتبطان بـ”رؤية السعودية 2030″ من الجانب السعودي ومبادرة “الحزام والطريق” من الجانب الصيني، اللتين تشتركان في بعض نقاط التقارب.
وقال الحربي إن “أرامكو” السعودية قامت بتصدير أكثر من 1.7 مليون برميل من النفط يوميًا على مدار العقدين الماضيين إلى الصين، موضحًا أن “أرامكو” وباعتبارها شركة الطاقة المتكاملة الرائدة في العالم، تلعب دورًا خاصًا في العلاقات بين السعودية والصين.