
ليس الزواج في الإسلام مجرد ارتباط بين رجل وامرأة، ولا هو عقد يُبرم لتكتمل به مراسم اجتماعية أو تقاليد موروثة، بل هو ميثاق غليظ ارتفعت مكانته حتى وصفه الله تعالى بهذا الوصف العظيم، ليُدرك كل زوج وزوجة أن هذه الرابطة ليست رابطة عابرة، بل أمانة ومسؤولية وعبادة، تُبنى على الوحي، وتُدار بنور الشرع، وتُسقى بالمودة والرحمة.
وعندما يُعلن المأذون في مجلس العقد: “زوجتك على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم”، فإنه لا يتلو جملة بروتوكولية، بل يُثبت أساس الحياة الزوجية كلها، ويُرسخ أن منهج هذه العلاقة موصول بالسماء، وأن كل خطوة فيها تخضع لميزان الوحي، وكل حق فيها محفوظ بكلمة الله، وكل واجب فيها مؤكد بسنة رسوله.
وما دامت الحياة الزوجية قائمة على هذا الأصل، كان لزاماً أن يكون الرجوع إلى كتاب الله وسنة نبيه هو الطريق الأول والأخير لحل كل خلاف، وتجاوز كل فتنة، وإطفاء كل نار يمكن أن يشعلها الشيطان أو الهوى. فالمشاكل ستأتي، والاختلاف سيقع، لكن الشرع هو الذي يحدد موضع العدل، ويُقيم ميزان الحقوق، ويهدي إلى سواء السبيل.
قال الله تعالى:
﴿فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ [النساء: 59].
وهذا أصلٌ قطعيّ في كل نزاع، وفي الزواج آكد، لأن القلوب فيه أقرب للتقلب، والأسرع للتأثر.
إن الأزواج حين يجعلون القرآن والسنة مرجعيتهم، تتحول الخلافات إلى جسور فهم، لا معاول هدم. تُصبح الكلمات ألطف، والحقوق أوضح، والنفوس أهدأ، لأنهم يحتكمون إلى ما يُرضي الله لا إلى ما يُرضي الغضب. فحلّ المشاكل بالعقل وحده قد يُنصف طرفاً ويميل بطرف، أما حلّها بالشرع فيُنصف الجميع، لأنه حكم الله، لا حكم الهوى.
وكم من بيتٍ استعيدت له السكينة حين قال الزوجان: هلمّ نرجع إلى ما قاله الله ورسوله.
وكم من خصومة ذابت حين احتكما إلى المودة التي أمر الله بها، والرحمة التي جعلها بينهما، والأخلاق التي رسخها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله:
“خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي”.
فإذا اتفق الزوجان على هذه المرجعية، لم يعد الخلاف خصومة، ولم يعد الخطأ نهاية، بل يصبح كل عقدة قابلة للحل، وكل غضب قابلاً للتهدئة، لأن الشرع يهذّب النفوس، ويُصلح القلوب، ويُطمئن الأرواح قبل أن يُصلح الأفعال.
والحقيقة أن الرجوع للشرع لا يعني خسارة أحد الطرفين، بل إنقاذهما معاً. فمن يرضي الله، يُرضي نفسه ولو بعد حين، ومن يحتكم إلى القرآن والسنة، لا يضلّ أبداً.
إن الزواج ليس نهاية الحب، بل بدايته الناضجة، وهو امتحان لصدق الطاعة قبل صدق المشاعر. ومن جعله قائماً على الوحي، أثمر سكينة ورضاً وطمأنينة، ومن جعله قائماً على العناد والهوى، أثمر تعباً وحيرة.
فليكن شعار بيوتنا جميعاً:
لا تُحلّ مشكلة، ولا تُدار أزمة، ولا تُفتح صفحة جديدة، إلا على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
فبهما تثبت المودة، وتزدهر الرحمة، وتستقيم الحياة، وتبقى الأسرة حصناً للخير، وبذرة صلاح في المجتمع كله




all-inclusive european vacations with airfare Very professional and reliable company. https://www.touristinspiration.com/europe/about-travelshopbooking-2021778.html