مدونتي / حسن فضل المولي

علي أبرسي ..

الراحل / علي أبرسي – تقبله الله

✍🏼 حسن فضل المولى

أسرع إلي أخي ( عبدالله البشير جبريل ) ،
و قد كنا على صعيد واحد ،
و بنبرة واجفة أخبرني ،،
( إتوفى علي أبرسي ) ..
غشيني حزنٌ ثقيل الوطأة ،
و رغم أن علاقتي لم تكن لصيقة
به ، إلا أنني كنت كثيراً ما أصادفه
في مُشاطرات إجتماعية ،
و شارك معنا في أكثر من حوار في
الشأن الإقتصادي على شاشة
( قناة النيل الأزرق ) ،
و ترافقنا مرة في معية الرئيس ( البشير ) إلى ( دولة الكويت ) ..
و في كل مرة كنت آنس من
نفسي تقديراً له و احتراماً ، لما
كان يبديه لي ، و لمن حوله ،
من لُطفٍ و اهتمام ..
و هذا كان مبعث حزني ..
و كما أحزنني رحيله ،
فقد أغبطني ..
و الغبطة أن تتمنى حاله و مآله ..
لقد غادر الحياة ، و هو يسارع
في الخيرات ، و يجتهد في الإنفاق
و الإحسان ،
و كأنه كان في سباق مع أيام
عمره ،
و كأن لسان حاله كان ،
( و عجِلتُ إليك ربي لترضى ) ..
و من ذلك ،
أن الرجل ، و الحرب تسْتَعِر في ( السودان ) ، و تعصِفُ بأهله ،
و جدتُ يوماً من تربطها به
صلة القرابة ، و هي المذيعة
( بسمات عثمان ) ، تحدثني عنه
حتى إغرورقت عيناي بالدموع ،
و تمنيت أن لو وجدت سانحةً
تُبرر لي التحدث بذلك ،
و هاهي السانحة تأتي ،
و لكن بعد أن غادر الحياة الدنيا ..
و مما قالت إنه تعهد أرحامه ،
و ذوي مودته ، و خاصة من لجأ
منهم إلى ( مصر ) بكل ما يهيء
لهم أسباب العيش الكريم ،
من التفَقُّدِ ،
و ( السكن ) ،
و المعاش ،
و ( العلاج ) ،
إلى ( كسوة الشتاء ) ،
و يسخِّر في سبيل ذلك أبناءه
و بناته ..
و لقد بلغني ذلك و أكثر من
آخرين ..
فلله دَرُهُ ،
و خفف الله فقده على قلوب
من كان يرعاهم ، و يصلهم
بعطاياه و أفضالهِ الغامرة ..

نعم ،
( علي أبرسي ) خليفة ختمي ،
من ثقاة و برَرَة الختمية ..
و ( علي أبرسي ) كوارتيي ،
ما أدراك ما الكوارتة ،
رسوخ أرومة و علو كعب ..
و ( علي أبرسي ) رجل أعمال
ناشط و بارز يشار إليه بالبنان ..
هذا ما يعرفه عنه الكثيرون ،
و لكن ،
ما لا يعرفه عنه الكثيرون ،
أنه ذو فهم و رأي سديد ،
و هو شاعر ، وله قصائد ، منها
قصيدته عن ( زالنجي ) التي
أحبها ..
و يحفظ من ( ديوان العرب )
عيون الشعر و فرائده ،
و متحدث مُجيد ، و قد تابعته
كثيراً في ( المجلس الوطني )
و هو يتحدث بقوة و شجاعة
و طلاقة ..
و له رؤى يبادر إلى طرحها ..
و قد ذكرت مرافقتنا للرئيس ( البشير ) ،
في زيارته ( للكويت ) ، كأول زيارة ،
بعد أن ساءت العلاقات ، بسبب
موقف ( السودان ) من احتلال
العراق لأراضي ( الكويت ) ،
و كان ( علي أبرسي ) ممثلاً
لأصحاب العمل ،
و نحن في الأجواء علق بذهني
موقفان ،
الأول هو أن الدكتور ( مصطفى
عثمان إسماعيل ) و زير الخارجية
يومها ، أو عز إلى الرئيس أن
أن أمير الكويت الراحل ( سعد
العبدالله الصباح ) سيبدي
في أول لقاء غضباً شديداً لموقف
السودان ، وفي اللقاء الثاني
سيتجاوز ذلك ،
و قد كان ، ففي أول لقاء ، و كما
علمت ، كان غاضباً من موقف
السودان و خزلانه لهم ، في
الوقت الذي كانوا يرونه قبلة
لكثير من الكويتيين ،
و في اللقاء الثاني تجاوز و فتح
صفحة جديدة و مضى بالعلاقات
إلى الأمام ..
و الموقف الثاني ،
و الطائرة تتوغل في أجواء
الخليج حيث بدت معالم
دُوَلِهِ ، قال ( علي أبرسي ) :
( يا السيد الرئيس ، هؤلاء أبناء
عمومة ، أقاموا دولاً مستقلة ،
نهضت و تقدمت ، فحقو
تشوفوا حل للسودان الكبير
ده ) ..
و لعله كان يعني اتباع سياسة
تقوم على ( لا مركزية الحكم ) ،
و منح الولايات من الاستقلال
ما يمكنها من أخذ نصيبها من
السلطة و الثروة حتى تنطلق
و تزدهر ..

و يوم وفاته ذكر لي أخي
( جمال الوالي ) أنه كان هميماً ،
و ذي قوةٍ و عزيمةٍ و جلَدٍ ..
و فعلاً هذا ما يبديه في هيأته
و مشيته و إقباله و إدباره ..
لقد حدثني عن حرصه على
أداء ( فريضة الحج ) ، كل عام ،
على نحو يُظهر مدى صبره على
المَشقة ، إذ كان كثيراً ما يصل
( السعودية ) صباح يوم عرفه ،
و ينطلق مُحرماً إلى مكة ،
فيطوف بالبيت و يسعى بين
الصفا و المروة ، و من هناك
يتجه ليقف بعرفة ، و يأتي
مُزدلفة مشياً على الأقدام ،
و بعدها يواصل مشياً على الأقدام ليباشر رمي الجمرات ، ثم يختم
بطواف الإفاضة ، و يتحلل من
الإحرام ، و يقوم بتوكيل من يرمي
عنه بقية الجمرات ،
و يغادر صباح اليوم التالي
ليدرك ( الأضحية ) مع أهل بيته ..
و هو بذلك يكون قد استوفى
أركان الحج عند جمهور العلماء ،
من إحرامٍ ، و وقوفٍ بعرفة ،
و طواف و سعي ..
و أحسن أخي ( جمال ) و هو
يوافيني برسالة صوتية منه إلى
( كمال الياس ) ، سبقت أيامه
الأخيرة جاء فيها :
( ياسلااااام يا كمال الياس ،
كلامك جميل و حلو و أثلج
صدري و الله العظيم ،
ياخي كيفك و شكرا على سؤلك
مني و اتصالك بي ،
إنت رجل أصيل ، جمعتنا
الطريقة و جمعنا السادة
المراغنة و البنك الإسلامي ،
و روابطنا قوية ،
و تحياتي لكمال حمزة و بناتو
و أولادو و ناس البيت فرداً
فرداً ،
و المودة في القلب و الله ،
الله يكرمكم و يحفظكم
و بارك فيكم ،
أنا في كمبالا و لكني ماشي
على قطر بعد يومين تلاتة
و من هناك ماشي العمرة
إن شاءالله ،
الله يخليك ياكمال ) ..
و جاء إلى ( قطر ) ليلقى ربه ،
و نيته معقودة على أداء العمرة ..
اللهم اغفر له و ارحمه ..

٢٤ فبراير ٢٠٢٥ ..

اترك رد

error: Content is protected !!