ضعف الآلة الإعلامية السودانية في مواجهة التعتيم الإعلامي الممنهج لعكس حجم الدمار و الانتهاكات في السودان للمجتمع الدولي

.
من خلال مشاركتي في إحدى الندوات المتخصصة في عرض الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي، والتي تصدرتها الأوضاع في السودان، جنوب السودان، الصومال، وإثيوبيا، ومن خلال شرح الأوضاع والتعقيدات التي تشهدها هذه الدول عبر تلخيص قدمه بعض المتحدثين الأفارقة المختصين في قضايا القرن الأفريقي، لوحظ تغييب تام لما يدور في السودان لدى أغلب المثقفين الأفارقة. بل إن هناك من يتعامل مع الأزمة السودانية على أنها صراع بين قوى معارضة للحكومة الحالية بقيادة الفريق البرهان، وبين قوى المعارضة بقيادة المجرم حمدتي قائد مليشيا الدعم السريع الإرهابية. بل ويتم تسويق الصراع القائم على أنه صراع بين مجموعات عربية وأخرى أفريقية. وللحظة، كدت أن أصدق هذه الادعاءات بسبب كثافة المعلومات التي تم سردها عن الواقع السوداني من قبل أحد المتحدثين الرئيسيين في هذه المنصة، والذي يُدعى الدكتور مشاكوس. وهو رجل نافذ في المنطقة الأفريقية حسب تعريفه لنفسه، حيث أشار إلى مشاركته في مباحثات جدة وجنيف التي هدفت إلى عقد مباحثات سلام بين القوات المسلحة السودانية ومليشيات الدعم السريع الإرهابية.
ولكن نحمد الله على فصاحة بعض الألسنة السودانية، وخصوصاً حواء السودان. وفي هذه المناسبة، نحييها في يومها ٨ مارس، يوم المرأة العالمي. فقد صعدت المنصة قبلي إحدى كنداكات السودان الشرفاء، التي وضحت بالتفصيل ما يدور من أحداث داخل السودان. وقدمت شرحاً مفصلاً لكل النقاط المحورية، وصولاً إلى ما قامت به كينيا، وأوضحت ضرورة عدم مساواة الجيش السوداني بمليشيات الدعم السريع الإرهابية. وذلك بعد أن سعى الدكتور مشاكوس إلى المساواة بين الجيش السوداني الذي يتلقى مساعدات عسكرية من الخارج، وبين مليشيات الدعم السريع الإرهابية التي تسعى للحصول على تسليح خارجي. ولكن بفضل هذه الكنداكة، تم دحض هذه الأكاذيب والافتراءات في مواجهة قواتنا المسلحة.
ومن هنا، أشكر هذه الكنداكة على كل الجهود المبذولة منها لتوصيل التوصيف الحقيقي لما يحدث في السودان من انتهاكات لحقوق الإنسان، إبادة جماعية، وجرائم حرب ترتكبها مليشيات الدعم السريع الإرهابية.
إن توضيح الحقائق وعكسها في المنابر والمنصات الإعلامية الرقمية ووسائل التواصل الإجتماعي إقليمياً ودولياً هو السلاح الوحيد الناقص في المعركة الوجودية للشعب السوداني. فسلاح الإعلام يمكن أن يحقق انتصارات كبيرة تؤدي إلى إيقاف داعم هذه المليشيات إقليمياً ودولياً من خلال خلق رأي عام تجاه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في السودان . وذلك من خلال خلق حملات إعلامية واسعة توضح حجم هذه الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها الشعب السوداني جراء دعم هذه الميليشيات اقليميا ودوليا . وبالتالي، تفعيل دور المنظمات الحقوقية وتعاطيها مع الأزمة السودانية بصورة مختلفة، مما سيؤدي إلى خلق اصطفاف يدعم تحركات الحكومة السودانية في المحافل الدولية. فقضية الحرب في السودان قد تم التعتيم عليها دولياً من خلال عدم بث الأحداث في القنوات الدولية، وذلك نتيجة لضغوط من لوبي متخصص مدعوم من “دولة الشر”، التي لديها نفوذ كامل في هذا المجال منذ فترة طويلة. حيث توجد أغلب القنوات الدولية في مدينة دبي ميديا سيتي، والتي ترتبط بنظام أبوظبي بصورة أو بأخرى. وهذا ما أدى إلى تعتيم الصورة الحقيقية للحرب في السودان.
لذلك، المطلوب من السيد الشاب الذي تولى قيادة العمل الإعلامي وتطويره، السيد خالد وزير الإعلام، أن يتوجه نحو بناء خطة عملية لمواجهة التعتيم الممنهج عن الحرب السودانية. وأيضاً ضبط الممارسات الصحفية التي قد تمس بسيادة الدولة السودانية، وتفعيل بروتوكول خاص للعمل الإعلامي في ظل الحرب الدائرة حتى انتهائها. كما يجب عمل توزيع جغرافي وتحديد مسارات القنوات الفضائية الخارجية وفق لمعطيات محددة لتغطية الأحداث الدائرة في السودان بصورة تخدم سيادة الدولة السودانية وتحفظ أمنها القومي من الاختراق وتعكس كل ماله علاقة وثيقة بحجم الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان من قبل مليشيات الدعم السريع الأرهابية وقادتها للمجتمع الدولي.
القاهرة
٩ مارس ٢٠٢٥ م