
▪️في منتصف ديسمبر 2025، أعلنت الولايات المتحدة عن أكبر صفقة تسليح لتايوان في تاريخ العلاقات بين الجانبين، بلغت قيمتها 11.1 مليار دولار، شملت أنظمة صاروخية متطورة، وراجمات HIMARS، وصواريخ Javelin وTOW، ومنظومات دعم جوي وبحري واستخباري متقدمة.
▪️هذه الصفقة تأتي ضمن سلسلة متلاحقة من عمليات تسليح الجزيرة، والتي عادةً ما تتزامن مع تصعيد سياسي وإعلامي أمريكي حول “الدفاع عن الديمقراطيات” في الإندو-باسيفك، بينما تتجاهل الأساس القانوني والسيادي الذي يحكم قضية تايوان منذ عقود طويلة.
▪️الموقف الصيني الرافض لهذه الصفقة يستند إلى مرجعية واضحة وثابتة:
•تايوان جزء لا يتجزأ من الصين، وهذه حقيقة تؤكدها الشرعية الدولية والقرارات الأممية ذات الصلة.
•الولايات المتحدة التزمت في البيانات الصينية-الأمريكية الثلاثة (1972، 1979، 1982) بتقليص مستوى مبيعات السلاح لتايوان، والامتناع عن تغذية النزعات الانفصالية داخل الجزيرة.
إذن الولايات المتحدة لا تتعامل مع صفقة تجارية محايدة، بل تنتهك التزامات دولية وقانونية وقّعت عليها بنفسها، وتحوّل مضيق تايوان إلى ساحة توتّر قابلة للاشتعال في أي لحظة.
▪️تتذرّع واشنطن بأن هذه الصفقات تهدف إلى الحفاظ على الاستقرار، ولكن:
•أي استقرار يُرجى من ضخ هذا الكمّ من السلاح عالي التقنية على حدود الصين؟
•كيف يُعقل أن تعزيز سباق التسلّح في واحدة من أكثر المناطق حساسيةً في العالم يمكن أن يصنع سلامًا دائمًا؟
▪️كلما اقترب السلاح من حدود دولةٍ ما، زادت احتمالات الصدام المباشر.
وما تقوم به واشنطن هو عسكرة متعمّدة للجزيرة، لرفع كلفة أي ترتيبات مستقبلية نحو إعادة التوحيد السلمي، وتشجيع قوى سياسية داخل تايبيه على المضي في النزعات الانفصالية الخطيرة.
▪️الأبعاد الحقيقية لا تخفى على أحد:
•الولايات المتحدة تعيد صياغة الحزام الأمني في غرب الهادئ: اليابان، الفلبين، أستراليا، وكوريا الجنوبية.
•تايوان بالنسبة للبنتاغون ليست سوى قاعدة متقدمة لاحتواء الصعود الصيني ومنع تغيّر موازين القوة العالمية.
•بكلمات أوضح: واشنطن تستخدم تايوان ورقة صراع جيواستراتيجي، وتغامر بشعبها ومستقبلها دون أي مسؤولية أخلاقية.
يدفع سكان الجزيرة الثمن باهظًا، في الوقت الذي يسعى فيه الطرف الآخر إلى فرض معادلة صراع لا تفيد سوى شركات صناعة السلاح في واشنطن.
▪️الصين لم تلجأ إلى التصعيد العسكري إلا ردًا على الاستفزازات:
•عقوبات على شركات دفاع أمريكية شاركت في الصفقة.
•مناورات “Justice Mission 2025” التي أكدت قدرة الجيش الصيني على منع أي تدخل خارجي، وإغلاق المجال البحري والجوي عند الضرورة.
•موقف سياسي ثابت يعتبر قضية تايوان “أول خط أحمر” في علاقة بكين بواشنطن.
▪️الصين لن تقبل أبدًا بالتلاعب بوحدة أراضيها أو بسيادتها التاريخية.
▪️يمكن للأصوات الانفصالية في تايبيه أن ترفع شعاراتٍ متطرّفة، ويمكن للإدارة الأمريكية أن توظّف الجزيرة في معادلات احتواءٍ أوسع، ولكن تبقى حقيقة واحدة حاسمة:
وأي تدخل خارجي لا يغيّر هذه الحقيقة، بل يؤجج الصدام ويُرجح كفّة الخيارات غير السلمية عند نقطة ما.
▪️بعيدًا عن الشعارات، فإن صفقة السلاح الأمريكية تحمل أعباءً اقتصادية ثقيلة لن تقتصر على تايوان، بل تمتد إلى الإقليم بأكمله.
أولًا، تفرض تايبيه التزامات مالية متصاعدة لتمويل منظومات ذات تكلفة تشغيلية وصيانة عالية، في وقت تعاني فيه ميزانية الجزيرة من تباطؤ حاد في معدل النمو وتراجع في مؤشرات التجارة الخارجية. أي أن الخطوة تأتي عكس منطق الأولويات الاقتصادية، وتدفع السلطات إلى تحويل موارد ضخمة من قطاعات التعليم والبنية التحتية والابتكار التكنولوجي؛ المجالات التي بُنيت عليها نهضة تايوان أساسًا.
ثانيًا، إن الصين — باعتبارها الشريك التجاري الأول لتايوان — تمتلك أدوات ضغط واقعية عبر القيود الجمركية، وحظر استيراد سلع استراتيجية، وفرض إجراءات تدقيق فني إضافية على الواردات التايوانية. هذه التدابير ليست افتراضية؛ فقد تم استخدامها جهراً في السنوات الماضية، ومن المرجّح أن يتكرر اللجوء إليها رداً على الصفقة الأخيرة، ما يعني أن الاقتصاد التايواني سيكون أول الخاسرين في معادلة التصعيد.
ثالثًا، على المستوى الإقليمي، تؤدي عسكرة مضيق تايوان إلى رفع تكاليف التأمين البحري على حركة السفن التجارية عبر أهم طرق التجارة الدولية، وهذا ينعكس مباشرةً على أسعار السلع والطاقة في دول شرق آسيا، ويزيد من مخاطر اضطرابات سلاسل التوريد العالمية. ولأن الصين واليابان وكوريا الجنوبية تعد من المحركات الأساسية للاقتصاد العالمي، فإن أي اهتزاز جيو-اقتصادي في هذه البقعة سينتج عنه تأثير متشعّب يصل إلى الأسواق الأوروبية والعربية والأفريقية كذلك.
أخيرًا، فإن تعزيز التحالف العسكري الأمريكي في المنطقة يخلق ديناميكية جديدة في سوق الطاقة والمعادن النادرة والبتروكيماويات، ويضع الاستثمارات الأجنبية المباشرة أمام معادلة مخاطرة أعلى. وهذا ما يبرهن أن الصفقة ليست مجرد بند في الموازنة الدفاعية التايوانية، بل هي خطأ استراتيجي مكلف اقتصاديًا، يضع الجزيرة على سُلّم أولويات العسكرة بدل سُلّم التنمية.
▪️إن الصفقة الأمريكية الأخيرة لا تعبّر عن حرص على أمن تايوان بقدر ما تعبّر عن:
•مقامرة أمريكية بأمن الإقليم
•استفزاز مباشر للصين
•تقويض متعمد لفرص إعادة التوحيد السلمي
•وتهديد واضح للاستقرار الاقتصادي في شرق آسيا والعالم
لذلك فإن موقف الصين، بكل أدواته السياسية والعسكرية والاقتصادية، ليس دفاعًا عن مبدأ سيادي فحسب، بل هو دفاع عن استقرار إقليمي ودولي، في مواجهة مشاريع الهيمنة والمغامرات العبثية.
▪️قد تختلف الحسابات، لكن الحقيقة تبقى:
الصين لن تسمح بتهديد وحدتها الوطنية.
وتايوان ستظل جزءًا لا يتجزأ من الصين، مهما حاولت التدخلات الخارجية تشويش المشهد.



