في ليلةٍ كانت مُتخمة بابتدار (تدشين) ثلاث فعالياتٍ إعلاميةٍ. والتدشين لغةً واصطلاحاً، يعني ابتدار احتفالٍ بمشروعٍ إيذاناً ببدء العمل فيه. وقد دعت الرسيلة سُهير عبد الرحيم، ثلة من ضيوفٍ كرامٍ، غلب عليهم رسلائها ورسيلاتها من الصحافيين والإعلاميين، ولكنها لم تغفل ضيوفاً من غيرهم، ليشهدوا تدشينها رسمياً لقناتها على اليوتيوب، وموقعها الإخباري الإلكتروني، الذي أطلقت عليه مسمى “صوت السودان” (Sudan Voice)، وهي بذاكم المسمى تستقريء تاريخ الصحافة السودانية، وتُجدد اسماً كان محبباً لدى والدها عبد الرحيم محمد، من باب البر والإحسان إليه، ألا وهو “صوت السودان”، تجديداً فيه ذكرى وعبرة لصحيفة “صوت السودان” التي صدرت في عام 1940، ناطقة بلسان طائفة الختمية، كصحيفة يومية تُحظى برعاية خاصة من السيد علي الميرغني راعي الطريقة الختمية في السودان. وتسنم رئاسة تحريرها محمد عشري الصديق الذي كان من أبرز كُتاب مجلة “الفجر” السودانية التي صدرت في عام 1933، وترأس تحريرها عرفات محمد عبد الله، إضافةً إلى مناصاتها في مواقع التواصل الاجتماعي.
وأكبر الظن عندي، أن سُهير عبد الرحيم أدركت بحسها الإعلامي، ونظرتها المستقبلية، أن الوسائط الصحافية والإعلامية التقليدية غير مواكبة للتطور والازدهار، عليه إشرأبت إلى الإعلام الرقمي، باعتباره إعلام الحاضر والمستقبل معاً!
وقد أضفت سُهيرُنا إلى تلكم الاحتفائية، التي انتظمت مساء يوم الاثنين 10 أكتوبر (تشرين الأول) 2022، في فندق السلام روتانا، بُعداً إنسانياً جميلاً، ينم عن الوفاء لأهل العطاء، في زمنٍ قل فيه الأوفياء، وذاكم بتكريم أستاذ الأساتيذ البروفسور علي محمد شمو وزير الثقافة والإعلام الأسبق والخبير الإعلامي المعروف، والذي قدم محاضرة قيمة عن الإعلام، مُشيداً بشجاعة الرسيلة سُهير عبد الرحيم في تناولها للقضايا بجرأةٍ وجسارةٍ، وثقة بالنفس، مُشيراً إلى أنها استمدت تلكم الشجاعة من والدها عبد الرحيم، فهو يعرف والدها معرفة وثيقة، وكانت بينهما صداقة ومودة.
لم تنسَ سُهير عبد الرحيم أولئك الجنود في كتيبتها الإعلامية، فكرمتهم عرفاناً وتقديراً لجهودهم معها، فهي تدرك أن العمل الإعلامي قد يبزغ في وسطه نجمٌ، ولكن هذا النجم لا يسطع إلا في سماءٍ زرقاءٍ!
أحسبُ أن سُهير عبد الرحيم بحرصها على تسليم الدعوة بنفسها، والتأكيد على تقديمها عند مدخل القاعة، لم تهدف إلى إحداث قدرٍ من الرهق لضيوفها، وبعضٍ من العنت في التأكد من حملها! بل هدفت من كل ذلك النظام والانضباط من معاشر الصحافيين والإعلاميين، ومع ذلكم استقبلت ضيوفها بترحابٍ وبشاشةٍ، وبعضهم لم يضطر إلى إبراز بطاقة الدعوة. وحجاجي في ذلكم، عندما قدمتُ ومعي الأخ الصديق المهندس محمود عبد الرحيم رجل الأعمال المعروف، استقبلتنا بنفسها دون الحاجة إلى إبراز بطاقتيّ الدعوة.
فالنظام كان رائعاً، والتجليس كان سهلاً ميسوراً.
في رأيي الخاص، سُهير عبد الرحيم تشربت مفاهيم العلاقات العامة ومزجتها مزجاً جميلاً مع مفاهيم الصحافة والإعلام، وهي بذلك تعطي درساً للذين لا يعتقدون في ذاكم المزج الجميل. وكان من بين ضيوف الشرف في تلكم الأُمسية التدشينية الأخ الصديق أحمد عثمان حمزة والي ولاية الخرطوم (دفعتي في جامعة الخرطوم). واغتنم تلكم السانحة، مُشيداً بالتدشين، ومذكراً الإعلاميين بهموم الولاية وأهليها!
فلا غروّ أن كان ذاكم الحفل بديعاً رائعاً تداخلت فيه المؤانسات والمعلومات والتفكه والطرب!
استهلت سُهير عبد الرحيم برنامج احتفائية التدشين، بكلمة من فلذة كبدها، ابنتها رهف باللغة الإنجليزية حتى إن كان بين الضيوف من غير الناطقين باللغة العربية، لا تكون اللغة عائق لإيصال الرسالة. وأجادت الإبنة مخاطبة الحفل بشجاعة مستمدة من شجاعة أمها.
فرهف اسم عربي أصيل ليس كما يظن البعض – وليس كل الظن إثمٌ – أنه اسم عجمي، وهذا الاسم يعني اللطافة والدقة، ويدل على الصفات الدقيقة الرقيقة. فهكذا شاركت الإبنة أمها تنظيماً ومخاطبةً.
أخلص إلى أن احتفائية التدشين شهدت فواصل غنائية من المطربين جمال فرفور وصلاح ولي، بالإضافة إلى فقرات كوميدية.
وللتأكيد على ما ذهبتُ إليه في هذه العُجالة، من أن الرسيلة سُهير عبد الرحيم سيدة علاقات عامة من الطراز الأول في الوسط الصحافي والإعلامي، رعت حفل تدشين منصاتها الإعلامية المختلفة عشر شركات وقناة فضائية!