ديور .. كالفن كلين .. دولتشي غابانا .. شانيل كلهم اعتذروا وأعرضوا ، وعندي فالأخير أقرب للخيشوم ، وفيه من أنفاس سحر الطبيعة “دعاش بس” .. إعتذروا وأعرضوا محتجين بأنهم لتمام التأنق وليس لإصحاح إنتان الجيف ! ..
أعتذروا وبين يديهم حجتهم عُرْوة الرَّحّال : تَدُسُّ إلى العَطّارِ مِيرةَ أهلها وَ هَل يُصلِحُ العَطّارُ ما أفسَدَ الدَّهرُ؟
على أن أصحاب الحرفين من أقصي سراديب الحلق “حميدتي” “حلو” لا يتصل فساد مسلكهما بالدهر ، بل هو يبرأ منه كونه جينة ولدت مع أيهما ثم مضت تهاجن الشر تلو الشر حتى أدرك المنتمون أن استئصال الزقوم يقتضي خلع الجذر .
وطبيعي أن حرف الحلق لا شأن له بشرهما المستطير ، ونذكر “الحاء” فنذكر في خشوعٍ “حم” “الدخان” ..
وخلف حمدوك ومن أمامه مسميات تتبدل كل يوم “لا تكبير ولا ضبيحة .. بالكاد وييييي” .. وأسماء قوامها الضحالة والجهالة ونبذ قيم الفسطاط الغالب .
حتى مسميات الوساطة من “جدة” وحتى الرباعية فيها نفس من السعي لتدوير النفايات ، لكنهم ليسوا نفايات من حيث أن الأخيرة يتم تدويرها للمنفعة العامة ، البلاستيك يعاد تصنيعه والمواد العضوية قد تحال لأعلاف وكل لحال سبيله لما يسر له ، عندئذٍ تنتفي الفائدة من تدوير هؤلاء .
أما المنافي فهي ملجأ من تلفظه الجماعة من حمدوكهم الذي لم يسبقه في التنقل سوى ابن بطوطة والفارق أن الأول ملفوظ تطارده اللعنات ، وشتان . أما الحلو فهو رهين محبسه في كاودا، ويظل التعايشي يخطرف حذر المسيرات تفزعه صيحات “أنا ماشي نيالا أو أو ..” ويؤرق مضجعه كل صبي يعابث بالون حمل من الهواء ما فوق طاقته.. الوليد مادبو وسلك يطاردون حتى في “لندن” ، ولقد ظللت أصل بين ذلك وبين الشاعر أبو طراف النميري في أبياته الساخرة : قفا نتساءل عن “أدولفٍ” وشرشلِ بلندن ذات التيه ثم بروكسلِ سيخبرك الألمان أن عمروا بها مطارات لم تضرب لمستر ويفلِ نزولاً عليهم بالبراشيت فجأةً كما أنقض نسر للفريسة من عُلِ
حتى لندن “ذات التيه” لم تكفل ملاذاً آمناً للمطاريد ، ذلك أن اللعنات عالقة في أردانهم المنتنة .
عجزوا ؛ وهم في عواصم “قوتشي” و”إيف سان لوران” بل أن المصانع بلغتهم أن قذرهم قد يفسد منتج مزارع الزهور بين أمستردام ولاهاي .
أيها الحادبون والنادبون بمختلف أغراضكم من منبر جدة وحتى الرباعية ؛ “فضوها سيرة” ..
يا أهل السودان لن يمثل المطاريد رقماً بل حتى الصفر يعتذر ؛ إستلهموا أمل دنقل : لا تصالح وإن منحوك الذهب إستلهموا ليلى بنت المهلهل : “لتقم صاحبة الحاجة الى حاجتها” ، وما حاجاتكم سوى دعم جيشكم ما تنهضون به حالياً . وهل ترك لنا لقيط الأيادي ما نقول ؟ : صونوا جِيادَكُمُ وَاِجلوا سُيوفَكُمُ وَجَدِّدوا لِلقِسِيِّ النَبلَ وَالشِرَعا فَقَلِّدوا أَمرَكُمُ لِلَّهِ دَرُّكُمُ رَحبَ الذِراعِ بِأَمرِ الحَربِ مُضطَلِعا لا مُشرِفاً إِن رَخاءُ العَيشِ ساعَدَهُ وَلا إِذا عَضَّ مَكروهٌ بِهِ خَشَعا ولقد فعلتم ؛ البرهان وكباشي والعطا وجابر .. ذلك هو الرباعي رحب الذراع وكفى .