استقبل المواطنون شهر رمضان المعظم بارتفاع غير مسبوق في أسعار السلع الأساسية، خاصة اللحوم والخضروات والفراخ، والتمور، والبليلة وغيرها من مستهلاكات الإفطار اليومي.
ارتفاع سعر الدولار الى أرقام غير مسبوقة الأسابيع الماضية قد يكون أحد الأسباب وليس كلها، لأنه وبعد الانخفاض الذي شهده لم يؤثر أبداً على أسعار السلع، وظلت الأسواق تشهد ارتفاعاً ملحوظاً.
المواطن وحده يواجه غول الأسواق ويكتوي بارتفاع أسعار السلع، مع غياب تام للحكومة سواء دورها الرقابي وهو أصلاً غير موجود، أو من خلال وضع سياسات مشجعة للإنتاج والتصنيع بما يخفض أسعار السلع المنتجة محلياً على الأقل.
بمناسبة السلع المنتجة محلياً. وبمناسبة إهمال الحكومة لسياسات الإنتاج فقد كان الشهر الماضي هو الأسوأ لمنتجي الطماطم.. صدقوا كذبة الحكومة بإعادة تشغيل مصنع تعليب كريمة، فأنتجوا كميات ضخمة من الطماطم لتذهب الى المصنع لإنتاج الصلصة.. النتيجة كانت معلومة للجميع، خسر المزارع واستقبلت مكبات النفايات معظم إنتاج الموسم.
ولأن بلادنا ساكنها جن أزرق وصلت صفيحة الطماطم 500 جنيه وهي تحتوي على 10 كيلو على الأقل فيما بلغ سعر علبة الصلصة 1500 جنيه.
كان بإمكان الحكومة أن تمنح شركات تعبئة الصلصة مهلة ثلاث سنوات مثلاً لتوفيق أوضاعها بجلب ماكينات تصنيع وهي لا تكلف مبالغ طائلة، بعدها يتم حظر استيراد المواد الخام لإانتاج الصلصة، وبذلك تشجع المنتج وتوفر عملات صعبة.
نفس كارثة الإنتاج الوفير نجدها في المانجو، وكيف تصبح علفاً للحيوانات في أبو جبيهة وعدد من المناطق. وكذلك البطاطس وكل الخضروات والفواكه.
رأيت بنفسي العجور والطماطم والفلفلية الخضراء تكب على شارع الأسفلت الرئيس بالسوق الشعبي أمدرمان عندما لم تجد مشترين.
مقابل ذلك بلادنا تستورد الشبس والصلصة وعصير المانجو، برغم أن ماكينات التصنيع ليست ذات تكلفة عالية.. فمن يفكر لحكومتنا؟
السلطة الحاكمة في السودان ظلت تستسهل الحلول ولا تكلف نفسها رهق البحث عن معالجات جذرية للمشكلة الاقتصادية، فهي تعمد الى الحل الوقتي.. رزق اليوم باليوم.. طالما أن ذلك يبقيها لفترة أطول على كرسي السلطة.
لا نرى أي حلول في الأفق القريب.. ما زال وزير المالية ومن معه ينتظرون الحل عبر المنح والدعم الخارجي ولم يفكروا في طريقة حلول من الداخل.
ما زال الإنتاج معطلاً، والمستثمرون ورجال الأعمال في حالة هروب الى دول أخرى للمحافظة على ما تبقى من رؤوس أموالهم.. والمواطن في معاناة تزداد يوماً بعد يوم. فيما تستمر الحكومة بكل طاقمها العسكري في انتظار أن تمطر السماء ذهباً.