ببساطة / د.عادل عبدالعزيز الفكي

رسوم النيابة العامة ما لها وما عليها


د. عادل عبد العزيز الفكي

منشور رسوم النيابة العامة موضوع فني وإداري بحت لا مبرر لمهاجمة وزير المالية بسببه هجوماً شخصياً.

من الاوفق تعديل المنشور بحيث يمنح وكيل النيابة المختص سلطة الاعفاء من الرسوم وفق مقتضيات العدالة والوجدان السليم.

برز في الاعلام مؤخراً منشور صادر عن الإدارة المالية بالنيابة العامة، وافق عليه السيد وكيل وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، متعلق برسوم تتحصلها النيابة العامة.

الكثير من الكتابات الصحفية والتعليقات على وسائط التواصل الاجتماعي اتجهت نحو شن هجوم شخصي على دكتور جبريل ابراهيم وزير المالية والتخطيط الاقتصادي، وحشد الاتهامات ضده، في حين أن الموضوع فني وإداري بحت، يُعالج على مستوى وكيل الوزارة وما دون.

أرجو أن أتناول الموضوع من ناحيتين.
الناحية الاولى هي الناحية الشكلية وفيها أقول إن الإيرادات العامة للحكومة تتكون من اربع مصادر رئيسة:-

  • الضرائب بأنواعها (المباشرة، غير المباشرة أي الجمارك، القيمة المضافة، الضرائب الجليلة على الذهب والمعادن الاخرى، رسوم الدمغة).
  • مبيعات السلع الحكومية (مثل البترول).
  • الرسوم المصلحية (تتحصلها الوزارات والهيئات الحكومية والسفارات نيابة عن وزارة المالية، وبناء على قانون الميزانية العامة).
  • القروض والمنح والهبات (مصادر أجنبية).

إن الرسوم التي تتحصلها النيابة العامة داخلة ضمن بند الرسوم المصلحية المشار إليه أعلاه، عليه فإنه من الناحية الشكلية لا غبار على هذا النوع من التحصيل.

ينبغي الإشارة إلى أنه تاريخياً كان يتم تحصيل رسوم الجهات العدلية عبر الدمغة، وذلك حفاظاً على هيبة الجهات العدلية، وعدم شغلها بالتحصيل المالي.

الناحية الثانية وهي الناحية الموضوعية، وفيها يرجى التركيز على أن منشور النيابة العامة لا يتضمن رسما على فتح الدعوى الجنائية ، يعني اذا جئت الشرطة أو النيابة شاكياً أن لصاً دخل دارك وسرقك، أو أن عصابة التقتك في الطريق العام وضربتك ونهبتك، فلن تطلب منك الشرطة أو النيابة رسوماً على الإطلاق.

الرسوم الموضحة في المنشور تأتي لاحقاً إذا رغب الشاكي في شهادة ما، أو خدمة من جهة ثانية مثل البنوك أو هيئة الاتصالات بناءً على البلاغ الجنائي، وهذا في تقديري لا غبار عليه أيضاً، عدا ضرورة منح وكيل النيابة المختص سلطة الاعفاء من الرسوم بحسب تقديره لحالة الشاكي المادية ومقتضيات العدالة.

إن تحصيل رسوم مقابل الخدمات العدلية ممارسة موجودة في العديد من الدول، أذكر في مصر أنني فقدت هاتفي المحمول في تاكسي، أبلغت الشرطة، سجلوا البلاغ بلا رسوم، ولكنني حين طلبت خطابا أذهب به لمباحث التليفونات، وهم الذين يقومون بالتتبع عبر تقنية GIS طُلب مني رسوماً زهيدة دفعتها وأخذت الخطاب.

جدير بالذكر أن الشرطة عندنا ونيابة عن وزارة المالية تتحصل رسوماً مقابل خدمات الفيش وخدمات الجوازات وخدمات المرور وغيرها، لهذا فإن القول إن رسوم النيابة هي على حساب مجهود الشرطة يبدو غير دقيق.

قد يكون من المناسب وحفاظاً على هيبة المؤسسات العدلية أن يكون التحصيل عبر نظام الدمغة، أو عبر التحصيل الإلكتروني ، شريطة أن تكون للنيابة المختصة سلطة واسعة، تحد بمقتضيات العدالة والوجدان السليم فحسب، فيما يتعلق بفرض أو الاعفاء من الرسم. مع التأكيد مرة ثانية على أن فتح الدعوى الجنائية هو بدون رسم على الإطلاق.

وقد يكون من المناسب أيضاً فتح مكاتب للعون القانوني بالنيابات تحت إشراف وزارات الشئون الاجتماعية بالولايات، مدعومة من ديوان الزكاة لمعالجة حالات الفقراء والمعسرين.

وعلى الصحافة الحرة وجمعية حماية المستهلك مراقبة تنفيذ المنشور حتى لا يتم الاشتطاط في تطبيقه.

ملاحظة أخيرة: بنود الصرف الموضحة في المنشور هي بنود عادية مجازة في قانون الميزانية.
والله الموفق .

اترك رد

error: Content is protected !!