محمد عبدالقادر
ترى ما هي الاسباب التى تجعل رسوم استخراج الجواز بهذه القيمة المبالغ فيها، ( 150 الف) جنيه للكبار ، و(75 الف ) للاطفال، واى منطق يمكن ان تتبناه الدولة لتبرير فرض هذا المبلغ الكبير فى ظل ظروف يعايشها المواطن لا اعتقد انها خافية على احد.
متى تشعر الحكومة بالمواطن ان لم تفعل هذه الايام ، ولماذا تستغل هي الاخرى ظروف الحرب لفرض رسوم ما انزل الله بها من سلطان على اصدار جواز سفر لم يتجاوز ثمنه ( 51) الفا قبل الاحداث التى وضعت جميع المواطنين فى ( السهلة وعدمتهم القرش الاحمر)، ومن اين للسودانيين بمثل هذه المبالغ الخيالية لاستخراج جوازات فى ظرف تتطلب فيه الحركة استصحاب الاسر واللجوء الجماعي .
اما كان الاولى للدولة ان تجزل شكرها للمواطن الذى وقف معها (الف احمر) فى معركة الكرامة بتخفيض الرسوم على الجواز والخدمات الاخرى بعد ان
سندها وقاتل الى صفها فى تلاحم تاريخي كان يستحق التقدير .
اما كان الاوفق اشعار السودانيين بان الحكومة تقدر موقفهم الوطني الغيور فى التصدى للتمرد ودعم الجيش قبل ادراكها الى ما يعانيه الناس من جوع ومسغبة ومعاناة ونزوح ولجوء جردهم من كل ما يملكون..
كيف استحلت الدولة هذا المبلغ وهي تعلن على لسان وزير الداخلية هذه القيمة (المبالغ فيها) وتتجاوز اوضاع المواطن المغلوب على امره ، والذى لم يعد فى جسده موضع الا وفيه طعنة عوز اوضربة ابتزاز واستغلال لاوضاعه البائسة التى خلفتها الحرب.
لماذا يتضاعف سعر الجواز ثلاث مرات ، وماهي العملية الحسابية التى فرضت هذا الغلاء الفاحش فى رسوم اصداره خاصة وان مصنعه جاء كمنحة محترمة ومقدرة من دولة قطر التى رحلته مجانا، وسط انباء عن توفير الدفاتر كذلك، وحتى ان اشترتها الحكومة واعنى ( الدفاتر) فلا ارى ان هذا الامر يصلح كمبرر لفرض هذه الرسوم الباهظة والقاسية على المواطن .
ماذا ترك الذين حددوا هذه القيمة لسماسرة الولايات والانتهازيين الذين استغلوا ظروف المواطن فجاؤوا بافعال منكرة رفعت الايجارات والخدمات وكل شئ وضاعفت من معاناة النازحين من جحيم الحرب فى الخرطوم حتى اصبحت كلفة الخروج من مسرح الموت اسوأ من فاتورة البقاء وسط القصف والدمار..
لا اعتقد ان الشعب السوداني بحاجة الى نهب جديد ، وعلى الحكومة ان تعلم انها تمارس بحقه (فعلا جنجويديا) وان اختلفت الوسائل، فالمليشيا نهبته بقوة السلاح وهاهي الحكومة تمارس ذات الفعل الان باستغلال الظروف والمغالاة فى تحديد رسوم الجواز .
هذا الشعب يستحق الافضل بالتاكيد، وعلى الدولة ان تكون اكثر رفقا به لانه صبر واعطى ولم يستبق شيئا، قاتل مع الجيش فى معركة الكرامة، واجزل صنيعا وطنيا سيظل خالدا فى التاريخ وقدم ملاحم تدرس فى الفداء والتضحية والثبات..
لماذا تحاول وزارة الماليةان تملا خزينتها من جيب المواطن دائما، وكيف تستحل على نفسها مص دمائه الى هذا الحد، وتحويله الى مورد للانفاق على الدولة؟!..
رسوم الجواز الجديدة جاءت صادمة وهي بمثابة ( جزاء سنمار)، لم تستصحب معاناة الناس ،ولم تقدر وقفتهم معها فى معركة الكرامة ولا اظن انهم عندما فعلوا ذلك كانوا ينتظرون المقابل .
مثل هذه القرارات خطيرة فى هذا التوقيت لانها تشتت الانتباه وتضعف الالتفاف حول قيادة الدولة ومساعيها لجمع الصف ومواجهة التحديات الوطنية .
على الفريق اول عبدالفتاح البرهان رئيس المجلس السيادى واركان حربه فى ( كابينة القيادة) التدخل فورا لمعالجة الموقف وتخفيض هذه الرسوم الباهظة واستعادة بوصلة الاهتمام بالمواطن، وتقدير تضحياته الكبيرة بقرارات تسنده وتقف الى جانبه فى هذه المهنة العظيمة.
عفوا ..هذه الرسوم لاتحمل اي استصحاب لظروف المواطن ولا تعبرعن اي تقدير لمواقفه المشرفة راجعوها اليوم قبل الغد..