الرواية الأولى

نروي لتعرف

الرواية الأولى / مجدي عبدالعزيز

رسالة في يوم الجمعة إلى قائد الأمة

مجدي عبدالعزيز

▪️في مجلس عزاء جمعني مؤخرًا في القاهرة، التقيت بعدد من أقرباء وأصدقاء الرئيس السوداني السابق المشير عمر حسن أحمد البشير. كان اللقاء إنسانيًا خالصًا، لا تُحرّكه دوافع السياسة ولا تحكمه الحسابات، بل كان ظلًا من ظلال الوفاء والحنين، ونافذةً تشرّعت على الشأن الإنساني المحض، حين تطرق الحديث إلى أخبار المشير وصحبه، ممن يقضون أيامهم تحت الإقامة الجبرية.

▪️علمتُ – كما علم غيري – أن المشير البشير، الذي تجاوز الثمانين من عمره، يُقيم مع رفيقه الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين في مكان حُدّد لهما، بينما يوجد الفريق أول بكري حسن صالح في موقع آخر، وكذلك العميد معاش يوسف عبد الفتاح. ولم يكن ما سمعته مجرد أخبار عابرة، بل تفاصيل إنسانية مؤلمة تُعلي من شأن الرحمة، وتوقظ الضمير الوطني.

▪️سيدي الرئيس القائد العام للقوات المسلحة، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان:
أخاطبك بهذه الرسالة في يوم الجمعة، خير أيام الدنيا، لا من باب السياسة ولا من منبر المناكفة، بل من منطلق إنساني خالص، أستأذنك – بكل احترام وتقدير – في أن أطرق عبره موضوعًا قد لا يرغب البعض في التطرّق إليه، أو قد يُساء فهمه خارج إطار نيّاته.

▪️لكنني – واشهد الله – لا أقصد من هذه الكلمات إلا الخير، ولا أحمل فيها إلا رجاءً خالصًا بأن تلامس هذه الرسالة قلبك، وأنت اليوم على قمة الهرم القيادي، تقود البلاد في أحرج المنعطفات، وقد التفت حولك الجماهير لما أنجزته من انتصارات تُعيد للدولة السودانية هيبتها ولجيشها كرامته.

▪️سيادة الرئيس:
المشير عمر البشير – رئيس السودان السابق، ورفيقه الفريق أول عبد الرحيم – يواجهان تحديات صحية جسيمة، فالأول بلغ من العمر عتيًّا ويُعاني من أمراض تتطلب رعاية صحية ولُطفًا أسريًا، ولا يخفاك ما تعنيه “الرعاية الأسرية” أو ما يُعرف طبيًا بـ”Family Care”، في مثل هذه الأعمار فالرجل مبعدة عنه زوجته ولا احد من اسرته يقيم معه ولو جبرياً ،، في حين أن الفريق عبد الرحيم يئن من كشكول أمراض مزمنة، وربما كانت بصماته تقاتل – في وجدان العسكريين – في ملحمة صمود القيادة العامة، وإن كان جسده في الإقامة الجبرية.

▪️أما الفريق أول بكري حسن صالح، فقد أشار الأطباء إلى ضرورة عاجلة لاستبدال جهاز تنظيم ضربات القلب المزروع في صدره، لبلوغه نهاية صلاحيته، ومع ذلك تعوق الإجراءات تنفيذ هذا الأمر الحرج، بينما العميد معاش يوسف عبد الفتاح يواجه معاناة صحية لا تقل عن غيره.

▪️سيادة الرئيس:
لا أحد يتطلع – لا أنا ولا من يحملون هذا الهم – الي اي مواقف تُملى تحت اي ضغط او إبتزاز كان ، بل نرفع هذا الرجاء الإنساني إلى مقامكم السامي كقائد للأمة السودانية وجيشها، بأن تُوجّه بما ترونه مناسبًا، لتمكين هؤلاء القادة، وقد بلغوا مرحلة الشيخوخة، من تلقي الرعاية التي تحفظ لهم ما تبقى من كرامتهم، وتسطر بها أنت صفحة جديدة من صفحات النبل السوداني.

▪️سيادة الرئيس:
أذكّركم – وأنتم أهل للمكرمات – بما فعله من سبقوكم من القادة السودانيين في ظروف مشابهة؛ فالفريق إبراهيم عبود عاد إلى بيته معزّزًا مكرّمًا بعد ثورة أكتوبر، وتلقّى كامل استحقاقاته العسكرية من الرئيس نميري، بل أُقيمت له جنازة رسمية تليق بقائدٍ سابق للدولة. والمشير نميري نفسه عاد إلى السودان من منفى اللجوء في مصر، فأُكرم حيًا وميتًا، وودّعته أم درمان كما يليق بقادة الدولة السودانية الكبار.

هذا هو السودان.. بلد الوفاء، وموطن القيم التي نشأتم عليها، في بيت علم وتُقى، بين أهلٍ عرفوا الرحمة قبل القوة، والتسامح قبل الحساب.

▪️سيادة الرئيس:
إن ما نرجوه منكم ليس سوى لفتة إنسانية عظيمة، تُضاف إلى سجلّ انتصاراتكم الميدانية والسياسية، وتُكتب بمداد من النور في دفتر الوطن. خطوةٌ صغيرة في الإجراء، لكنها كبيرة في المعنى، سيذكرها التاريخ بأحرفٍ من نور، وستجد صدى طيبًا في نفوس السودانيين على اختلاف مشاربهم، بل وسيتقدّم صناع الرأي العام إليكم بالشكر والامتنان، لأنكم وضعتم قيمة “الإنسان” فوق كل حساب، وهي القيمة التي تليق بقائد مثلكم… قائد لأمة، وزعيم لجيش، وأب لرعية.

وسلام الله يرعاكم ويحفظكم .

،، والي الملتقي ..

اترك رد

error: Content is protected !!