الرأي

ذكرى معركة كرندنق والحملة الفرنسية على دارمساليت

بقلم : د. محمد احمد ادم *

الحملة الفرنسية على دارمساليت هي حملة عسكرية في إطار التسابق الإستعماري بين الدول الإستعمارية في إفريقيا قادها العقيد (فيقنشو) في الرابع من يناير من عام 1910م بهدف الإستيلاء على دارمساليت ومن ثم الوصول إلى سفوح جبل مرة في دارفور في سباق مع بريطانيا العظمى
وتعد الحملة الفرنسية أول عملية عسكرية تشنها الإمبراطورية الفرنسية على دارمساليت عقب الإستيلاء على سلطنة الوداي ومن ثم التمدد تجاه السودان
وكانت للحملة الفرنسية أسباب سياسية وعسكرية دفعت فرنسا للقيام بها وذلك من أجل مد نفوذها وتوسيع رقعتها الإستعمارية وإيجاد قاعدة لها في السودان الغربي بالإضافة الى المصالح الاقتصادية والتجارية وخاصة أن دارمساليت هي بوابة السودان المطلة على غرب إفريقيا
تمر اليوم ذكرى معركة كرندنق التي دارت رحاها في الرابع من يناير عام 1910م بين جيش سلطنة دارمساليت والقوات الفرنسية الغازية بقرية كرندنق التي تقع على الضفة الشرقية لوادي كجا بعد أن تحركت الحملة العسكرية من مقر القيادة الفرنسية بأبشي بقيادة العقيد (فيقنشو) ودخلت دارمساليت إلا أنها واجهت مقاومة شرسة منذ الوهلة الاولى حيث تصدى لها جيش دارمساليت بقيادة السلطان تاج الدين وإستطاع أن يلحق اول هزيمة بالجيش الفرنسي منذ توغلها في إفريقيا في دارمساليت وفي واقعة كرندنق مما كان له الأثر الكبير في تغيير موازين الإستعمار الأوروبي في إفريقيا وتسببت في تحجيم قوة فرنسا من التمدد شرقآ بعد سلطنة الوداي الشي الذي جعل البرلمان الفرنسي يعقد جلسة طارئة يقرر فيها زيادة الدعم للجيش الفرنسي من أجل غزو دارمساليت مرة أخرى وإحتلالها ردآ لإعتبارهم وحفاظآ على مكانتهم بين الدول الإستعمارية وإنتقامآ لقتلاهم وهزيمتهم
وجسدت معركة كرندنق شراسة جيش دارمساليت في مواجهة الجيش الفرنسي في ملحمة إحتشد لها الالاف من المقاتلين في رمال كرندنق وماحولها وعلى جنبات وادي كجا قابضين على الحراب والسفاريك في مواجهة الآلة الحربية الحديثة القادمة من اوروبا في ثبات اذهل العدو واضعين خططهم المحكمة التي قضت على الجيش الفرنسي عندما إلتقى الجيشان على سهل كرندنق ووادي كجا فكان التصدي اقوى والمعركة حامية الوطيس في يوم غطى الأفق ظلال الحراب
وكانت معركة كرندنق سريعة وقصيرة إستطاع جيش دارمساليت أن يحسمها لصالحه وكانت النتائج كارثية بالنسبة للجيش الفرنسي وإنتصارآ كبيرآ لدار مساليت على الإمبراطورية الفرنسية وكان لها اثرآ طيبآ في نفوس المواطنين بأن لا إستحالة لقهر الجيش الفرنسي
وتظل ملحمة كرندنق ملحمة وطنية خالصة مكتملة الأركان أرست قواعد الإرادة الوطنية الصادقة بين شعب دارمساليت وجيشه الباسل وقدموا نموذجآ تاريخيآ للقيادة وشكلت نسيجآ صلبآ ودرعآ واقيآ لحماية دارمساليت وترابه والسودان وأرضه وتركت إرثآ بطوليآ للأجيال المتعاقبة وخالدآ في سفر الوطن وقارة إفريقيا كما لعبت دورآ رائدآ وكبيرآ في الإشعاع الوطني والحركة الوطنية السودانية وحركة التحرر الإفريقي وأزكت الروح الوطني وظلت دارمساليت سلطنة إفريقية حرة لم يطأها الإستعمار الأوروبي وظلت إنتصاراتها وتاريخها في الذاكرة التاريخية الوطنية والإفريقية بسلاطينها ورموزها وأبطالها وشعبها ونضالاتها للأجيال من أجل أن تتشبع وتغترف من ينابيعها
التحية لكرندنق في عيدها ال115 ولشجعان وشعب دارمساليت الذين سطروا التاريخ المجيد والتليد بدماءهم الطاهرة
والتحية لتاج الدين البطل القاهر الذي أصمت الفرنسيين
ولتحيا ذكرى كرندنق

*باحث إعلامي
السبت الرابع من يناير 2025 م

اترك رد

error: Content is protected !!