

تحاول مولانا أمنة كبر مسجِّلة عام النقابات ـ في عبث لا تحتمل خفته مع ثقل الكوارث التي تحيط بالبلاد ـ محو ست سنوات من التاريخ، ومسح حبر كتبته تضحيات ثورة جماهيريةً مجيدة، وكأنها لم تحدث عبر فرمانات تعيد إلى المشهد لجان النقابات التي سادت في كنف النظام المخلوع، وانتهت دوراتها ـ كما انتهى نظامها ـ في عامي 2018 و2019، فإذا بها تبعثها في 2025 كلجان تسيير. دون حتى اقل اجتهاد او محاولة للتذاكي في تكوين لجان تسيير جديدة. غير أنّ التاريخ يمضي دائماً الي الامام ولا تدور عقارب ساعاته إلى الوراء. وهذا العبث يفتقر الي المشروعية والي معقولية. إنّه مجرد جهد بائس من بقايا نظام الإسلاميين المخلوع في الترويج الي وهم عودتهم إلى كراسي السلطة عبر الاقتراب الهامشي منها، ومنها محاولة التسلّل مجدداً عبر الكيانات النقابية؛ وهو في الوقت ذاته خطأ قاتل من الحكومة التي تسمح به في استعداء الناس، بينما تخوض معركة وجود واستقلال البلاد في حد ذاتها.
النقابات لا تستمد شرعيتها من السلطة ، هذه بداهة، فالسلطة مُخدم والنقابة نقيضها الطبيعي ـ بل هي تستمد سلطتها من عضويتها وقواعدها. أما سلطة المسجِّل فهي سلطة إدارية تنظيميّة، فإن تحوّلت إلى أداة للفوضى والعبث السياسي، فقدت معناها ومغزى وجودها.
فاستقيموا، يا هداكم الله وتوقفوا عن صناعة الاعداء بلا مبرر وتحشيدهم ضدكم، فالمعارك التي يواجهها السودان تكفي وتزيد لتفادي صناعة معارك اخرى، والبلاد تواجه أخطاراً اكبر من النزول من جبل أُحُد لحصد المغانم، ولا تحتمل أن تُستنزف في صراعات من اجل مكاسب صورية لن تصمد في مواجهة ارادة الناس. وتجربة اندلاع ثورة ديسمبر وارادة من الذي انتصر فيها ما زالت قريبة من الاذهان.
د. أمجد فريد الطيب
