يأتي دور الشباب في طليعة اهتمامات الدول التي تريد النهوض بشعوبها من خلال خلق برامج تطويرية تتوافق مع المشروع الوطني لكل دولة والذي تم رسمه من قبل مختصين الدراسات والبحوث الاستراتيجية والخاصة بتطوير الدولة ومن هنا يبتدئ دور الدولة في تعظيم دور هذه الفئة داخل جميع القطاعات الحيوية للدولة والاهتمام بتوفير جميع السبل اللازمة لها لتحقيق الدور المرجو منها حتى تصبح فئة فاعلة داخل المجتمع وتوثر في جميع مستوياته سواء كانت سياسية، اقتصادية، او اجتماعية.
و بالنظر الي الدور الرئيسي و الذي لعبته الفئة الشبابية في عملية التغيير السياسي في السودان و القيام بثورة ديسمبر و اسقاط حكم الرئيس البشير في العام ٢٠١٩م فقد كانت السقوفات المتوقعة من قبل هذه الفئة بان تقوم الحكومة الانتقالية التي شكلت في ذلك ألحين برئاسة رئيس الوزراء المستقيل د. عبدالله حمدوك في العام ٢٠٢٢م، بان تولي الاهتمام بقضايا و اهتمامات و تطلعات الشباب وذلك بتعظيم دورهم في المشاركة في عمليات صنع القرار داخلي الدولة و الذي نص عليه في بنود الوثيقة الدستورية الموقعة في اغسطس من العام ٢٠١٩م. و ذلك من خلال الاستفادة من طاقاتهم في بناء الدولة السودانية الحديثة و لكن اتت التوقعات دونما ذلك و بدلاً من الاهتمام بقضايا الشباب قامة حكومة د. حمدوك بتحجيم الدور الشبابي من خلال اختزال دوره في مرحلة واحده و هي الثورة التي قام بها و عدم الاعتراف بالتضحيات التي ساقها الشباب في جميع مراحل التغيير التي جرت بالبلاد بل وعملت علي إقصائه و إبعاده عند دوائر القرار و ذلك باستصحاب فئة قليلة من الشباب الذين بالأصل كإنو يحملون اجندات و افكار كانت جزءً من مشروع خارجي للتغيير في السودان و لا تمد باي صلة الي الاجندة الوطنية للشعب السوداني وشبابه و لا الي المبادي التي تبناها الشباب ابان قيامه بثورة ديسمبر ٢٠١٩م.
وان التفكير في قضية مشاركة الشباب في الشأن العام لابد أن يتم ضمن منظور عام ومتكامل يطرح بداية اصلاح المجتمع، وإجاد بيئة سليمة لممارسة عمل سياسي ومدني حقيقي يعطي الفرصة للشباب لأثبات جدارته في ترسيخ الدمقراطية وتحقيق التنمية المستدامة وهذا لن يأتي إلا بتفعيل مظاهر المدنية الاساسية والتي تعني ” المشاركة الواعية لكل شخص دون استثناء ودون وصاية من اي نوع في بناء الإطار الاجتماعي الاقتصادي والسياسي، أي في تأسيس السلطة والشأن العام”.
ولذلك ان مستوي الانخراط في مؤسسات المجتمع المدني من جمعيات ومراكز ومؤسسات اقتصادية غير تقليدية كحاضنات الاعمال ومؤسسات الشباب والتحالفات الشبابية هي المفتاح الاساسي نحو بناء مجتمع مدني ناهض وحقيقي بعيدا عن الهتافات والشعارات الجوفاء التي عملت لتشكيل ذهنيات سائدة داخل المجتمع السوداني والتي تعتقد ان الشباب غير مؤهلين للعب أدوار قيادية والمساهمة في صنع القرار، وهو ما أدي الي افراز ميكانيزمات اقصائية للشباب.
وبالرجوع الي اهمية الدور الشبابي في بناء مستقبل الامم وجب عليا مراجعة المؤشرات الموضوعية والتي ساقتها بعض المراكز الدولية المختصة في مجال الدراسات بعد عام تقريباً من تشكيل الحكومة التي أدرجت في بين طياتها أهمية ممارسات القوة الشبابية ولعب دورهم في التغيير في السودان من خلال قيامهم بثورة ديسمبر ٢٠١٩م و كان اكثر تقرير مثير هو تقرير مركز كارتر في العام ٢٠٢٢م و الذي تحدث بصورة جليه عن التحديات و الفرص للشباب في المراحل القادمة في عمر السودان تحت عنوان شباب السودان و الانتقال(الاولويات ، التصورات، و الاتجاهات و من خلال مراجعة هذا التقرير و تقارير اخري وجدنا بان تمثيل الشباب قد كان إبان الفترة الانتقالية لا تتجاوز ما نسبته ٢٪ في جميع مراكز صناعة القرار بالدولة و هذا الأمر يجعل فئة الشباب في خانة التهميش اي ان نسبة المشاركة يجب ان تكون وفق حجم الفئة في المجتمع و الشباب يأتي بالمرتبة الاولي من حيث التعداد اي انه يشكّل حوالي ٦٠٪ من نسبة المجتمع السوداني و لذلك وجب علينا إيداع رسالة عاجلة لجميع مستويات السلطات في السودان و خصوصا السادة في مجلس سيادتنا للفت انتباههم بالإسراع في الاستفادة من طاقات الشباب الذين هم عماد الحاضر و قوة المستقبل للدولة السودانية.