
التخطيط لما بعد الحرب ضرورة وواجب.
ما قدمه البروفسور المنصوري وزير الثروة الحيوانية من خطط يستحق أن يدعم.
الاعلام التنموي من ضرورات المرحلة.
الحرب في السودان أحدثت دماراً هائلاً في البنيات التحتية وفي كل الأنشطة الاقتصادية، ولكي تستمر الحياة لا بد من إعادة الاعمار، واستعادة النمو في القطاعات الاقتصادية كافة.
يرى البعض الامتناع عن تناول أي موضوع يخص المشروعات والتنمية في وقت الحرب هذا، باعتبار ان كل الجهود يجب أن توجه للمجهود الحربي. بالطبع هذا غير صحيح لثلاثة اسباب، الأول: ان المشروعات والعمل والتجارة هي التي تأتي بالمال لدعم المجهود الحربي، والثاني: أن التخطيط لإعادة الإعمار وتجهيز المشروعات يحتاج وقتاً، وبالتالي ليس منطقياً أن نبدأ في التخطيط في اليوم التالي لتوقف الحرب وهي حتماً سوف تتوقف. والسبب الثالث: أن الدول والمنظمات والشركات ورجال الأعمال الراغبين العمل في السودان بعد الحرب يحتاجون لمعرفة احتياجات السودان التفصيلية قبل فترة كافية لكي يقوموا بدراسة المشروعات ورصد الأموال المطلوبة للدخول في السودان.
وزير الثروة الحيوانية السوداني البروفسور احمد التجاني المنصوري وضح في عدة لقاءات مع المهتمين ومع رجال الأعمال ان خطته في قطاع الثروة الحيوانية تستند على قيام مدن للإنتاج الحيواني في عدد من الولايات، يتم في هذه المدن تربية الثروة الحيوانية لإنتاج اللحوم والالبان والمنتجات الأخرى، وانه يستهدف السوق الخليجي كسوق للصادر، وانه سيعتمد على الأبقار المستوردة ذات الإنتاجية العالية مثل الفريزيان.
تعرضت هذه الخطة لانتقادات هي بتقديري انتقادات جانبت الصواب، حيث أشار البعض الى أن البلاد في حالة حرب فلا يجوز الحديث عن مدن للإنتاج الحيواني، بالطبع الرد على هذا ما قلناه سابقاً أن التخطيط المسبق مطلوب لكي يستعد من يرغب الاستثمار في السودان.
من جانب آخر أشارت الانتقادات إلى أن مهمة الوزير في الوقت الحالي مكافحة التهريب وتجهيز العيادات البيطرية وحل إشكالات موانئ الصادر. وللرد على هذا نقول أن لكل وزارة من الوزارات في الدولة مهمتان أساسيتان الأولى تسيير أوضاع القطاع المسئولة عنه، وهي الإجراءات والأعمال الروتينية BUISNESS AS USUAL وفي حالة وزارة الثروة الحيوانية فإن الأعمال الاعتيادية لهذه الوزارة تشمل متابعة أحوال الثروة الحيوانية مما جميعه، رعاية بيطرية، متابعة إجراءات الصادر التقليدي وتشجيعه، جمع الإحصاءات والمعلومات وتزويد الجهات المختصة بها مثل وزارة الداخلية وبنك السودان ووزارة المالية، تشجيع البحوث في المجال، مكافحة أمراض الحيوان بالتعاون مع المنظمة الدولية المختصة OIE كل هذه الأعمال هي من الأعمال الاعتيادية التي يقوم بها موظفو الوزارة وعلى رأسهم الوكيل سواء أكان هناك وزير أم لا.
أما النوع الثاني من المهام أو الأعمال فهو العمل التخطيطي والاستراتيجي، وهذه هي المهمة الأساسية للوزير، وهو أساساً شخص يؤتى به كخبير في مجاله لإحداث اختراق وتغيير، ذلك لأن الأعمال العادية تسير به وبدونه.
وعلى هذا الأساس فما هو الجديد الذي بشرنا به البروفسور المنصوري؟ قال الرجل انه اجتمع وتحدث مع ولاة الولايات في الشمالية ونهر النيل والقضارف والنيل الأزرق لتخصيص أراضي لمدن الإنتاج الحيواني باعتبار أن هذه الولايات مصنفة خالية من الأمراض، وطبعاً تعبير (خالية من الأمراض) هو تعبير فني تستخدمه منظمة OIE. وكذلك باعتبار أن هذه الولايات بها إمكانية زراعة الأعلاف بتكلفة منخفضة. التحرك في هذين المحورين تحرك جيد ينبغي أن يشجع.
المسألة الثانية قال إنه وبحسب علاقاته السابقة كمدير سابق لواحدة من أكبر شركات الإنتاج الحيواني في المنطقة قد تحدث مع عدد من المستثمرين العرب والأجانب للدخول في استثمارات في هذه المدن، وقد وجد استجابة مقدرة، وهذا أمر إيجابي للغاية.
المسألة الثالثة أشار الرجل الى أنه سوف يستهدف السوق الخليجي بمنتجات اللحوم والالبان، وهذا تفكير سليم لأن الدول الخليجية تستورد في الوقت الحالي هذه المنتجات من أماكن بعيدة في أمريكا اللاتينية وأستراليا وأوروبا. الاستيراد من السودان يقلل التكلفة.
المسألة الرابعة قال الرجل إنه سيعمل على استيراد سلالات عالية الإنتاجية من الأبقار مثل الأبقار الفريزيان، وهذه مسألة إيجابية جدا، وستعمل على تحسين القطيع القومي.
وكما ترى عزيزي القارئ فإن خطة الرجل وطموحاته إيجابية للغاية، والسؤال هو هل سوف تواجهه عقبات في التنفيذ؟ طبعا العقبات متوقعة وأولاها اننا الان في حالة حرب ودمار للبنيات التحتية بما يجعل المستثمرين يترددون في الدخول للسودان، وأن بعض القبائل السودانية تقف ضد الاستثمارات الأجنبية، وأن هناك فساداً في بعض المرافق بما يشجع على التهريب وعدم استعادة عائدات الصادرات. نعم هذه مشاكل كبرى موجودة، لكن يبقى التحدي أن نعمل جميعاً معاً على إزالة هذه العقبات والقضاء عليها.
على الاعلام الوطني المسؤول تبني الخطط الإيجابية وتشجيعها، وتلميع صورة بلادنا وامكانياتها المهولة. وفي نفس الوقت كشف أماكن الخلل ومكامن الفساد ومحاربتها بلا هوادة. والله الموفق.





