من زاويةٍ أخري / محمد الحاج

دق ناقوس الخطر تكنلوجياً (مشروع النافذة الواحدة للتجارة)



إن إتاحة المعلومات أمر حيوي للنمو الاجتماعي والاقتصادي. حيث توفر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT) أداة قوية يمكنها إن تم نشرها بشكل عادل أن تضمن تمكين المواطنين وتمكين الحكومة من تقديم الخدمات بكفاءة وفعالية وشفافية ومسؤولية. فالمعلومات ضرورية لتقديم المنتجات والخدمات العامة والخاصة بشكل كفء والتي تلبي احتياجات المواطنين والشركات، كما هي أساسية لبناء القدرات للعناصر الرئيسية في تطوير وتنفيذ واستغلال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لبناء مكونات أساسية ومستدامة للتنمية، اما الأساس الثاني فهو بنية تحتية متكاملة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات تسعى إلى توفير البنية التحتية المتكاملة اللازمة لتمكين تقديم منتجات وخدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بتكلفة فعالة للسودانيين. الأساس الثالث هو بنية تحتية متكاملة للمعلومات، والتي تهدف إلى تحسين جودة خدمات الحكومة الإلكترونية وتمكين البلاد من الانتقال إلى مجتمع قائم على المعرفة. يتم ذلك من خلال ضمان وصول جميع المواطنين السودانيين إلى المعلومات التي تحتفظ بها السلطات العامة وأن تكون المعلومات العامة متاحة بسهولة من خلال بوابات موحدة بطريقة ميسورة وآمنة، هذا هو الأساس الذي تبني عليه عملية التحول الرقمي وهو الامر الذي دعاني الي كتابة هذا المقال ” دق ناقوس الخطر تكنلوجياً مشروع النافذة الواحدة للتجارة “
تم اعتماد قانون الشراكات مع القطاع الخاص (PPP) في العام 2019م وذلك لإحداث نقلة في عملية الانفتاح عبر الشراكات مع القطاع الخاص وذلك لتخفيف الاعباء من على كاهل القطاع الحكومي بل لتسريع وتوسيع عملية الإقلاع الاقتصادي للدولة السودانية بحيث تسهم هذه الشراكات برفع الناتج القومي للدولة من خلال إتاحة الفرصة امام الشركات السودانية و رؤوس الأموال الوطنية والعالمية بالدخول بالاستثمار في السوق السودانية ومشاركة الحكومة في القطاعات الحيوية التي تحتاجها الدولة للنهوض بالاقتصاد وفقاً لموجهات وخطط الدولة الاستراتيجية.
فمنذ ما بعد استصدار قانون الشراكات مع القطاع الخاص (PPP) في العام 2019م قامت عدة شركات وطنية بالعمل على نموذج بناء شراكات مع شركات عالمية متخصصة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT) وذلك لتوفير منتجات هذه الشركات العملاقة للاستفادة منها في عملية تطوير الاقتصاد السوداني. فشركة هواوي و التي عقدت شراكات مختلفة مثالا و ليس حصراً الشراكة مع شركة سوداتيل للتطوير قطاع الاتصالات قد مكنت هذه الشراكة شركة سوداتل بعد الحرب الاستفادة من مواصلة اعمالاها و تخفيف وطاءة الحرب علي المواطن السوداني بعد توفير شركة هواويي للمعدات و البرمجيات التشغيلية لشركة سوداتل بعقود آجله وشركات وهذا نموذج يمكن أن يحتذي به في عقد شركات أخري مع شركات البرمجيات المتخصصة دون تحميل الدولة أيما تكاليف في عملية إنشاء هذه المنصات بل و تجعلها تستفيد من هذه البرمجيات في تقليل الكلفة وتسهم في رفع مستوي دخل الدولة فهذه البرمجيات العملاقة لا يمكن تنفيذها محلياً لأنها تحتاج الي خبرات تراكمية في مختلف المجالات. فمثل منصة برمجيات النافذة الواحدة والتي صممت خصيصاً لمواكبة المتغيرات في التجارة الدولية لتسهيل كافة الإجراءات التجارية والاقتصادية يمكن أن تمكن السودان من استقطاب الاستثمارات المحلية والعالمية وتعزيز من مكانة السودان كواجهة استثمارية في افريقيا والشرق الأوسط وتوجيه تلك الاستثمارات في القطاعات ذات الأولوية حتى في ظل هذه الحرب وبعد استعادة الاستقرار للسودان.
ومن هناء ابعث برسالتي هذه الي السلطة التنفيذية بالدولة وأخص بالذكر أصحاب المصلحة، وزير المالية، وزير التجارة، اللجنة القائمة على مشروع النافذة الواحدة للتجارة، بأن مشروع النافذة الواحدة هو مشروع استراتيجي قومي لا يمكن تطويره من قبل مطور محلي فمثل هذه البرامج هي برامج عملاقة ومتخصصة جداً مثلها مثل نظام الاسكودا الجمركي على سبيل المثال فهل هنالك من يستطيع تطوير برنامج الاسكودا او برنامج ويندوز من المطورين المحليين بغض النظر على الكلفة! ولذلك نطالب وزارة التجارة بأن تقوم بدورها وتطلع السلطات التنفيذية على مقررات منظمة التجارة العالمية فيما يختص ببرنامج النافذة الواحدة. كما أيضا ومن باب التخصصية والشفافة المهنية وكصاحب مصلحة حيث لا تنتفي مصلحتي في هذا المشروع دون عن مصلحة الوطن فقد تم ترثية عطاء النافذة الواحدة لشركة ويب فونتين وذلك بالعطاء المطروح للعام 2022م من وزارة التجارة وكان من المزعوم تنفيذ التعاقد ولكن لظروف الحرب توقف العمل بالمشروع ولكن في الفترة السابقة تم مخاطبة الشركة من قبل وزارة التجارة حيث قامة الشركة بالرد بطلب معلومات من قبل وزارة التجارة وذلك لمعرفة بعض التفاصيل بالتنفيذ ولكن وزير التجارة الأسبق رد بأنه سوف يقوم بإلغاء المشروع دون ابداء الأسباب وراء الغاء مشروع النافذة الواحدة مما جعل الامر في غاية الغرابة من قبل الشركة و مثل هذه التصرفات من قبل جهات سيادية تعود علي الدولة بإساءة بالغت في المحافل الدولية .
كما أن هنالك الكثير من اللغط يدور حول كيفية توقف تنفيذ مشروع النافذة الواحدة ولإلمامنا التام بالتفاصيل الخاصة بهذا المشروع نثير هذه التساؤلات لماذا تريد الدولة تحمل كلفة تطوير برنامج النافذة الواحدة وهنالك شركات عالمية ذات تخصص ولديها الإمكانيات والخبرات وهي تمتلك هذه البرامج تريد الدخول في شراكة مع الدولة مع علم الدولة بأنه كانت هنالك عدة محاولات لتصميم نافذة واحدة للتجارة جميعها فشلت من قبل فتحملت الدولة الكلفة الباهظة لهذه التجارب الفاشلة؟
ختامًا، بعد شن العدوان على الدولة السودانية من قبل مليشيات الدعم السريع بتاريخ 15 أبريل 2023، تم استهداف قطاع التكنولوجيا المعلومات والاتصالات بشكل مباشر بهدف تعطيل جميع الخدمات الحيوية التي يستفيد منها المواطنون في مختلف أنحاء السودان. وبفضل الجهود التي بذلها الشباب في قطاع الاتصالات في السودان وتحملهم الأوضاع أثناء الحرب، صمد قطاع الاتصالات وساهم في تخفيف وطأة الحرب على المواطن السوداني.
هنا أخص بالذكر الشباب الذين أمنوا بحياتهم قطاع الاتصالات، من المهندسين المدنيين والعسكريين (م. م مختار، ر. م محمد ع، ر. م حسن، م. همام، م. عبد الرحمن، م. جعفر وآخرون) من القوات المسلحة وشركة سوداتل، لتوفير الاتصالات للقوات المسلحة منذ اليوم الأول للعدوان. لقد كانوا جيشًا خفيًا عمل على إبقاء الاتصالات متاحة للقوات المسلحة وللمواطنين، وقطعوا الطريق أمام المتمردين بمنعهم من استخدام خدمات الاتصالات التي جهزوها للهجوم على الدولة السودانية.
كما أود شكر السيد مدير هيئة الاتصالات د. الصادق جمال الدين على تكبده المشاق الكبيرة منذ اليوم الأول للعدوان وحتى اليوم. وحرصه وحرص الهيئة على توفير خدمات الاتصالات في جميع أنحاء الوطن. وأدين أيضًا بالشكر للسيد المدير التنفيذي م. مجدي محمد عبد الله على تفانيه المطلق وتحمله للظروف الشاقة منذ اندلاع العدوان في اليوم الاول هو وجميع طواقمه الإدارية والفنية الذين عملوا على استعادة الخدمات في جميع مدن السودان. نشكر أيضًا دولة الصين وشركة هواوي على دعمهما لشركات الاتصالات والوقوف مع السودان في محنته من خلال توفير المعدات لاستعادة قطاع الاتصالات في السودان.

اترك رد

error: Content is protected !!