خمسون عاماً يوبيلاً ذهبياً لاتحاد سبع إمارات نهضت فتية بعزم الأب المُؤسِّس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيّب الله ثراه
•خرجت الإمارات ناهضةً وماضيةً في مسيرة البناء والتنمية والتطوُّر والمُواكبة
• منذ التأسيس, ظلّت تسير على مبدأ تعزيز الأمن والسلام والتنمية المُستدامة في مختلف أرجاء المعمورة إطاراً لسياساتها الخارجية
✍️ علي مهدي
عدت يا سادتي بعد غياب الدهاليز لأسابيع، تزيد ولا تنقص من أشهر أقل, حدث في تلك الأسابيع ما حدث، قطريًا وإقليمياً ودوليًا، وظل فيها الدهاليز كلما ادلهمت النوازع، يرقب الأحداث، يجمع التصاوير إلى جانب الحكايات، ويجاهد النفس من هلع الذات، بأن الانتظار سيطول، وإن عليها أن تخرج من باب الانتظار، والنظر إلى ساحات أرحب، للمشاركة في صناعة مستقبل يتنعم فيه الناس بأحلام السعادة، وإن صعوبتها أدنى إلينا من حبل الوريد، تلك الفترة غابت فيها الأحداث الفريدة.
ما يشغلني، كنا وآخرون، أن نمشي نحو النور بالممكن من النجاحات، ولو استصحبنا قليلاً من الخسائر، لا في المعاني، لكن فيما لا يتبعنا بعدها، ويضاف للتواريخ المجيدة للأمة.
ثم غاب الأمس مني، ودخلت في بعض من عزلة استحقها، لأنها تتيح بالقدر المُستطاع فرص النظر عن بُعد للاحداث، خاصة المدلهم منها، وانظر حولي، أراجع الأوراق القديمة، حروف كتبتها في زمانها لأشياء أحببتها أول مرة عن بُعد، ثم دخلتها وصرت منها أقرب بنظري، وما أتيح لي أن أسهم به من مواقع مكّنتني من النظر عن قُرب للناس كل الناس في دولة الإمارات العربية المتحدة، وأول البارحة عادت للخرطوم في الجزء الجنوبي منها، علامات الفرح، وإشارات السعادة، أجواء ما بعد النجاحات الكُبرى، كانت هناك في بيت الإمارات الكبير في السودان. ولأنه يلعب أدواراً مهمة منذ وصوله سفيرًا وأخاً وصديقًا للجميع الحبيب حمد محمد الجنيبي، جاء كل الناس ليشهدوا على العيد الذهبي لدولة الإمارات العربية المتحدة، جلست الأنوار بألوانها الزاهية لجوار الرايات بألوانها اليانعات، مع الناس القيافة من كل أرض الرحمن الواسعة كانوا هناك أول البارحة، في فضاء وطني وعالمي، الصدق كان في الإعداد له، ليخرج معبراً عن حالة فرح غامر تشهدها مدن الإمارات، ولأنها رايات الإمارات وعلمها يكمل خمسين عامًا، ولأنها ألوان مختارة بعناية للعلم، كانت في كل الأوقات تشير لمعنى الاتحاد، ولأنها من العلامات الناجعة في الإقليم والعالم، أضحت تُشكِّل حضورها الأممي بالحق، لا على ساريات السفارات والملحقيات في العالم، لكنها من إشارات السعي بين الناس بالخير فكتبنا عنها في الدهليز (أنسنة الدبلوماسية). وهي التي انتقلنا معها كثيرًا، واحتفلنا بها في المدائن الخالدة، وهي تصنع الآن التواريخ وتبني التوازنات الممكنة في الاقتصاد والصناعة والابتكار والشركات المُستنيرة، وفي اكتشاف العوالم الجديدة والبعيدة من عند كواكب تنير ولا نصلها، لكنها المُدن الخوالد من أبو ظبي البيت الكبير الآن وعلى مدى سنوات تعمل على خلق المناخات الأفضل للتعايش السلمي.
وأعود لرسالة سعادة السفير حمد محمد الجنيبي في حفل العيد الوطني الخمسيني الذهبي، ولا أقول كلمته، كانت رسالة، فيها كل الصدق والنوايا الحسنة، والنظر للمستقبل، والتمسُّك بالقديم القوي القادر، وهو ما يصنع اليوم بما فيه من نجاحات كبرى، كما استطاعوا باتفاق الآباء المؤسسين للدولة الأحدث وقتها في تواريخ المنطقة والإقليم والدنيا أن يستجيبوا لمبادرة الأب المؤسس لتخرج الدولة الفتية ناهضةً وماضيةً في مسيرة البناء والتنمية والتطوُّر والمُواكبة, فسار على الدرب الأبناء الأوفياء، بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة – حفظه الله.
ولأنها الأمسية أول البارحة فيها الكثير، ولم تكن عندي والكثيرين مجرد عيد وطني تقليدي يعود كل عام في أوقاته المعلومة، لأن فيها ما احتفي به شخصيًا دون أن أحملها أكثر من تفاسير، لكنها ومن الحضور الوطني فيها، بما فيه من تنوع قبلي وسياسي ومدني، وحتى عسكري ورجال الفكر والثقافة والإعلام وصناع الرأي, صنعوا منها امتداداً لأدوار الإمارات الدولة القيادة والسياسات، وأدوار السفارة في الخرطوم، وسعادة السفير حمد الجنيبي في بناء تفاهمات بين صناع الحياة السودانية لاستقرار الحكم، وتبيان خُطط الطريق لمستقبل فيه من الأمان كل شيء ممكن وليس مستحيلاً. لذاك وهذا وكل ما يمكن أن يُشار إليه في شأن احتفالية العيد الذهبي, فعندي مناسبة خاصة وتتوافق وعودة الدهاليز، كان الناس، كل الناس من أهل السودان هناك، ولن أحيط بالحضور والإعداد والتنوع، ورغم تقاطعات عديدة في الشارع الوطني السوداني، لكنها تلك المساحة الأجمل في الاحتفال بالعيد الذهبي، كانت جسراً بينهم, فكانوا هناك لسعات. مشى حلمي معها، فمالهم لو ظلوا على هذا الاتفاق بهذه المناسبة الطيبة؟ وليأخذوا معهم تلك الأجواء لدوائر العمل، بيوتات السياسة، والمُجتمعات صانعة الفعل اليومي في شأن الوطن.
ولم تغب عني الإشارات الذكية من قوائم المدعوين لهذا الاحتفال، لقد تمّ إعدادها بعناية لتصبح فرصاً لأطراف الشراكة السياسية ليلتقوا ولو لسعاتٍ, لعل ذاك يعين في الدفع لأوضاع أفضل أيامنا القادمات, ولعل دهليز اليوم يؤشر لها رغم بعض اليأس الساكن في الأفكار في بعضها ويعظم من اتجاهي هذا أن الاحتفاء صادف هذه الأوقات بالغة التعقيد في الوطن ليكون كما تعوّدنا منها الدولة الفتية الإمارات سهمها في التوافق أقوى ويصبح أكثر تأثيراً على النتائج مستقبلاً ليس ببعيدٍ, ثم نظرت بعدها لرسالة سعادة السفير حمد الجنيبي وهي تقف الآن خلف دهليز اليوم، واستمعت لها وكنت بين سعادة سفير صاحبة الجلالة ملكة بريطانيا متّعها الرحمن بالصحة، والرجل في أسابيعه الأولى، وبين الصديق سعادة ممثل اليونسكو الجديد في الخرطوم وهو كذلك أيضاً تتّسع عنده الابتسامات كلما مرّ علينا أطيافٌ من أهل السودان في التنوع، كانواً حضوراً، لذاك كانت الرسالة الخطاب, أكثر من كونها كذلك. انظر معي كيف يحكي (إن التقدم والتطور والازدهار الذي نعيشه اليوم في دولة الإمارات, واكبته سياسة خارجية متوازنة قائمة على نهج الاعتدال وقيم الحق والخير والعطاء الإنساني والتسامح).هذه الإشارة عندي واحدة من أكثرها وضوحًا ومن أخريات في الرسالة المتجددة غير التقليدية التي تسمعها في هكذا مناسبات، وكنت الأسعد بأن لمحت أكثر من عين رضاء في من حضر، وكانوا هُم من يحتاج لها الكلمات المعبرة عن الدولة البناء والتشييد.ثم يتجوّل بنا سعادة السفير وهو يُعدِّد في حُسن الاختيار لأسباب نجاعة هذه السياسة الخارجية وقبولها من المجتمع الإقليمي والدولي, انظر معي بفرح لحجم النجاح وقبلها القبول من الآخر. (تجلّت مواقف الدولة الإنسانية من خلال أزمة جائحة كوفيد – 1٩ وكانت من أوائل الدول الداعمة للمُبادرات الإنسانية).والأرقام عندي من مواقع وكالات الأمم المتحدة وليس من خطاب العيد الذهبي وهو أمرٌ مُستحقُ الإشارة إليه, أرقام وفعل نبيل. ثم الإشارة الأهم تواجد الإمارات في عددٍ من واجهات العمل الدولي, فهي عضو (اللجنة الدولية الإنسانية لتقصي الحقائق).عضو في مجلس الأمن الدولي للفترة ٢٠٢٣/٢٠٢٤.تلك الحقائق جمعتها رسالة سعادة السفير في احتفال سفارة الإمارات بالخرطوم بالعيد الوطني فكانت دليل ومؤشرات مراجعتها واجبة من حيث كونها المؤشر والعلامة الضامنة للنجاح. والدهاليز تسعد بختام الرسالة الخطاب بوضوحه, وقال (تولي دولة الإمارات اهتمامًا كبيرًا بالشأن السوداني ومواقفها باستمرار مؤيدة للشعب السوداني وتطلعاته لحياة كريمة).(نؤكد دومًا على إيماننا بقدرك السودانيين على تجاوُز تحديات الفترة الانتقالية).نعم، والدهاليز تؤكد عدم الانقطاع في أيامنا القادمات.والتحيات العطرات لأهلنا في دولة الإمارات وعام جديد فيه من الخير الكثير.ولك يا سعادة السفير حمد الجنيبي كل الشكر على هذا الاحتفاء الكبير، سعيت لجمع الناس ونجحت، كلهم كانوا هناك، وكلماتك كانت واضحة ومُوحية.