منذ سنوات تراجع دور الخطوط الجوية السودانية ولم تعد الناقل الوطني الذي يحمل علم السودان في سماء النقل الجوي داخليًا وخارجيًا.
المشكلات التي أعقدت سودانير معروفة ..منها الإداري والمالي ومنها ما يتعلق بالحكومة وإقحام الشركة التجارية في صراعات سياسية .وفي قضايا فساد تحت مبررات الخصخصة .
صحيح أن المقاطعة الأمريكية كان لها تأثير على سودانير بشكل كبير.لكن حتى بعد أن سمح مكتب إدارة الأصول الخارجية الأمريكية (أوفاك) باستيراد قطع الغيار لم تتحرك سودانير للاستفادة من القرار .ولم تكن لديها خطة تأهيل ،ولا موارد مالية بعيدًا عن عباءة الخزينة العامة برغم أنها شركة تجارية مفترض تكون لديها موارد ضخمة .
الطبيعة لا تقبل الفراغ ..دخلت شركات طيران خاصة استطاعت أن تأخذ موقع سودانير داخليًا ،ثم بحسن الإدارة والحوكمة استطاعت أن تحل محلها خارجيًا رغم ارتفاع تكلفة النقل الجوي والمشاكل والتحديات الكبيرة خصوصًا في بلد كما السودان يعيش عدم استقرار في السياسات الاقتصادية وفي سعر الصرف وارتفاع التكلفة الإدارية .
صحيح دخلت بضع شركات مجال النقل الجوي لكن قليلًا منها صمد في ظل تلك التحديات .
شركة بدر للطيران تعد أولى وأهم الشركات التي أثبتت قدرتها في السوق الداخلية .وعبرت نحو الأجواء الخارجية بكفاءة عالية ..
تساءلت بل كتبت في فترة سابقة لماذا يعتمد المسؤولون في الدولة على بدر في رحلاتهم الداخلية والخارجية متجاوزين الناقل الوطني بصورة واضحة. البرهان ..حميدتي..رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك ..الوزراء وغيرهم يختارون بدر لرحلاتهم الجوية ..
وجدت الإجابة عند سفري الشهر الماضي إلى القاهرة عبر خطوط بدر للطيران وهي المرة الثانية في تعاملي معها ..وجدتها فعلًا تستحق الإشادة وأن تكون بديلًا كناقل وطني .
صحيح أن طائرة بدر لم تكن كما لوفتهانزا ولا الإماراتية ولا القطرية.لكن تستطيع المنافسة مع عدد من خطوط الطيران المحلي والإقليمي،وقد نجدها في وقت قريب منافسًا عالميًا بقليل من الجهد وكثير من المال.
أهم ما يميز بدر الدقة في المواعيد وعدم التأخير عن موعد الإقلاع والوصول .
بعد خروج سودانير تشارك بدر الآن في الاجتماعات السنوية للاتحاد الدولي للنقل الجوي ( IATA ) وهي الشركة الوطنية الوحيدة التي تتمتع بعضوية المنظمة الدولية.. بدر انتقلت منذ فترة لتنفيذ رحلات الترانزيت التي يكون محورها مطار الخرطوم .كما تواصلت رحلاتها بعد الدول الإفريقية والعربية ووصلت دول أوروبا
إذن مشكلة الخطوط الجوية الرسمية هي مشكلة حكومية بامتياز ..حتى إدارتها مكبلة بالقيود الحكومية ولا تستطيع الانطلاق ولا اتخاذ القرار .لذلك نجد طيران القطاع الخاص هو الذي يحدث الفرق برغم أن عوامل المنافسة على المستوى الداخلي لازالت محدودة .ولا زال القطاع الخاص متوجسًا من الدخول في مخاطر النقل الجوي.
//