✍️ حاتم السر سكينجو المحامي •
أثناء جلسة جمعتني مع بعض الإعلاميين المصريين بمكتب قناة العربية بشارع النيل بالقاهرة وردت سيرة معالي وزير التجارة والصناعة المصري المهندس عمرو نصار علي لساني بمحض الصدفة حيث استشهدت به في معرض حديثي حول العلاقات التجارية بين السودان ومصر فاذا بالأستاذ أشرف يباغتني قائلًا (الله يرحمه)!! وقد أصابني تعليقه بدهشة وصدمة وحاولت جاهدا طمأنة نفسي بانه ربما كان علي خطأً وجل من لا يخطأ أو ربما طالع عبر مواقع التواصل الاجتماعي خبرًا مفبركًا كما جرت عليه العادة ولكنني رغم ذلك توجهت الي الاستاذ أشرف بالحديث من جديد وقلت له أنا أتحدث عن المهندس عمرو نصار وزير الصناعة والتجارة المصري السابق فرد عليّ هذه المرة قائلًا:”رحمه الله رحمة واسعة ” وقام بفتح صفحات رسمية علي محرك البحث (قوقل ) ودعاني لقراءة الخبر الفاجعة فحزنت غاية الحزن وأنا أطالع النبأ الأليم بوفاة الصديق العزيز المهندس عمرو نصار وزير التجارة والصناعة المصري عليه رحمة الله الواسعة وغفرانه ورضوانه .
تملكتني حالة من الحزن والأسي عندما استقبلت هذا الخبر المفجع برحيل الصديق العزيز الوزير عمرو نصار الذي تشرفت بمعرفته والتعامل معه خلال الفترة التي تولينا فيها سويا مهام وزير التجارة في بلدينا الشقيقين السودان ومصر وكان لزاما عليّ أن أشهد بان رحيله يشكل خسارة كبيرة لمصر والسودان وللمشاريع المرتبطة بمعاش الناس التي كان يعمل بهدوء وبدون ضوضاء لإنجازها .لقد شهدت الفترة التي تعرفت خلالها علي الفقيد العزيز خطوط عريضة وافكار عامة لمشاريع كبيرة مشتركة تجارية وصناعية واستثمارية بين بلدينا الشقيقين كان يمكن إنجازها علي أرض الواقع ولكن تصاريف الأقدار والأحكام الإلهية اقتضت أن يرحل فقيدنا قبل أن تتحقق أحلامه لتطوير العلاقات التجارية والصناعية بين مصر والسودان وتبقي من أبرز إنجازاته المهمة في هذا الجانب نجاحه في واحد من الملفات المهمة علي الصعيدين الداخلي والخارجي وهو فك تجميد الصادرات المصرية للسودان وبالذات الفواكه التي حظرت الحكومة السودانية استيرادها من مصر في عهد الوزير المصري الأسبق المهندس طارق قابيل بيد أن الفقيد العزيز قد حقق نجاحًا كبيرًا في هذا الملف حيث وافقت الحكومة السودانية خلال زيارة الرئيس المصري للسودان في ٢٠١٩ علي الغاء ورفع الحظر الذي كان مفروضًا علي إستيراد الفاكهة من مصر . هذا مجرد مثال من مئات الأمثلة الأخرى، وأذكر من ضمنها نموذج من نوع آخر يجسد حلم الفقيد الذي كشفه لي في لحظة صفاء زارني فيها في مبني الوزارة عند مجيئه للسودان ضمن الوفد الوزاري المصري المرافق للسيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية وطلب مني مرافقته في جولة حرة بالعاصمة السودانية الخرطوم وبعد الفراغ منها فاجأني قائلا :”أنا لست سياسيًا ولا أؤمن بالشعارات ودائمًا أتعامل مع الواقع وفقًا للحقائق المجردة ولذلك كان هدفي من هذه الجولة في شوارع الخرطوم الوقوف ميدانيًا علي استكشاف مشروع خدمي يحتاجه السودان الشقيق علي أن أقوم بتنفيذه خدمة للشعب السوداني وبما أن اللافت الأبرز لنظري خلال الجولة كان هو تكدس المواطنين في مواقف المواصلات العامة مع ملاحظة أنه لا توجد أتوبيسات نقل للركاب من ذات الحجم الكبير وبما أني أمتلك خلفية صناعية حيث كنت أشغل منصب رئيس الاتحاد العالمي للمواصلات العامة لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا والامين العام للمجلس التصديري للسلع الهندسية و مستشارا تنفيذيًا لمجموعة MCV كبري الشركات الرائدة في صناعة السيارات لذلك أقطع علي نفسي وعدا وعهدا بتوفير أسطول من الأوتوبيسات الحديثة وبأعلى المواصفات العالمية لنقل المواطنين السودانيين داخل العاصمة وبين العاصمة وبقية الولايات “(انتهي اقتباس حديث الوزير المصري). وفي سبيل تحقيق هذا الحلم وضع الفقيد العزيز مخططا كبيرًا أوشك أن يري النور وكان قاب قوسين أو أدنى من التنفيذ لو لا الرحيل المفاجيء للفقيد العزيز الوزير الذي رحل قبل أن يحقق حلمه في السودان. أتمني أن تتحمس الجهات المختصة في البلدين والحكومتين لتنفيذ هذه الفكرة وتحقيق حلم الوزير الذي رحل قبل تحقيقه !! ونتقدم بخالص العزاء لمصر رئيسًا وحكومة وشعبًا ولأسرة الفقيد وجميع رجال الصناعة، ولكافة منسوبي وزارة التجارة والصناعة .انا لله وانا اليه راجعون.
• خبير قانوني وزير سوداني سابق