مكي المغربي
سؤال ساذج، جهاز الأمن الداخلي القالوا دايرين يعملوه يقمعوا بيه الكيزان، حا يلقى زمن متين أصلا؟! هو حا يكون فاضي من الاضرابات النقابية والمدنية والاضطرابات الجهوية؟! بخصوص الاضرابات والاحتجاجات، الموضوع لا يحتاج تحريض سياسي، هذا مجرد عامل إضافي ثانوي ستحدث الاضرابات به أو بدونه، هنالك تحديات اقتصادية حقيقية تجعل المرتب (مجرد سندوتش فطور ومواصلات وحبة بندول) والحكومة لو زادت المرتبات سيزيد التضخم كما حدث مع البدوي (المرشح حاليا) على طاولة البرهان.
بعدين، هل هي فكرة صائبة من الأساس، تشكيل جهاز أمن كامل “ضد خصوم أو حزب” وليس حسب أهداف كلية تتعلق بالأمن القومي؟!
الحلول للأزمات الاقتصادية يا سادتي لا تحتاج بطش امني بل تحتاج إلى برنامج مدروس و (الأهم من البرنامج) وفاق وطني عريض وقناعات شعبية بالمشروع نفسه، هكذا تجاوزت اي دولة مرت بذات الظروف والتحديات التي يعيشها السودان. انسوا الخيال والتهيؤات بعد أكل “المندي بالرز” مع العرب أو تعاطي الكوكتيل مع العجم!
ولو قلتم أن دولا ستمنح الحكومة الجديدة أموالا مقابل ضرب الكيزان أو الناشطين أو غيرهم معناها حكومة “خسيسة” ومدفوع لها ضد أولاد بلدها، وستواجه شخصياتها بعزل مجتمعي حاد و”تربص فظيع”، ومعناها المشروع الوطني تبخر تماما، والانهيار مسألة زمن، وبعده دورة من الانتقام المرير.
المشكلة، من الأساس، وعود التمويل الضخم الخارجي لميزانية الدولة مجرد كذبة مكررة في بداية تشكيل أي حكومة، من الوارد (ظروف) موجهة لأفراد مثل كل مرة، وليس شيك شهري لتغطية الفصل الأول كاملا، وفواتير الوقود والقمح والدواء، ورغم أن هذه فضيحة، لن تحدث.
وارد ان ياتي هذا المال أول شهر فقط، وبعدها، يتركونك مع لعنات الشعب وفضائح الأسافير.
بخصوص الاضطرابات والصراعات الجهوية، ليست صناعة كيزان ولا تحتاج أي تحريض اسلامي أو يساري، السبب الأقوى الغاء قحت لمستوى الحكم المحلي تماما، وإضعاف المستوى الولائي بكوادر سياسية موتورة وضعيفة التجربة، اعادة هذين المستويين ستعيد الكيزان حتما، لأنه لا يوجد زمن للتجريب وصناعة كوادر وهو أصلا “شغل حار” وخطر وفيه مواجهة شعبية، لا تستطيعها الكوادر “الرخوة” و”محاسيب” الأحزاب الذين يرغبون في وزارات ومفوضيات وسفارات فقط.
عدم الإعادة، يعني استمرار الأزمات وتطورها إلى حرب أهلية.
إذن، الفكرة نفسها خيالية وفات أوانها، وستكون انتحارا للأحزاب التي تقف وراءها وستفضي -بكل اسف- الى كراهية وقطيعة نهائية مع الدول الداعمة لها، لأنها ستؤجج مشاعر الكراهية ضدهم بدون أي جدوى ولا تنفيذ لمشاريعهم الاستثمارية.
لاحظ، أنني افترضت أن “الكيزان” مجرد غنم في زريبة تنتظر الساطور، ولم أضع اي احتمال لرد فعل من طرفهم، ناقشت فقط العيوب الاساسية في فكرة جهاز الأمن الداخلي، حسب ربطها بالتفكيك والتصفية وبيع الخردة .. التقول النظام السابق دا كان “مصنع صلصة”!
لاحظ انو الفكرة العبقرية، تأسيس جهاز أو “قوات أمن” من معاشيين عندهم ضغط وسكري وغضروف، او مفصولين ومرافيت، وحزبيين وناشطين لا علاقة لهم بعمل امني مهني، وتلم “الهردبيس” دا خلال ستة شهور وبمؤتمرات وورش عمل ومآكل، عشان تواجه كيان عقائدي رسالي موجود على الأرض من قارورة إلى ام دافوق ومن طويشة إلى طوكر، ومن أرقين الى الجبلين، وفيه كل التخصصات و”العشوائيات” ومدرب على أي شيء.
وقاعدين بتفرجوا ويشوفوا في الثغرات والعيوب والأوهام أربعة سنين، وبي مزاج.