معسكر زمزم = تهديد بالتدخل الدولي ام دعم بالعتاد
اسقاط الفاشر = فصل السودان أم بتر الغرب
مشاورات جدة = تمهيد ام تهديد
مفاوضات جنيف = تبعيّة الغرب ام فصل السودان
لقد أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية الفاعل الرئيسي الذى يهتم بكل ما يجرئ في جميع مناطق العالم اليوم, وهى تعمل بجهد متصل من أجل بسط نفوذها على كل مناطق العالم التي تحتوى الموارد الطبيعية ومصادر الطاقة وتوظف سياستها الخارجية والداخلية لتحقيق هذا الهدف القومي, ومن هذا المنطلق فإن التحولات فى الاستراتيجية الأمريكية اتجاه السودان هي استراتيجية أمريكية سياسية وعسكرية تعمل على وضع كل مقدرات السودان من موارد طبيعية وبشرية تحت تصرفها عبر استراتيجية تعمل على إقصاء القوة الأخرى المنافسة لها وتطويع المجتمع السوداني عبر سيناريوهات التفتيت والتفكيك ثم التركيب بصورة تخدم النفوذ والمصالح الأمريكية, ومنذ نهايات القرن الماضي أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية تعانى من أزمات اقتصادية وسياسية وعسكرية مزمنة جعلتها تنزع نحو تطبيق استراتيجية تهدف لإشعال الحروب في شتى مناطق العالم بطابع إيديولوجي لخدمة مصالحها و لذلك تبحث الان الولايات المتحدة انفاذ مخططتها عبر الدخول المباشر في ملف السودان مستخدمين اخر كرت ضغط و هو الملف الانساني و الذي يتم تدويله هذه الآونة لفرض التدخل الدولي و تقسيم السودان و لذلك نري الان صناعة منبر جديد من قبل الادارة الامريكية يهدف الي الضغط علي السودان من اجل قبول النموذج الجديد لشكل الدولة السودانية الذي تم رسمه من قبل الادارة الامريكية و وكلائها و لكن علي ما يبدو انهم لم يستطيعوا اللحاق بقطار الشرق الذي تداخل في الملف السوداني بقوة و ذلك عندما استخدمت روسيا الفيتو فيء إلقاء مقترحا امريكيا للسفيرة ليندا توماس الذي طالبت فيه مجلس الأمن بتبني قرار بالموافقة علي دخول المساعدات عبر الحدود.
إن المساعي و الجهود المبذولة اخيراً من قبل الولايات المتحدة ووكلائها لإحداث اختراق في الملف السوداني بصورة عاجلة بعد فشل وكلائها في اسقاط النظام القائم في السودان من خلال استخدام اداة الانقلابات العسكرية و استخدام وسيلة التغيير بالقوة القصوى بإشعال الحرب قد افدي الي خلق سناريو جديد لم يكن في الحسبان و هو تقارب السودان من المعسكر الشرقي الامر الذي اقلق امريكا و الغرب و حلفائهما في المنطقة من تطور هذه التقارب و ذلك بدخول المعسكر الشرقي في المعادلة فالذي نري الان من ازدياد في وتيرة التحركات الامريكية في الملف السوداني و بصورة رفيعة المستوى و مباشرة لا ينم الي علي شيء واحد فقط هو منع السودان من التوجه شرقاً، فما نشهده من ضغط من قبل الادارة الامريكية و حلفائها في المنطقة بالملف الانساني يعتبر هو الكرت الاخير قبل التصعيد و الذي من المتوقع فيه أن نشهد فيه دعم المليشيات بصورة اكبر و ذلك عن طريق تدفق العتاد العسكري لانهيار السودان التام او جعل السودان يقبل بالمعادلة الجديدة و هي أن يتم شرعنة الدعم السريع و جناحه السياسي في المعادلة و الذهاب الي تشكيل جديد للدولة السودانية يكون مقترنا بالمصالح الامريكية في المنطقة للسماح للسودان بالاستقرار، و هذا ما نراه بوضوح تام من خلال غض طرف الادارة الامريكية و حلفائها عن الانتهاكات المستمرة و التي ترتكبها مليشيات الدعم السريع في السودان يومياً.
ختاما دائما ما يتردد هذا السؤال في خاطري ما الذي ينقصنا لنكون دولة ذات سيادة وقادرة على التحرك وفقا لمصالحها الاستراتيجية لتحقيق الاستقرار الداخلي وتفجير طاقات السودان لينهض كقوة رائدة إقليميا ودولياً؟ أن الاجابة علي هذا السؤال تتمخض في قدرتنا في منح الثقة لبعضنا البعض كسودانيين و التعاطي مع التحديات الحالية بنموذج موحد متفق عليه بين كل الفاعلين في المشهد الداخلي لكي يتم ترتيب البيت الداخلي و من ثم استنباط استراتيجيات للتعاطي مع الملف الخارجي بصورة تخدم المصالح الاستراتيجية للدولة السودانية، فكلما زاد تمسكنا بالمشروع الداخلي انهزمت عزيمة المشروع الخارجي الساعي لعدم استقرار السودان فليس الامر ان نتجه شرقاً أو غربا و أنما ان نحدد موجهاتنا و توجهاتنا لكي نتعاطى بها مع التحديات التي تفرض علي الدولة السودانية.