بعد منتصف الليل بساعتين يتلقي المركز عبر رقم الخط ( عالي السخونة ) ” ٩٩٩ ” مكالمة استغاثة من مواطن يُحدث الشرطة ويفيدها بأنه هو الآن بالطابق العلوي من منزله يشاهد ( مباشر ) شخصان علي الاقل يقتحمان سور المنزل علي طريقة ( تُلُب ) وهما قطعاً ليسا ب ( حرامية قلوب ) – المهم : بعد أخذ الوصف الدقيق للموقع صدرت التعليمات للدورية الاقرب التي أخذت تلتهم شارع الأسفلت من تحت إطاراتها مستفيدةً من خلو الطريق شبه التام من السيارات ، ودون حوجة لاستخدام الإنذار مكتفية بأنوار ( الفلاش ) التي تخلع قلوب المجرمين خوفاً ، وتبث الطمأنينة لدي عامة الناس … المفاجأة الداوية والمثيرة التي انتابت أفراد القوة الضاربة والمتحفزة التي وصلت الي المكان المحدد أنها وجدت في انتظارها الفريق عبدالرحيم محمد حسين – وزير الداخلية حينها – الذي إتضح إنه صاحب هذا البلاغ ( الاختباري ) ومن ثَمَّ شرع الوزير في أخذ بيانات من قائد القوة متعلقة بتوقيت تلقي البلاغ ، وموقع إرتكاز الدورية ، والزمن الذي أُستغرق للوصول الى موقع هذا الحدث الإفتراضي .
هذا الاختبار وغيره تم في أيام بناء وعودة مشروع النجدة – القوي والمميز- ضمن المشاريع الناهضة والخطط التأهيلية التي مازالت الشرطة السودانية تنفذها بجدارة ومهنية متناهيتين .
بغض النظر عن الرجوع الي تقارير وبيانات وزارة الداخلية ورئاسة قوات الشرطة التي تبرز قفزات التطور والاستحداث ذات ( الايقاع السريع في توازن ) التي تنتظم هذا القطاع من منظومة الأمن القومي – اضحت بائنة وواضحة لكافة الناس مظاهر هذا التطور وأثره الملموس في تحقيق الطمأنينة ، وحماية المواطنة .. من هذه المظاهر : التواجد الشرطي – بتخصصاته المختلفة – بالمنشئات والمرافق الاستراتجية والخدمية والسياحية ، المنظومات الألكترونية والجهد البشري المبذول في انسياب حركة المرور وتحقيق السلامة المرورية ، تطور المفاهيم والوسائل بالدفاع المدني : ( تراكم التجربة في التعامل مع كوارث الفيضانات والسيول ) ، ( التدريب والصقل المهني – مثال ؛ المساهمة في انقاذ طائرة الفوكرز ) .. تنفيذ المشروع الاستراتيجي الأضخم – السجل المدني – وما يتعلق به من حماية وإصدار الاوراق الثبوتية … الإحساس بأن شيئاً ما عظيم قد طرأ علي نظم وآليات البحث الجنائي .. تنفيذ الواجبات المتعلقة بصون الأمن الداخلي المتمثلة في حراسة الحدود والتصدي للتفلتات والخروج علي القانون وانتهاك حرمات الآمنين ، وهلمجرا …
احداث كبيرة مرت بالبلاد كانت الشرطة أكبر منها في تفهمها وتقديرها واستعدادها والتعامل معها ، مثال لذلك عملية تأمين مباراة مصر والجزائر ( الزوبعة ) … حوادث قتل وجرائم لفها الغموض الكثيف وغمرتها التناقضات ، استطاعت الشرطة فك طلاسمها ، وحل تناقضاتها ، وردم هوّاتها ، فقدمت مقترفيها للعدالة وأشفت قلوباً وصدوراً كانت تغلي ،، ورفعت بسبابة التحذير والتنبيه لمن يحاولون خدش جدار الطمأنينة او يعكرون صفو الأمن .
قلت من قبل إن كان آخرون يتمتعون بحرية ( جر ) أقلامهم بالانتقادات ، ونكئ السوءات ، والرقص علي الإخفاقات ( فقط ) ، فمن حقي وآخرون كثر أن نستمتع بذات الحرية بالإشارة الي الإشراقات ، والإشادة بالمنجزات ، دون أن نغفل عن النصيحة التي لها أدبها ، او التنبيه الوافي منطقه ، ومن كان ديدنه لا يبارح ( أسئت أسئت ) فالبنائية تحتم علينا أن نقول لمن أحسن ( أحسنت أحسنت ).
لذا أعتقد بأن جهاز الشرطة بما يمثله من سياج للأمان والضبط المجتمعي يستحق كل الإشادة وعميق التقدير ووافر الدعم .
• هذه الزاوية نشرت ب”السوداني” بتاريخ 16 يناير 2012 م