الرواية الأولى

نروي لتعرف

تقارير

تقرير لشبكة CBC الاخبارية الكندية – سلاح كندي في ايدي مقاتلي المليشيا ارتكبت به جرائم حرب في السودان

ترجمة د. يوسف عزالدين شبيكة

نشرت شبكة CBC News الكندية بعنوان “Sudanese fighters accused of massacres use Canadian-made rifles” بقلم شهد الفكي، إيفان أنجلوفسكي، وجوردان بيرسون.

يُسلّط التقرير الضوء على تورّط أسلحة كندية في جرائم حرب ارتكبتها مليشيا الدعم السريع في السودان، حيث كشف تحقيق بصري أجرته شبكة CBC أن مقاتلي المليشيا ظهروا في صور وفيديوهات وهم يحملون بنادق قنص من طراز XLCR تحمل شعار شركة كندية تُدعى Sterling Cross Defense Systems، مقرها في مدينة أبوتسفورد بمقاطعة بريتيش كولومبيا.

تؤكد التحقيقات أن هذه الأسلحة وصلت إلى السودان بطريقة غير مباشرة عبر الإمارات العربية المتحدة، التي اتهمتها منظمات دولية ووكالات استخبارات أمريكية سابقاً بتزويد مليشيا الدعم السريع بالسلاح. وتشير الباحثة السودانية خلود خير إلى أن انتشار الأسلحة الأجنبية، بما في ذلك الكندية، ساهم في إطالة أمد الحرب وتفاقم الانتهاكات.

يُبرز التقرير أيضاً ثغرات في نظام كندا لتتبع صادرات السلاح، حيث تمتلك الحكومة قوانين صارمة على الورق، لكنها تفتقر إلى آليات رقابة فعالة بعد خروج السلاح من أراضيها، مما يتيح تمريره عبر وسطاء وشركات وهمية.

ورغم أن كندا تفرض حظراً على تصدير الأسلحة إلى السودان منذ عام 2004، إلا أن شركاتها مثل Sterling Cross وStreit Group استمرت في التعامل مع أطراف في الشرق الأوسط، بعضها على صلة بالصراع السوداني.

يخلص التقرير إلى أن كندا، وفقاً للخبير عماد الدين بادي، بحاجة إلى تشديد الرقابة وتحسين الشفافية في ما يتعلق بتجارة الأسلحة، خاصة في ظل استغلال دول مثل الإمارات لنقاط الضعف القانونية لتسليح الجماعات المتورطة في النزاعات الإقليمية.


https://www.cbc.ca/news/world/sudan-rsf-massacres-canadian-rifles-sterling-cross-9.6969856

الجزء 1/4
مقاتلون سودانيون متهمون بارتكاب مجازر يستخدمون بنادق مصنوعة في كندا
صور نُشرت من قبل مقاتلين في مليشيا الدعم السريع تُظهر بنادق تحمل شعار شركة مصنّعة في مقاطعة بريتيش كولومبيا
إعداد: شهد الفكي، إيفان أنجلوفسكي، جوردان بيرسون – شبكة CBC الإخبارية
أظهر تحليل أجرته وحدة التحقيقات المرئية في شبكة CBC أن أسلحة تحمل شعار شركة كندية لتصنيع الأسلحة تم تحديدها في أيدي جماعة شبه عسكرية في السودان تُتهم بارتكاب مجازر ضد المدنيين.
الحرب الأهلية التي اندلعت في 15 أبريل 2023 دمّرت البنية التحتية المدنية، وقضت على منشآت الرعاية الصحية في السودان، وأدت إلى أكبر أزمة إنسانية في العالم. يُقدَّر أن نحو 150 ألف شخص قُتلوا في النزاع، وأكثر من 12 مليون مدني أصبحوا نازحين داخلياً.

مدينة الفاشر، التي تُعد آخر معقل للقوات المسلحة السودانية في دارفور، أصبحت مركز الحرب المتصاعدة في السودان. لأكثر من 500 يوم، كانت المدينة تحت الحصار، مطوّقة بالكامل من قِبل مليشيا الدعم السريع، التي اتهمها خبراء بارتكاب تطهير عرقي.

عدة صور نُشرت على الإنترنت وتحققت منها شبكة CBC تُظهر بنادق تحمل شعار شركة Sterling Cross Defense Systems، وهي شركة مقرها أبوتسفورد في مقاطعة بريتيش كولومبيا تنتج الأسلحة والذخيرة، في أيدي مقاتلين من مليشيا الدعم السريع.

الصور التي شاركها مقاتلو المليشيا على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي لاحظتها على مرّ السنوات مجموعات بحثية مثل War Noir وStreaking Delilah وتم التحقق منها من قبل CBC، تُظهر بنادق قنص من طراز XLCR من إنتاج شركة Sterling Cross في أيدي مقاتلين في مختلف أنحاء السودان منذ عام 2023 على الأقل.

فريق التحقيقات المرئية في CBC تحقق من الصور عبر تحديد مواقعها جغرافياً داخل السودان أو من خلال مطابقة الشارات وأنماط التمويه المستخدمة هناك. كما أكدت الشبكة تصميم بندقية Sterling Cross XLCR التي تتميز بشعار واضح على الجزء السفلي من جسم السلاح فوق فتحة الخزان مباشرة.

في الخامس من أكتوبر 2024، وأثناء احتدام المعركة في العاصمة السودانية الخرطوم، نشرت مليشيا الدعم السريع مقطع فيديو على قناتها الرسمية في تطبيق تلغرام يظهر مقاتليها على الخط الجنوبي للمدينة.

كان أحد المقاتلين في الفيديو يحمل على كتفه بندقية حديثة تعمل بنظام الترباس، ذات مؤخرة قابلة للطي وهيكل معدني مفرغ ودرع أمامي وعدسة تصويب قوية.

وفي بضع لقطات فقط عندما استدار المقاتل وظهر الجزء الخلفي من البندقية أمام الكاميرا، بدا شعار صغير على هيكل السلاح: شعار شركة Sterling Cross.

لم يكن هذا الظهور الوحيد للسلاح في السودان. بمساعدة باحثين دوليين في مجال المعلومات مفتوحة المصدر، تحقق فريق CBC من صحة تسع صور أو مقاطع فيديو على الأقل تظهر فيها بنادق تحمل شعار Sterling Cross.

صورة أخرى غير مؤرخة نُشرت على موقع إنستغرام تُظهر مقاتلاً من مليشيا الدعم السريع يرتدي زيّاً مموهاً صحراوياً يقف على طريق، حاملاً على كتفه البندقية ذاتها من نوع Sterling Cross، ويظهر شعار الشركة عليها بوضوح.

الجزء 2/4
شركة ستيرلنغ كروس (Sterling Cross)

عند التواصل مع شركة Sterling Cross للتعليق، رفضت الإجابة على أسئلة محددة تتعلق بنتائج تحقيق شبكة CBC في السودان، أو بشأن أنشطتها الحالية في مبيعات الأسلحة الدولية، والتي تخضع لاختصاص وزارة الشؤون العالمية الكندية (Global Affairs Canada)، وكذلك ما إذا كانت قد باعت أسلحة لدول يُزعم أنها تزوّد أطرافاً متحاربة في السودان، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة.

وقالت إيمي بيرن، مديرة العمليات في الشركة، في بيان:
“أستطيع أن أؤكد أن سياسات شركة Sterling Cross تتماشى مع سياسات وزارة الشؤون العالمية الكندية”، مضيفة أن الشركة تخضع لقانون تصاريح التصدير والاستيراد.
وفي ردٍّ على أسئلة شبكة CBC، قالت وزارة الشؤون العالمية الكندية:
“يُراجع كل طلب للحصول على تصريح لتصدير مواد خاضعة للرقابة على أساس كل حالة على حدة، وفقاً لإطار تقييم المخاطر الصارم في كندا. لم تُمنح أي استثناءات لهذا المتطلب القانوني.

إذا تم انتهاك هذه القوانين، فسنضمن أن يواجه المسؤولون العواقب القانونية، والتي قد تشمل الغرامات، ومصادرة البضائع، والملاحقة الجنائية.”
موقع شركة Sterling Cross على الإنترنت بسيط للغاية، لا يحتوي سوى على زرين للتواصل مع فرعي الشركة في مجالي الدفاع واللوجستيات.

وبحسب وثائق التأسيس التي اطلعت عليها CBC، فإن الشركة أُنشئت في عام 2008، وتتخذ من مجمّع تجاري في مدينة أبوتسفورد مقراً لها، وهو مجمّع يضم أيضاً شركات للحام وتوريد المعدات الصناعية.

وفي عام 2013، قال الرئيس التنفيذي تيم ماكفارلين لصحيفة The Province في مقاطعة بريتيش كولومبيا إن الشركة كانت تعمل في بداياتها كوسيط بين الجيوش الدولية:
“كنا نوفر المنتجات من مختلف أنحاء العالم لوكالات عسكرية مختلفة، ثم نتوسط لإتمام الصفقات، على نحو مشابه لوسيط العقارات.”

ووفقاً للمقال، افتتحت شركة Sterling Cross فرعها التجاري في عام 2011، وبدأت في تصنيع البنادق والذخيرة وتسويقها للصيادين الكنديين، لكنها احتفظت بعلاقات تجارية في الخارج، بما في ذلك الشرق الأوسط.

وقال ماكفارلين في تصريحات سابقة:
“نحن حل عالمي متكامل في حزمة واحدة. نحن نضع العلامة التجارية، ونتوسط، ونُورّد، ونُصنّع.”
وقد أبرمت الشركة عقوداً سابقة مع الحكومة الكندية. ففي عقد انتهى عام 2017، زوّدت وزارة الدفاع الوطني الكندية بذخيرة بقيمة 189,422 دولاراً. وفي عقد آخر من العام نفسه، سلّم فرع الشركة اللوجستي بضائع بقيمة 24,818 دولاراً مصنّفة ضمن رمز السلع الكندية الخاص بآلات الحساب.

تُنتج شركة Sterling Cross بندقية XLCR منذ عام 2019 على الأقل. وفي منشور على إنستغرام، نشرت الشركة صورة تُظهر ما لا يقل عن 77 بندقية مرفقة بتعليق: “الفحص النهائي لبنادق XLCR قبل التسليم!!”

تظهر جميع هذه البنادق وهي تحمل شعار الشركة في نفس الموضع الذي ظهر فيه على البنادق التي وُجدت في السودان.
وفي منشور على فيسبوك عام 2020، أعلنت الشركة أنها كانت تجري اختبارات على البندقية، وجاء في المنشور:
“الاختبارات على المنتج الجديد تسير على نحو جيد #xlcr #excelsior #ballistics #rangetesting”،
وكانت الصورة المرافقة تُظهر بندقية تحمل الشعار ذاته في الموضع نفسه كما في البنادق التي شوهدت في السودان.

الجزء 3/4
الوسطاء الدوليون

قالت خلود خير، مديرة مركز الأبحاث Confluence Advisory في الخرطوم، إن انتشار الأسلحة الأجنبية في الصراع السوداني ساهم في إطالة أمد الحرب.

وأضافت أنه بالإضافة إلى ظهور الطائرات المسيّرة التركية والإيرانية، “رأينا تقارير تشير إلى أن قطع غيار أو أسلحة أمريكية وبريطانية وكندية وصلت إلى أيدي مليشيا الدعم السريع عبر الإمارات.”

تفرض كندا حظراً على تصدير الأسلحة إلى السودان منذ عام 2004، إضافة إلى عقوبات مادية ومالية على كيانات وأفراد متورطين في النزاع منذ عام 2024.

ولا يزال من غير الواضح كيف وصلت الأسلحة التي تحمل شعار شركة Sterling Cross إلى السودان، لكن خبراء قالوا لشبكة CBC إن دولاً مثل الإمارات العربية المتحدة أعادت توجيه معدات كندية في الماضي.

وقال عماد الدين بادي، الزميل البارز المقيم في تورنتو لدى مبادرة Global Initiative Against Transnational Organized Crime:
“كندا تصدّر أسلحة وأنظمة بقيمة ملايين الدولارات إلى الإمارات، التي تزوّد بدورها مليشيا الدعم السريع. الإمارات لا تمتلك صناعة دفاع محلية قوية بما يكفي لتزويد عدة جماعات شبه عسكرية في المنطقة.”
كما أُظهرت صور منذ أكثر من عقد مركبات مدرعة من إنتاج الشركة الكندية Streit Group وهي تحمل مقاتلين من مليشيا الدعم السريع في السودان، وقد اتهم تقرير للأمم المتحدة عام 2016 شركة Streit Group والإمارات بالتوسط في عمليات بيع الأسلحة.

غير أن شركة Streit افتتحت مصنعاً في الإمارات عام 2012، ولم تكن هناك آنذاك قوانين تنظّم تدفق الأسلحة إذا لم تكن مصنّعة في كندا. وفي عام 2019، انضمت كندا إلى معاهدة تجارة الأسلحة الدولية وطبّقت تشريعات تُلزم المواطنين الكنديين بالحصول على تصريح لتصدير الأسلحة من دولة إلى أخرى، واتخاذ إجراءات ضد الوسطاء الدوليين.

وبحسب بادي، فإنه بموجب هذا التشريع الجديد، يمكن مقاضاة الشركات الكندية التي تُثبت مخالفتها للقانون داخل كندا نفسها.

وقد اتُّهمت الإمارات العربية المتحدة من قبل وكالات الاستخبارات الأمريكية ومنظمات حقوقية بتزويد مليشيا الدعم السريع بالأسلحة، رغم نفيها المتكرر لإرسال أي سلاح. في المقابل، يُعتقد أن القوات المسلحة السودانية تتلقى دعماً رئيسياً من مصر وتركيا وإيران، كما رُصدت أسلحة صينية لدى الطرفين في ساحة القتال.

ويوم الأحد، أشار المستشار الدبلوماسي الإماراتي البارز أنور قرقاش إلى أن بلاده قد تكون في طريقها إلى النأي بنفسها عن الصراع قائلاً:
“لقد ارتكبنا جميعاً خطأ عندما أطاح الجنرالان المتحاربان اليوم بالحكومة المدنية. كان ذلك، بالنظر إلى الوراء، خطأً فادحاً. كان ينبغي أن نتخذ موقفاً جماعياً صارماً. لم نسمّه انقلاباً في حينه.”

الجزء 4/4
كندا بحاجة إلى أن تكون أفضل

قال عماد الدين بادي إن نظام كندا العلني لتتبع صادرات الأسلحة يعاني من عدد من الثغرات الهيكلية.

وأوضح أن لدى كندا قواعد صارمة على الورق فيما يتعلق بتراخيص التصدير، لكنها “ضعيفة” في مراقبة الأسلحة بعد مغادرتها البلاد، مضيفاً:
“وعندما تعتمد كندا على الوسطاء لتنفيذ عمليات النقل، تصبح سلسلة الاستخدام النهائي غامضة.”
استعانت شبكة CBC بمنصة ImportGenius، وهي منصة بيانات تجارية عالمية، للبحث عن سجلات الصادرات بين كندا والإمارات والسودان، إلا أنه لم يتم العثور على أي سجلات مفصلة.

وقال مايك كانكو، الرئيس التنفيذي لشركة ImportGenius:
“كندا لا تنشر بيانات تجارية تفصيلية بشكل علني، على عكس الولايات المتحدة ودول أخرى. الوعي العام بالنشاط التجاري للشركات ضروري في أي مجتمع واعٍ. الشفافية أمام جميع الأطراف المعنية تضمن مساءلة الشركات وحماية المستهلكين.”

وأوضح أن البيانات التجارية التفصيلية تحدد الشركات المشاركة في عمليات الشحن، وهي تختلف عن البيانات الإحصائية التي تجمع الشحنات حسب فئات المنتجات.
وقالت خلود خير:
“يجب أن يكون لدى الكنديين فهم أفضل بكثير لآليات التتبع والمراقبة لديهم لمعرفة أين تنتهي الأسلحة. هذه مسألة أساسية في إطار المساءلة.”

وقال نيكولاس كوغلين، المبعوث الكندي السابق إلى جنوب السودان، لشبكة CBC إن هناك آليات قانونية في التشريعات الكندية يمكن أن تتعامل مع هذه القضية.
وأضاف: “على سبيل المثال، بموجب قانون تصاريح التصدير والاستيراد، يمكن لكندا أن تدرج الإمارات في قائمة الدول الخاضعة للرقابة، أو أن تفرض عليها شروط إعادة تصدير عبر قائمة مراقبة الوسطاء.”

وقال بادي في ختام حديثه:
“كندا بحاجة إلى أن تفعل ما هو أفضل.”
وأضاف:
“ليس المقصود أنه لا توجد آليات قانونية، لكن في النهاية، ومع الطريقة التي تدير بها الإمارات دعمها — في الغالب عبر شركات وهمية مسجّلة في ولايات أجنبية — فإن الأمر يتحول إلى لعبة مطاردة لا تنتهي.”

اترك رد

error: Content is protected !!