✍️ مكي المغربي
• هذه المادة نشرت عن الكاتب في 18 – 02 – 2016
من النظريات في تحليل “داعش” أنها مزيج بعثي سلفي، وقد تطور هذا المزيج منذ اختراق الكوادر البعثية لتنظيم الزرقاوي “الإمارة الإسلامية في العراق” بغرض توجيهه ولكن بعض هذه الكوادر ذابت تماما وصارت تؤمن بالسلفية الجهادية بينما كانت تمارس لدرجة الإتقان والتجويد كل فنون العمل التنظيمي والسري، وبعد أن زج الإحتلال بالبعثيين والسلفيين الجهاديين معا في سجن بوكا (جنوب العراق) انصهر التياران تماما لتخرج “الدولة الإسلامية” ثم يبدأ الغليان في سوريا … وينضم الجهاديون والإسلاميون السوريون … بل وبعض البعثيين الحانقين على السيطرة العلوية على حزب البعث السوري إلى حركات كثيرة ومختلفة ولديها امتدادات مع العمليات العسكرية في العراق وكردستان … وبهذا نشأت الدولة الإسلامية في العراق والشام وتسمى إختصارا ب “داعش” … وهذه الطريقة في الإختصار أصلا تشبه مختصرات الحركات القومية والسياسية … وليست من أساليب السلفيين في تسمية الجماعات إطلاقا …!
لاحقا تم إلغاء داعش وأعلن أسم “الخلافة الإسلامية” وذلك للإرتباط بكل الجماعات عبر العالم لا سيما وأن واقع الربيع العربي شهد ازدهارا لتنامي هذه الجماعات ..!
بمعني أن التلقيح البعثي للتيار السلفي الجاهدي تم في فترة تأسيس المقاومة العراقية … وتم الحمل في سجن بوكا … والميلاد كان في العمليات العسكرية في العراق وسوريا … والنشأة ستكون في محيط اكبر ..!
دعوكم من نظريات الصناعة الصهيونية الخالصة … إذا كان المقصود هو التوظيف والسيطرة فإن هذا الأمر صحيح ولكنه مؤقت وأكدت التجارب من “الجهاد الأفغاني” أنه يخرج من اليد في النهاية … وفي سياق هذه النظرية أن التوظيف شاركت فيه أمريكا دولا سنية لمواجهة الحركات الشيعية التي كانت ستسيطر على العراق وتتمدد إلى سوريا … أو قامت به أمريكا وحدها حتى لا يجدد حزب البعث إنتاج نفسه حركة مقاومة في سوريا والعراق … وهنالك آراء أخرى تقول بأن إيران نفسها كانت ترغب في نموذج سني منفلت وبشع لتدمغ به الإسلام السني وتدق اسفين بينه والعالم الغربي … وقد تظهر معلومات هنا وهناك ترجح هذه الخيارات ولكن كل هذه التفسيرات أشبه بتوثيق محاولات إستخبارية مختلفة … محاولات غير مكتملة النمو إطلاقا … ولا يستبعد أن هنالك محاولات إسرائيلية لأن الجماعات الإسلامية لديها فتاوي واسعة في قبول التمويل من أي عدو لإستخدامها ضد أي عدو آخر أو ربما ضد مصدر التمويل نفسه ومما يشبه ذلك الحديث عن أن أموال الدول الغربية أصلا مسروقة من الدول الإسلامية ولذلك قبولها يعتبر نوعا من أنواع “الغنائم” … طالما الموضوع كله “عمليات عسكرية” و “الحرب خدعة” ..!
إنني أخلص إلى أن التفسير الإستخباري للحركات والجماعات الإسلامية مضلل للغاية … كما أن تميز التجربة السودانية في الحد من العنف والتطرف يقوم على إعتماد التفسير الفكري أساسا والحوار أسلوبا جنبا إلى جنب مع كل ما هو ضروري في تأمين الأبرياء والعزل من خطر العنف والتطرف والإرهاب.
وأسئلوا الدكتور عصام البشير عن الحوارات التي امتدت أشهر مع خلية الدندر ومجموعة السلمة والكثير من الجماعات والقيادات الاخرى … لولا هذا الحوار لكان السودان الآن جزءا من نشرات الأخبار ..!