الخرطوم : الرواية الاولى
بكين : شينخوا
عقد الرئيس الصيني شي جين بينغ اجتماعا ثلاثيا مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، في بكين امس (الخميس).
وأشار شي إلى وجود مصالح مشتركة واسعة النطاق بين الصين والاتحاد الأوروبي، مضيفا أن التعاون والأرضية المشتركة بين الجانبين يفوقان المنافسة والخلافات.
وأوضح شي أنه في عالم معقد ومتقلب، يتعين على الصين والاتحاد الأوروبي احترام بعضهما البعض، وتعزيز الثقة السياسية، وتعزيز الحوار والتعاون، ودعم السلام والاستقرار العالميين، وتعزيز التنمية والازدهار المشتركين، والتصدي للتحديات العالمية معا.
وفي إشارة إلى أن العام الجاري يوافق الذكرى العشرين لتأسيس الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين والاتحاد الأوروبي، قال شي إن الصين مستعدة للعمل مع الاتحاد الأوروبي لتحديد الاتجاه والنمط الصحيحين للعلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي، واستئناف التبادلات بشكل كامل على جميع المستويات، وتنشيط التعاون متبادل المنفعة في مختلف المجالات، ومن ثم ضخ زخم جديد في العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي وفي السلام والاستقرار والازدهار على الصعيد العالمي.
وشدد شي على أهمية تعزيز استقرار العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي، وقال إن العلاقة بين الصين والاتحاد الأوروبي لا تستهدف أي طرف ثالث، ولا ينبغي أن تعتمد على أي طرف ثالث أو يقررها طرف ثالث.
وقال إن الصين نظرت إلى تلك العلاقة على الدوام من منظور استراتيجي وطويل الأجل، وضمنت الاستقرار والاستمرارية في سياستها تجاه الاتحاد الأوروبي، مضيفا أن الصين تأمل في أن يطور الاتحاد الأوروبي تصورا أكثر استقلالية وموضوعية تجاه الصين، وأن يتبنى سياسة عملية وإيجابية نحو الصين.
وأوضح شي أنه يتعين على الجانبين احترام المصالح الجوهرية والشواغل الرئيسية لكل منهما، والعمل من خلال الحوار والتشاور لبناء توافق والتغلب على الخلافات، مؤكدا أنه من المهم أن يحترم كل من الجانبين مسار التنمية الخاص بالآخر.
وقال إن التحديث الصيني النمط والتكامل الأوروبي هما خياران استراتيجيان اتخذهما الصين والاتحاد الأوروبي مع وضع مستقبل الجانبين في الاعتبار. ويتعين على الصين والاتحاد الأوروبي أن يكون كل منهما شريك تعاون جديرا بالثقة ويمكن الاعتماد عليه في مساري التنمية لدى الجانبين.
وقال شي إن الشعب الصيني يفخر باختيار مسار التنمية الصحيح بالنسبة إليه في ضوء الواقع الوطني للصين، داعيا الجانبين إلى السعي نحو أرضية مشتركة مع نبذ الخلافات، وتعلم كيفية استيعاب كل منهما تنمية الطرف الآخر وتقديرها والاستفادة منها وتيسيرها .
وقال شي إن المبالغة في ترديد مقولة “الديمقراطية مقابل الاستبداد” وإذكاء حرب باردة جديدة لن يؤديا إلا إلى الانقسام والمواجهة في العالم، مشددا على أهمية الحفاظ على بيئة تعاون منفتحة ومفعمة بالثقة.
وقال شي إنه يجب على الصين والاتحاد الأوروبي إبقاء أسواقهما مفتوحة لبعضهما البعض، وتوفير كل منهما بيئة نزيهة وغير تمييزية للشركات من الجانب الآخر، وتجنب تحويل الأمور الاقتصادية والتجارية إلى قضايا سياسية أو قضايا تمس الأمن الوطني. وأوضح أنه يتعين على الجانبين بناء سلاسل إمداد مستقرة وجديرة بالثقة، وتحقيق التضافر بين مبادرة الحزام والطريق واستراتيجية البوابة العالمية، لدعم النمو الاقتصادي المستدام والمستقر في الصين والاتحاد الأوروبي.
وأكد الرئيس شي أن الصين تناصر التعددية الحقيقية ورؤية الحوكمة العالمية التي تتضمن مشاورات مكثفة ومساهمة مشتركة ومنفعة مشتركة.
وقال إن الصين مستعدة للعمل مع الاتحاد الأوروبي لتعزيز التنسيق والتعاون في الشؤون متعددة الأطراف، ودعم المنظومة الدولية المتمركزة حول الأمم المتحدة، والنظام الدولي المرتكز على القانون الدولي، والأعراف الأساسية للعلاقات الدولية القائمة على مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة.
وقال شي إن الصين والاتحاد الأوروبي بحاجة إلى دعم الاستقرار والازدهار العالميين بشكل مشترك، والوقوف ضد الهيمنة والأحادية ومحاولات فك الارتباط الاقتصادي أو قطع سلاسل الإمداد. ويحتاج الجانبان إلى تكثيف التواصل والتنسيق بشأن سياسات الاقتصاد الكلي والسياسات المالية، وتعميق شراكتهما الخضراء، وزيادة الحوار والتعاون بشأن التمويل الأخضر، والتقنيات الصديقة للبيئة، والطاقة النظيفة.
وأضاف شي أنه يتعين أيضا على الصين والاتحاد الأوروبي مساعدة الدول النامية الأخرى، وتشجيع المؤسسات متعددة الأطراف ورأس المال الخاص على المساهمة بشكل أكبر في تنفيذ مبادرة تعليق خدمة الديون لمجموعة العشرين، واستكشاف التعاون الذي يضم ثلاثة أطراف أو أكثر في إفريقيا والمناطق الأخرى.
من جانبها، أشارت فون دير لاين إلى أن الاتحاد الأوروبي يحترم تاريخ الصين وثقافتها، مضيفة أن الحوار الصريح والبناء مع الصين والتطوير المستمر للعلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين، أمران حاسمان لتحقيق السلام والاستقرار في أوروبا.
وقالت فون دير لاين إن الاتحاد الأوروبي والصين شريكان تجاريان مهمان لبعضهما البعض، وإن الاقتصادين متشابكان للغاية، مضيفة أن فك الارتباط مع الصين ليس في مصلحة الاتحاد الأوروبي ولا الخيار الاستراتيجي للاتحاد الأوروبي.
وأوضحت أن الاتحاد الأوروبي يضع سياسته تجاه الصين بشكل مستقل، ويود استئناف الحوار الاقتصادي والتجاري رفيع المستوى ودفع النمو المطرد والمتوازن للعلاقات الاقتصادية والتجارية مع الصين، من أجل تحقيق المنفعة المتبادلة.
وقالت فون دير لاين إن الاتحاد الأوروبي يهنئ الصين على نجاحها في استضافة مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي ويثني على جهود الصين لخفض انبعاثات الكربون. وأكدت أن الاتحاد الأوروبي على استعداد لتعزيز الاتصال والتنسيق مع الصين لمواجهة التحديات العالمية والمساهمة في السلام والاستقرار والتنمية في العالم، بشكل مشترك.
وأشار ماكرون إلى أنه في عالم مليء بالشكوك، يحتاج الاتحاد الأوروبي والصين إلى تعزيز الحوار والتبادل على نحو يتسم بالاحترام المتبادل والانفتاح والتواضع. ويجب على الجانبين العمل مع بعضهما البعض للابتعاد عن فخ فك الارتباط الاقتصادي وقطع سلاسل الإمداد، وتنفيذ تعاون متبادل المنفعة على قدم المساواة، ومعالجة التحديات العالمية الملحة مثل تغير المناخ، ومواصلة تعميق الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الاتحاد الأوروبي والصين.
وتبادل القادة الثلاثة وجهات النظر حول الأزمة الأوكرانية. وقد عرض ماكرون وفون دير لاين وجهة النظر الأوروبية إزاء الأزمة. واتفقا على أن الصين لم تخلق أزمة أوكرانيا، وقالا إنهما يقدران جهود الصين لتعزيز تسوية سياسية، ويتطلعان إلى أن تلعب الصين دورا أكثر أهمية. كما قالا إنهما مستعدان للعمل مع الصين لإيجاد طريقة لتسهيل محادثات السلام.
وشدد شي على أن الصين تقرر موقفها بشكل مستقل على أساس حقائق أوضاع القضايا، ويتركز موقف الصين إزاء أوكرانيا على دعم المحادثات من أجل السلام. وأوضح أن الصين تدعو الأطراف إلى التحلي بالهدوء والعقلانية والاشتراك في تهيئة الظروف المواتية لمحادثات السلام.
وقال شي إن الأولوية الملحة هي تحقيق وقف لإطلاق النار ومعارضة الإجراءات التي تزيد من تأجيج الموقف أو تعقيده. وأكد أن الأزمة الأوكرانية ليست قضية بين الصين والاتحاد الأوروبي، وستواصل الصين لعب دور إيجابي في تسهيل محادثات السلام.
وأوضح شي أن الصين تدعم جهود الاتحاد الأوروبي لاقتراح نهوج وخطط لتسوية سياسية للأزمة الأوكرانية، وبناء إطار أمني أوروبي متوازن وفعال ومستدام، يخدم المصالح الأساسية وطويلة الأجل للاتحاد الأوروبي.
وقد شارك وانغ يي وتشين قانغ، من بين آخرين، في هذا الاجتماع الثلاثي.
وفي اجتماع منفصل مع فون دير لاين بعد الاجتماع الثلاثي، قال شي إن الصين تعتبر دائما الاتحاد الأوروبي قوة استراتيجية على الساحة الدولية، وإن تنمية العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي تعد دائما أولوية في الدبلوماسية الصينية.
وقال شي إن الصين مستعدة لمواصلة التقليد الجيد مع الجانب الأوروبي، والحفاظ على الاتصالات الوثيقة، وتعزيز الثقة الاستراتيجية المتبادلة، والتركيز على التعاون متبادل المنفعة والمربح للجانبين، والتغلب بشكل مشترك على التدخل والتحديات، وتحقيق تفعيل رفيع المستوى للعلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي.
وأشار إلى أن التنمية السليمة للعلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي لا يمكن فصلها عن الاستقلال والاحترام المتبادل والتعاون متبادل المنفعة، مشددا على أن الصين تلتزم بحزم بالسياسة الخارجية المستقلة القائمة على السلام، وتحترم حقوق شعوب جميع البلدان في اختيار مسارات تنميتها.
وقال شي إنه يتعين على الصين والاتحاد الأوروبي مواجهة الخلافات والسيطرة عليها واحترام بعضهما البعض، مضيفا أنه من المأمول أن تركز المفوضية الأوروبية على المصالح الأساسية وطويلة الأجل للاتحاد الأوروبي، وتتخذ من الوضع العام للعلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي نقطة انطلاق، وتلعب دورا فعالا في التنمية الصحية والمستقرة للعلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي.
وفيما يتعلق بمسألة تايوان، أكد شي أنها في صميم المصالح الصينية، مشددا على أن الصين، حكومة وشعبا، لن تسمح لأي طرف بإثارة ضجة حول مبدأ صين واحدة. وأضاف شي أن أي طرف يتوقع من الصين تقديم تنازلات بشأن مسألة تايوان لا يمكن إلا أن يكون طرفا يتمنى حدوث المستحيل وسيرتد كيده في نحره.
وأكدت فون دير لاين مجددا أن الاتحاد الأوروبي لا ينتوي تغيير موقفه طويل الأمد المتمثل في التمسك بسياسة صين واحدة، ويعترف بحكومة جمهورية الصين الشعبية باعتبارها الحكومة الشرعية الوحيدة التي تمثل الصين بأكملها، ويأمل في أن يبقى السلام والاستقرار في مضيق تايوان.