✍ د/ عادل عبد العزيز الفكي
أحسن رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك وهو يعلن أمام مزارعي مشروع الجزيرة عن سعر تركيز مجز لجوال القمح مقداره 13500 جنيه.
قام البعض بإجراء بعض العمليات الحسابية وقالوا ان هذا السعر أعلى من سعر القمح عالمياً، قد يكون هذا القول صحيحاً من ناحية الأرقام، لكن التقييم ينبغي أن يشمل قيمة تحقيق الأمن الغذائي من خلال الإنتاج المحلي، والأثر الممتد للسعر المجزي في تشجيع الإنتاج والوصول لمرحلة الاكتفاء الذاتي ومن بعد ذلك التصدير كعنصر أساسي لتحقيق التوازن في الميزان التجاري المؤدي للاستقرار الاقتصادي، وخفض التضخم.
معلوم أن سعر التركيز أو السعر التأشيري مقصود به تشجيع مزارع القمح، والأصل ان يكون السعر حراً تماماً، ولكن لكي لا يتضرر المزارع بانخفاض السعر، اذا كان هناك انتاج كبير، تقول الحكومة للمزارع نحن (عبر البنك الزراعي) نشتري منك بسعر التركيز، لا تقلق، معنى هذا اذا وجد المزارع سعراً أعلى فلا يوجد ما يمنعه من بيع محصوله به.
وعلى هذا يكون قرار والي الولاية الشمالية البروفسيور آمال محمد عثمان بمنع تداول القمح وعدم بيعه الا للبنك الزراعي غير مناسب، ويتعارض مع تحرير الاقتصاد، وتشجيع المنتجين.
طبعاً إذا كان هناك عقد سلم بين البنك الزراعي وبعض المزارعين يقضي بتسليم جزء من الإنتاج عيناً للبنك مقابل التمويل فإن الوضع يختلف. حيث أن العقد شريعة المتعاقدين، ويحق للبنك متابعة استرداد التمويل الذي منحه بالطرق القانونية.
من ناحية أخرى نشير إلى أن الكميات المنتجة من القمح في كل أنحاء السودان لا تتجاوز ٤٠% من حاجة الاستهلاك، في أحسن الأحوال. لهذا فإن حاجتنا لاستيراد القمح سوف تستمر مع ما يمثله هذا من ضغوط على موارد البلاد من العملات الأجنبية الحرة.
بإمكان السودان تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح، بل تغطية احتياجات الدول العربية منه اذا استطعنا زراعة التروس العليا بولايتي الشمالية ونهر النيل، واستغلال مساحات واسعة كذلك بشمال كردفان، فقط نحتاج للطاقة لضخ المياه من الحوض الجوفي النوبي لهذه الأراضي البكر، وهذا يحتاج لاستثمارات ضخمة، وبالطبع يعد تحرير سعر الصرف من أكبر عناصر التشجيع لانسياب مثل هذه الاستثمارات.
وعلى هذا نلاحظ الارتباط الوثيق ما بين تحرير سعر الصرف وتشجيع الإنتاج وتشجيع انسياب الاستثمارات لقطاع الطاقة كأولوية. والله الموفق.
# نشر بصحيفة السوداني