أصدر احمد عثمان حمزة والي ولاية الخرطوم المكلف قانونا بأمر محلي قضى بحظر ركوب أي شخص بخلاف السائق على الدراجة النارية. القانون هو امر استثنائي اقتضته ظروف تزايد حالات السرقة بالقوة التي ازدادت بصورة كبيرة مؤخرا، ويطلق على مرتكبيها مصطلح تسعة طويلة.
نعى البعض على نص القانون أنه لم يجرم عدم وضع اللوحات على المواتر، وعدم ترخيصها، وسؤ استخدامها في الطرقات، وإصدارها لأصوات عالية، طبعا كل هذه الأفعال مضمنة في قانون المرور وهو قانون سار لهذا لا يوجد مبرر لتضمينها هذا القانون الخاص.
هذا الأمر المحلي هو محاولة جادة لمحاصرة ظاهرة السرقة بالقوة التي تفشت مؤخرا بسبب تزايد الفقر والبطالة، ووجود تباين واسع جدا في مستويات المعيشة بين سكان الاحياء المخططة في مدن ولاية الخرطوم وسكان الأحياء العشوائية في أطراف هذه المدن.
الفقر المدقع، مقترنا بالجهل وقلة التعليم، وانعدام فرص العمل، وضعف فعالية الكوابح الدينية والأخلاقية، وضعف الشرطة البائن مقترنا بقلة الاحترام لها، جعل العشرات من الشباب يتجه للجريمة كمصدر للدخل، وللتنفيس عن الحقد الإجتماعي الناجم عن التمايز ما بين سكان لديهم كل وسائل الرفاهية، من سكن لائق وكهرباء ومياه وقدرة على الانفاق والشراء، وسكان العشوائيات والأحياء الطرفية المحرومين من كل ذلك.
وفقاً لهذا التحليل فإن الإجراءات الأمنية، والضوابط الاحترازية تسهم في التقليل من الظاهرة الاجرامية، ولكنها بالطبع ليست العلاج الناجع لها.
ان المعالجة الاساسية لهذه الظاهرة وغيرها من الظواهر الاجتماعية السالبة مثل الاتجار في المخدرات، والدعارة، والرشوة يكون بتحريك جمود الاقتصاد، فتحسين الوضع الاقتصادي هو الكفيل بخفض نسب البطالة والفقر، ويتم تحريك جمود الاقتصاد عن طريق المعونة الإنمائية الرسمية ODA وهي المعونات والقروض والمنح التي تضخ في اقتصادنا من دول ومنظمات أجنبية، والاستثمار الأجنبي المباشر FDI ، وتشجيع المستثمرين الوطنيين وحمايتهم، وتيسير الحصول على التمويل من المصارف، وتشجيع التمويل الأصغر، وتبسيط إجراءات الحصول على تراخيص العمل المختلفة وتسهيل هجرة الكوادر التي لا تحتاجها البلاد.
على الدولة السعي نحو تنفيذ المعالجات الكلية على النحو الذي أشرنا إليه بالسرعة المطلوبة، وبغير هذا سوف تتفجر الأوضاع الأمنية لتصل مرحلة الحرب الأهلية، وقى الله بلادنا وأهلنا هذا المصير، آمين.