
بعد إعادة ترتيب أولويات المركز القومي للمعلومات، بدأنا ننتقل من مرحلة التأسيس إلى مرحلة الإنجاز. كان الهدف واضحا: “أن تتحول التقنية من بنية تحتية صامتة إلى خدمة نابضة بالحياة تمس المواطن مباشرة”.
احتجنا إلى مشروع وطني يكون بمثابة الاختبار الحقيقي لقدرتنا على تحقيق هذا التحول، فكانت البداية مع مشروع التقديم والقبول الإلكتروني للجامعات السودانية، الذي اعتبره كثيرون حينها مغامرة محفوفة بالمخاطر.
كيف يمكن أن نقنع آلاف الطلاب وأولياء أمورهم بالإنتقال من نظام ورقي ظل يعمل بعمر أول تقديم للجامعات السودانية، رغم الاصطفاف الطويل، ورهق الإجراءات إلى شاشة الحاسوب والموبايل؟
وكيف نضمن العدالة، ونواجه تحديات الاتصالات وضعف الإنترنت، وغياب التجربة السابقة؟
كانت الإجابة في الإيمان والعمل الجماعي، والتنسيق المحكم بين الشركاء.
تكونت فرق عمل من صناع القرار والخبراء والمهندسين في وزارة التعليم العالي والمركز القومي للمعلومات وبقية الجهات ذات الصلة.
عمل الجميع بروح الفريق الواحد، تجاوزوا العقبات التقنية والإدارية، ووضعوا مصلحة الطالب فوق كل اعتبار.
كانت اجتماعاتهم تمتد لساعات طويلة، يراجعون فيها التفاصيل الصغيرة، من تصميم النوافذ الإلكترونية إلى آليات الدفع والتحقق من البيانات، حتى يخرج المشروع في صورة تليق بوطن يخطو بثقة نحو المستقبل.
كان صيف عام 2015م، أول دورة للقبول الإلكتروني رسميا. كانت لحظة وطنية نادرة، امتزج فيها القلق بالأمل، ومع مرور الساعات الأولى، بدأت الطلبات تتدفق بسلاسة عبر النظام، وظهرت أولى نتائج النجاح الملموسة.
كتب الطلاب وأولياء الأمور تعليقاتهم بانبهار وسعادة، بعد أن اختصر النظام عناء السفر، وخفف التكاليف، مما زاد الثقة في النظام.
ذلك النجاح لم يكن مجرد إنجاز تقني، بل تحول ثقافي غير نظرة المجتمع للخدمة العامة، وأثبت أن التحول الرقمي ليس ترفا إداريا، بل مسارا لبناء الثقة بين الدولة والمواطن.
ومن رحم هذه التجربة، انطلقت مشاريع أخرى في مجالات الحج ، والخدمات الهجرية الجوازات والتعليم والصحة، والدفع الالكتروني الموحد “إيصال ١٥ الالكتروني” لترسخ قاعدة العمل الرقمي المشترك في السودان.
في الحلقة القادمة، سنتحدث عن الانتقال من الخدمات المنفصلة إلى الحكومة الموحدة، وكيف بدأ السودان يخطو خطواته الأولى نحو مفهوم «البوابة الحكومية الشاملة».
٨ أكتوبر ٢٠٢٥م




انجاز عظيم بدون شك وفر وقت ومال وجهد يستحق الإشادة والتقدير
ياسلام بالجد رجل يستحقق ان تقف لهو اجيال مثلاً الاعلي بالتوفيق وربنا يصلح الحال لاحسن حال