
آ
البوابة الإلكترونية ،،، الوجه الرقمي المشرق.
حينما بدأ التخطيط لإنشاء البوابة الإلكترونية للسودان، لم تكن المهمة سهلة ولا الطريق ممهدا. كان المشروع أكثر من مجرد منصة رقمية، كان رؤية وطنية تهدف إلى توحيد خدمات الدولة تحت مظلة واحدة، وتقديم وجه حديث يعكس تطلعاتنا نحو المستقبل.
في تلك البدايات، كان لا بد من تخطيط متقن وإدارة منفتحة للشركاء، تجمع بين مؤسسات الدولة، والقطاع الخاص، والمجتمع التقني. كانت الفكرة أن تكون البوابة ملكا للجميع، لا مشروعا لمركز القومي للمعلومات، وقد تحقق ذلك عبر نموذج تشاركي أدار العملية بانفتاح ومسؤولية، حيث تم الاستماع لكل الآراء، وتبادل الخبرات، ودمج الطاقات في هدف واحد: “بناء واجهة رقمية تليق بالسودان”.
داخل المركز القومي للمعلومات، تم تكوين فريق احترافي متنوع المهارات من خيرة الكفاءات، جمع بين مطوري النظم ومهندسي البنى التحتية وخبراء المحتوى والتصميم. وقاد هذا الفريق المدير الهمام د. أبوبكر الروي، الذي تولى المهمة بروح القائد الملهم، فغرس في فريقه روح الانتماء والمسؤولية، وفتح أمامهم مساحات الإبداع والإبتكار، فكانوا نموذجا لما يمكن أن تصنعه القيادة الواعية حين تلتقي بالعزيمة.
عمل المهندسون المهرة بإخلاص وتفان، يؤمنون بأن النجاح الحقيقي لا يقاس بالأنظمة ولا بالأكواد، بل بقدرتهم على تسهيل حياة المواطنين وتقديم خدمة تليق بهم. فكانت ثمرة جهدهم المتواصل بوابة وطنية متكاملة تمثل واجهة السودان الرقمية للعالم.
ورغم التحديات الجسام التي واجهتهم — من شح الموارد، وضعف البنية التحتية، إلى مقاومة التغيير ومصالح المتضررين الذين لم يتقبلوا التحول نحو الشفافية الرقمية – إلا أن الفريق مضى بثقة وإصرار، مؤمنا بأن التغيير لا يولد في بيئة مريحة – . وبفضل تلك العزيمة، أصبحت البوابة الإلكترونية رمزا للإنجاز، وواجهة مشرقة تعكس صورة السودان الطامح إلى التحديث.
لقد قدمت البوابة خدمات جليلة للمواطنين، فاختصرت الخطوات، ووحدت الإجراءات، ورفعت مستوى الشفافية، ومهدت الطريق لمشاريع التحول الرقمي الأخرى التي تلتها.
إنها كانت خطوة تأسيسية في رحلة السودان الرقمية، وذكرى تستحق أن تروى للأجيال القادمة باعتبارها شاهدا على أن العمل الجماعي الصادق قادر على تحقيق المعجزات.
واليوم، وبعد أن دمرت الحرب البوابة وغيرها من البنى التحتية الرقمية، نقف أمام مرحلة جديدة من إعادة البناء، مرحلة تتطلب منا أن نستعيد روح البدايات الأولى ذاتها، لكن بأدوات هذا العصر. بين أيدينا اليوم تقنيات حديثة مثل الذكاء الاصطناعي والتحليلات الذكية والأنظمة السحابية، التي يمكن أن تجعل بوابة السودان القادمة أكثر ذكاءا وشمولا . ومن هنا، فإنني أوجه الدعوة إلى كل المخلصين — من خبراء ومهندسين بالمركز القومي للمعلومات وشركاء النجاح معهم من مؤسسات الدولة المختلفة — للعودة مجددا إلى بناء “بوابة السودان الذكية”، بوابة المستقبل التي تجمع أبناء الوطن على منصة واحدة، وتعيد للسودان موقعه المستحق في الفضاء الإلكتروني الذكي”.
في العمود القادم نحكي لكم قصة البنية التحتية و مركز البيانات الوطني بالمركز القومي للمعلومات.
١١ أكتوبر ٢٠٢٥م