بمشاركة وزير الدفاع علي رأس وفد عسكري سوداني رفيع – “بهاري سلامة 1”.. مناورة شرق أفريقيا لتأمين البحر الأحمر وممرات القرن الحيوية

16 أكتوبر 2025 – مدينة جيبوتي
اختتمت قوة شرق أفريقيا الاحتياطية (EASF) بنجاح أول تمرين بحري من نوعه في تاريخها تحت مسمى “بهاري سلامة 1”، وذلك في قاعدة دوراليه العسكرية بمدينة جيبوتي.
ويمثل هذا التمرين علامة فارقة في مساعي المنظمة لتعزيز الأمن البحري الإقليمي وتطوير قدراتها في دعم عمليات حفظ السلام في منطقة شرق أفريقيا.
شهد حفل الختام حضور عدد من كبار الشخصيات، من بينهم ضيف الشرف، وزير دفاع جمهورية جيبوتي السيد حسن عمر محمد، ونائب رئيس مجلس وزراء الدفاع والأمن في EASF الفريق أول الركن حسن داوود كبرون ، وزير الدفاع بجمهورية السودان، ووزير الدفاع وشؤون المحاربين القدامى في أوغندا السيد جاكوب ماركسونز أوبوث، إلى جانب أعضاء السلك الدبلوماسي والسفراء المعتمدين لدى جيبوتي وملحقي الدفاع وممثلي المنظمات الشريكة لـEASF.
استضافت جمهورية جيبوتي هذا التمرين الذي استمر أسبوعين، وجمع ممثلين عن دول أعضاء EASF، ورؤساء أركان الدفاع في المنطقة، وأعضاء مجلس وزراء الدفاع، ودبلوماسيين وملحقي دفاع وشركاء دوليين، في تجسيدٍ للتضامن الإقليمي والالتزام المشترك بالسلام والتعاون البحري
_______________


كتب : مجدي عبدالعزيز – رئيس التحرير
مع تصاعد التهديدات العابرة للحدود في البحر الأحمر وخليج عدن، أنهت القوة الاحتياطية لشرق أفريقيا (EASF) أول تمرين بحري لها تحت مسمى «بهاري سلامة 1» في جيبوتي، خلال الفترة من 7 إلى 16 أكتوبر 2025م، بمشاركة ممثلين عسكريين وشرطيين ومدنيين من عشر دول أفريقية.
التمرين، الذي وُصف بأنه الأول من نوعه في تاريخ القوة، لم يكن مجرد عرضٍ عسكري، بل اختبار عملي لقدرة المنظومة الإقليمية على إدارة عمليات بحرية مشتركة، والتعامل مع التحديات المتنامية في الممرات الحيوية التي تربط البحر الأحمر بالمحيط الهندي.
أمن البحر الأحمر بين القرصنة والجغرافيا السياسية
تأتي المناورة في ظل تحوّل البحر الأحمر إلى مسرح تنافس استراتيجي بين القوى الإقليمية والدولية. فبينما تتزايد التحركات الأجنبية في قواعد جيبوتي، وتتصاعد الهجمات على السفن في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، تحاول دول شرق أفريقيا تأكيد حقها في حماية مياهها ومصالحها.
ويشير مراقبون إلى أن تمرين «بهاري سلامة 1» يمثل ردًا مؤسسيًا أفريقيًا على تلك التحديات، عبر بناء قدرات محلية قادرة على المراقبة والاستجابة للطوارئ البحرية، بدلاً من الاعتماد على القوى الأجنبية التي لطالما تولّت هذا الدور منذ مطلع الألفية.
مشاركة سودانية رفيعة


حظي التمرين بمشاركة السودان بوفد عسكري رفيع المستوى برئاسة الفريق الركن حسن داوود كبرون، وزير الدفاع (ونائب رئيس مجلس وزراء الدفاع والأمن في EASF ) ، الذي شارك في مراسم الافتتاح والختام إلى جانب نظرائه من وزراء الدفاع في دول شرق أفريقيا.
وقد أكد الوزير كبرون – في تصريحات على هامش المناسبة – حرص السودان على تعزيز التعاون الدفاعي والأمني البحري، مشيرًا إلى أن بلاده تمثل حلقة الوصل الطبيعية بين البحر الأحمر والعمق الأفريقي، وأن تأمين الممرات البحرية مسؤولية جماعية تصب في استقرار القارة.
تمرين القيادة والسيطرة البحرية
اعتمد التمرين نموذج القيادة والسيطرة البحرية (MCPX)، ما جعله تدريبًا عملياتيًا عالي المستوى، استند إلى محاكاة مواقف حقيقية، وتنسيق مباشر بين القوات البحرية وخفر السواحل وأجهزة الشرطة في الدول المشاركة.
وتضمّنت السيناريوهات التصدي للقرصنة والإرهاب البحري، ومكافحة التهريب والصيد غير المشروع، والاستجابة للكوارث البيئية والإنسانية، في إطار تعزيز الجاهزية الجماعية لإدارة الأزمات البحرية التي تمس الأمن الإقليمي والاقتصادي والبيئي لدول المنطقة.
إشارات سياسية عميقة
يحمل التمرين أيضًا أبعادًا سياسية لافتة؛ فهو يعكس تحول مركز الثقل الأمني في شرق أفريقيا نحو العمل الجماعي الأفريقي، كما يتقاطع مع مدوّنة سلوك جيبوتي الخاصة بالتعاون البحري في غرب المحيط الهندي والبحر الأحمر.
وجاء تنظيم التمرين متزامنًا مع الذكرى العشرين لتأسيس قوة شرق أفريقيا الاحتياطية، حيث تمّ تدشين كتاب تذكاري بثلاث لغات (العربية، والإنجليزية، والفرنسية) يوثّق مسيرة القوة وإنجازاتها، في دلالة رمزية على انفتاحها على بيئاتها الأفريقية والعربية والدولية.
جيبوتي.. مركز الثقل البحري الجديد




اختيار جيبوتي لاستضافة هذا التمرين يعكس اعترافًا بدورها المتصاعد كعاصمة للأمن البحري في القرن الأفريقي، فهي مركز تلتقي فيه القواعد الدولية الكبرى، وموقع تتقاطع عنده مصالح الشرق والغرب.
وبهذا الحدث، وجّهت دول شرق أفريقيا رسالة واضحة: أن أمن البحر الأحمر وخليج عدن شأن أفريقي أولًا، وأن القارة بدأت تبلور رؤيتها الخاصة لحماية ممراتها البحرية ومصالحها الاستراتيجية.
خاتمة
إن تمرين «بهاري سلاما 1» لا يُقاس فقط بما تضمنه من محاكاة لعمليات بحرية، بل بما يحمله من دلالات استراتيجية على نضوج الوعي الأمني الأفريقي، وقدرته على الانتقال من الاستجابة الفردية إلى التخطيط الجماعي المؤسسي.
وبالنسبة للسودان، فإن المشاركة الفاعلة في هذا التمرين تمثل تأكيدًا على حضوره العسكري والدبلوماسي في منظومة الأمن البحري الإقليمي، واستعداده للاضطلاع بدور محوري في تأمين البحر الأحمر بالتنسيق مع أشقائه في شرق أفريقيا ودول الإقليم العربي