الرواية الأولى

نروي لتعرف

نحو الغد / عبدالله حميدة

(بقاء الإنسانية رهين بالاستشهاد).

عبدالله حميدة


في المقدمة التي كتبها المفكر الفيلسوف الأديب عباس محمود العقاد استهالالا لمؤلفه الشهير : “الحسين سيد الشهداء”
دروس وعبر ونفاذ بصيرة وبعد نظر ميّزه عن كثير من كتاب عصره بمكانة سامقة واستاذية فريدة.
ورغم مرور عشرات السنين على كتابة تلك المقدمة، فإن من يقرؤها اليوم يظن انها ما كتبت إلا له ولزمانه لما فيها من تجاوز لمحدودية الزمان والمكان ولما تناولته من علاقة سببية بين المٌثل العليا وتقرير مصير المجتمع الإنساني ، إذ يقول
العقاد في هذا المقام : (إن مشكلة الحياة الكبرى لم تتغير منذ 1300 سنة. ولا تزال الحرب علي اشدها بين خدام انفسهم
وخدام العقائد والمثل العليا ، ولم يزل الشهداء يصلونها نارا حامية ضد عبيد البطون والاكباد).
ولعله يريد القول إن تاريخ الإنسانية يتجدد ويتناسخ كل يوم وذلك خلافا لما تواتر عن المقولة الشهيرة : “إن التاريخ لا يعيد نفسه” فهو على ثقة من أن الصراع بين الحق والباطل وبين الحياة والموت وبين روح الإنسان التواقة إلى العدل
والخير والكمال، وبين جسده المادي المجبول علي حب الذات وخداع الأطماع والاستغراق في الملذات والشهوات ، سيظل –
إلى ان يرث الله الأرض ومن عليها – مستمرا بين البغاة المتوحشين ، وبين طالبي القسط والامن وسيادة الفطرة البشرية التي جبل الله الملك الحق ، الناس عليها.
ويرثي العقاد لحال البشرية التي لن تستقيم حياتها ولن تعتدل او تستقر إلا بتضحية بعض بنيها بأنفسهم في سبيلها بدمائهم وارواحهم، فيقول: ” مسكينة هذه الحياة! لا تزال في عطش شديد إلى دماء الشهداء ، بل لعل العطش الشديد يزداد كلما زادت فيها آفات الاثرة والأنانية ونسيان المصلحة الخالدة في سبيل المصلحة الزائلة ، او لعل العطش الشديد إلى دماء الشهداء يزداد في هذا الزمن – خاصة – دون سائر الأزمنة الغابرة ( لأنه زمن وحدة الضمير الإنساني . ولن توجد هذه الوحدة إلا اذا وجد الشهداء في سبيلها والعمل الخالص لوجه الحق والكمال. فلا بقاء للإنسانية بغير هذا السلوك البشري.. حين ينسى الفرد مصلحته بل حياته في سبيلها .)
ترى ماذا كان سيقول هذا المفكر الفيلسوف الفذ لو عاش وشهد تتار العصر وابصر بعينيه جنكيز خان وهولاكو يجوسون خلال الديار السودانية ، يخربون المدن وينتهكون الأعراض وينهبون الاموال ويقتلون العزل الأبرياء ؟ هل كان سينادي بصوت متحشرج ان ( لا للحرب ؟) او يستنجد بالقوي الاقليمية والدولية ؟ او تستحيل القضية في ذهنه الي مجردصيحات لطلب الاغاثة ؟ او استدعاء للقوات الدولية ؟او

اترك رد

error: Content is protected !!