د. عادل عبدالعزيز
تصاعدت قيمة العملات الأجنبية وعلى رأسها الدولار الأمريكي مقابل الجنيه السوداني، حيث بلغت قيمة الدولار الواحد في الاسبوع الثالث من نوفمبر الحالي ما يعادل 1050 جنيه سوداني في السوق الموازي (السوداء) فيما بلغ السعر الرسمي حوالي 763 جنيها سودانيا مقابل الدولار. يعد هذا الارتفاع وهو الأكبر من نوعه نتيجة طبيعية لاستمرار الحرب في السودان، التي دخلت شهرها السابع، حيث يعتقد أن بنك السودان المركزي لم يعد قادرا على التحكم في قيمة العملة السودانية مقابل العملات الأجنبية، وفق نظام الصرف المرن المدار الذي يتبعه كسياسة نقدية. يعود السبب الاساسي في عدم قدرة بنك السودان على التحكم في العملة لانخفاض احتياطاته من النقد الأجنبي والذهب ، والتي كانت تأتي من ثلاثة مصادر اساسية، الاول عائدات الصادرات، والثاني مبيعات الدولة من البترول وعائدات خط أنابيب صادر خام دولة جنوب السودان ، والثالث تحويلات المهاجرين. بالنسبة للعنصر الأول، المتعلق بعائدات الصادرات، فيشار إلى أن الصادر السوداني من مختلف السلع قد تأثر بسبب الحرب، وانقطاع سلاسل النقل والتخزين، فضلا عن أن حجما مقدرا من الصادرات الحيوانية يذهب لجمهورية مصر العربية من خلال استخدام العملات المحلية التي لا تشكل رصيدا بالعملة الأجنبية لدى بنك السودان. أما العنصر الثاني المتعلق بصادر خام البترول السوداني وعائدات خط الأنابيب فقد تأثرت بسبب وجود الحقول والمنشآت في مناطق دارت فيها معارك حربية. أما العنصر الثالث المتعلق بتحويلات المهاجرين فيعتقد أن توقف الصرافات وفروع البنوك لعب دورا رئيسيا في ضعف العائد منه ، فضلا عن اتجاه جانب من التحويلات للدول التي لجأت لها الأسر السودانية مثل مصر ويوغندا ودول الخليج العربي. أهم أثر سالب لانخفاض قيمة العملة السودانية أمام العملات الأجنبية يتمثل في ارتفاع تكلفة الواردات خصوصاً مدخلات الإنتاج الزراعي والصناعي، وارتفاع تكلفة النقل بارتفاع أسعار المحروقات المختلفة، يؤدي هذا لانخفاض تنافسية السلعة السودانية القابلة للتصدير.
من ناحية ثانية يؤدي انخفاض قيمة العملة السودانية أمام العملات الأجنبية لارتفاع أسعار السلع الغذائية المستوردة التي يستخدمها السكان المحليون مثل دقيق الخبز والسكر وزيوت الطعام والأرز والصابون وغيرها، يؤدي هذا لارتفاع نسبة التضخم كذلك. وقد يعود التضخم ليبلغ ثلاثة أرقام، وهذه مشكلة اقتصادية كبيرة.
يعتقد أن المعالجة ينبغي أنه تتجه لمحاولة حصول بنك السودان على وديعة بالنقد الأجنبي بقيمة معتبرة من دولة شقيقة مثل قطر، فضلا عن العمل على الإلزام باستعادة عائد الصادر من المصدرين لكل السلع وعلى الأخص الذهب. وفوق هذا وذاك العمل على إيقاف الحرب باستكمال عمل الجيش الوطني في حسم عصابات الدعم السريع المتمردة. والله الموفق