الرواية الأولى

نروي لتعرف

الرواية الأولى / مجدي عبدالعزيز

الولاية على المال العام : معركة د. جبريل التي أربكت الفاسدين

مجدي عبدالعزيز

▪️ بلا شك هذا زمانٌ تتقاطع فيه المعارك العسكرية مع الحروب الاقتصادية، وتتماهى فيه الخطوط بين ميادين السلاح ومواقع القرار المالي .. في الفترة السابقة توقفت كثيراً وبحثت اكثر ودققت فيما توصلت اليه حتي افصح عن رأيي اليوم بتماسك وقوة وصراحة وهو أن وجود الدكتور جبريل إبراهيم في هذه اللحظة الوطنية يمثل أحد أعمدة الصمود الوطني، وقائد جبهة لا تقل ضراوة عن خطوط النار.

▪️إن وجوده في قيادة وزارة المالية، وإعادة تعيينه وزيرًا في حكومة الأمل برئاسة د. كامل إدريس، ليس مجرد قرار سياسي ، بل هو رهان واعٍ على فرسٍ خبيرٍ بالسباق، ومجرب في ميادين الإدارة والتخطيط المالي، وقد أثبت في سابقة أدائه أنه أحد أعمدة الوطن الذي ينهض الان من تحت ركام الحرب.

▪️خلال فترته السابقة، لم يكتفِ د. جبريل بإدارة شؤون المالية العامة، بل تحوّل إلى مركز ثقل اقتصادي وسياسي أسهم في تمويل معركة الكرامة ودعم القوات المسلحة السودانية في لحظة فارقة من تاريخ البلاد. ففي الوقت الذي تعطّلت فيه كثير من عوامل الإنتاج وتوقفت الإيرادات العامة، حافظ الرجل على قدر كبير من التوازن المالي، ووجّه الموارد المحدودة نحو الأولويات القصوى: المجهود الحربي، حشد التمويل للمواسم الزراعية، دعم الطاقة، الشروع في تحريك قطاعات الصناعة والنفط ،والمعادن ، والإسهام في إعادة الخدمات للمواطنين.

▪️إلى جانب دوره الحيوي في الاقتصاد الكلي، يخوض د. جبريل معركة أخرى لا تقلّ شراسة: إنها معركة الدفاع عن المال العام في مواجهة أدوات الحرب الاقتصادية التي تنشرها الجهات الطامعة في البلاد. كما إن لأعداء السودان ادوات اعتداء عسكرية متمثلة في المليشيا المتمردة وحلفاءها السياسين ، فإن لنفس هؤلاء الأعداء – وما زلت صريحاً – أدوات ناعمة ممثلة في منظومات اقتصادية عميلة، وفاعلين تجاريين مشبوهين، وعناصر مخرّبة داخل المؤسسات الرسمية، وأصحاب نفوس ضعيفة يلهثون خلف الربح السريع على حساب الوطن.
وفي مواجهة هذا التحدي وما شابهه ، اختار د. جبريل سلاح الإصلاح الهيكلي، فدفع بتعديلات جوهرية في القوانين المالية لتحقيق الولاية الحصرية لوزارة المالية على المال العام، وأزال التعارضات القانونية التي كانت تعيق هذه الولاية، وعزز من قدرات ديوان الحسابات والمراجعة الداخلية، وأسّس لنهج مؤسسي يقوم على الشفافية والمساءلة والضبط المالي الرشيد.

▪️يأتي جبريل إلى موقعه برؤية اقتصادية شاملة تنسجم مع الاستراتيجية الوطنية، رؤية تنطلق من الإدراك العميق لحجم الثروات الكامنة في السودان، وضرورة استنهاضها بطريقة علمية ومنضبطة. ومن موقعه في وزارة المالية، يدفع نحو إعادة توجيه الموارد لدعم قطاعات الإنتاج، وتحقيق التنمية المتوازنة، وصيانة استقرار الخدمة المدنية باعتبارها العمود الفقري لبناء الدولة.

▪️ورغم شح الموارد وتعطل الإيرادات، لم يتخلّ جبريل عن مسؤوليته تجاه العاملين في الدولة، فبذل جهودًا كبيرة لضمان صرف المرتبات في وقت كادت تنهار فيه المنظومة الإدارية للدولة، مدركًا أن الاستثمار في الكفاءات هو أساس أي إصلاح اقتصادي.

▪️على الصعيد الدولي، واصل جبريل التعاون مع صندوق النقد الدولي وفق رؤية متوازنة، حرص فيها على إدخال التعديلات اللازمة على السياسات الاقتصادية بما يتناسب مع الواقع السوداني، دون الارتهان الكامل لشروط قد تضر بمستقبل البلاد. فتح نوافذ للتعاون تضمن تحقيق المصالح الوطنية العليا دون أن تضع السودان تحت عبء التزامات مرهقة أو تفريط في قراره السيادي.

▪️لم يكن د. جبريل غريبًا عن عالم المال والأعمال. فكما هو معروف من سيرته الذاتية درس الاقتصاد بجامعة الخرطوم وتخرج فيها عام 1980، ثم نال درجتي الماجستير والدكتوراة في علم الاقتصاد من جامعة ميجي بطوكيو، ما جعله يتمتع بتكوين أكاديمي رفيع المستوى، وتجربة عالمية واسعة.

▪️وبعد عودته، انخرط في العمل التجاري، وأسس عدة شركات في السودان وتشاد ودبي، في مجالات النقل الجوي والبري والشحن، ما منحه خبرة عملية عميقة، ومعرفة دقيقة بالأسواق، ونظرة واقعية لآليات الاقتصاد في البيئات المتقلبة.

▪️ليس غريبًا أن يتعرض د. جبريل لحملات منظمة، وأن تنهال عليه السهام من كل جهة ،، وكل الاتهامات الجزافية التي وجهت نحوه لم يستطع مروجها ايجاد دلائل إثباتها – وكان هذا مبحث مضني لي – فالرجل ببساطة ينغّص على المفسدين أحلامهم، ويغلق أمام العابثين بوابات المال العام، ويزعج المتكسبين من الفوضى والانفلات .. وهو يفعل ذلك بثبات، وعقلانية .
وبذلك يثبت أنه لا يخوض حرب المال فقط، بل يحارب من أجل استعادة هيبة الدولة، وسيادة القانون، واستقلال القرار الاقتصادي. ومن كان هذا دأبه، لا بد أن يكون موضع دعم لا تشكيك، ومحل إجماع لا تآمر.

▪️ففي هذا الزمن الصعب، وبنفس الصراحة التي استهللت بها : نحتاج إلى من يشبه د. جبريل.. لا من يشكّك فيه.

،، والي الملتقي ..

اترك رد

error: Content is protected !!